هل تخلّت إيران عن حلفائها التقليديين في بغداد كي تبحث عن وجوه جديدة وأصدقاء جُدد لتحسين علاقاتها مع دول الخليج أو الخارج، فلجأت إلى مصطفى الكاظمي (رجل الغرب) كما يُسميه الإطار التنسيقي للإستفادة منه في تحسين صورتها وبالمقابل تسويقه داخلياً في العراق؟.
خبر لم يُثر أي إهتمام إعلامي أو حتى سياسي بمكانه وزمانه، لكنه يحمل في طياته الكثير من أسرار ما يحدث من واقع المشهد السياسي في العراق وحتى القادم، زيارة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بمرافقة برهم صالح رئيس الجمهورية إلى إيران وحط الرِحال في فندق (أسبيناس) بالرغم من مغادرة قصورهم الرئاسية وترك السلطة، إلا أن الأضواء عادت من جديد لِتُسَلّط عليهم ولِتحمل أسئلة من الصعوبة أن تجد إجابات لها سوى في دهاليز السياسة وغُرف القرارات المظلمة.
تعددت الأسباب في توضيح الزيارة التي كان المُعلن منها أنها تأتي كذريعة لتقديم معلومات تخص حادثة إغتيال قاسم سُليماني قرب مطار بغداد عندما كان الكاظمي رئيساً لجهاز المخابرات قبل أن يصبح رئيساً للوزراء وبرهم صالح رئيس الجمهورية وقت الحادث، فيما أشارت مصادر أخرى أن الكاظمي يسعى لإكمال وساطته بين واشنطن وطهران تتعلق بالملف النووي الإيراني وعلاقات البلدين بشكل عام على غرار وساطته بين إيران والسعودية وإشرافه على خمس جولات حوار بين الطرفين، إلا إن أبسط مُراقب للمشهد السياسي في العراق لن يفوته أن الكاظمي هو خارج السلطة حالياً والجدوى من هذه المباحثات وحتى الغرض منها لتقودها دبلوماسية رجل خارج منطقة النفوذ.
كلما تقترب من فهم واقع النظام السياسي في العراق وترسم صورة واضحة لمشهد السلطة الحاكمة، كلما تزداد ضياعاً في متاهات الفوضى والإرباك والحيرة ليقودك في النهاية إلى سؤال ماذا يحدث في العراق؟.
لازالت الوجوه ذاتها منذ عقدين حتى وإن كانوا خارج دائرة السلطة، فقد إعتادوا الذهاب والإياب للولوج إلى عالم السياسة المفترض بهم.
ربما تكون الحقيقة الغائبة عن العقول أن إيران أدركت أن الوقت حان لتغيير أيديولوجياتها وطرق تعاملها مع الموقف، فالبراغماتية الإيرانية تكون حسب المّد والجَزِر في السياسة خصوصاً مع الضغط الأمريكي والشروط التي وضعتها الخزانة الأمريكية لمنع تهريب الدولار من العراق.
دعوة الكاظمي لزيارة طهران قد تكون رسالة واضحة موجّهة إلى السوداني ومِن ورائه الإطار التنسيقي خصوصاً بعد قبولهم بالشروط الأمريكية المفروضة وإحتمالية الوقوف بالضد من الحكومة العراقية فيما لو إستمرت بنفس النهج السياسي الذي إلتزمت به أمام البنك الفيدرالي.
إستقراء أسباب الزيارة يوضح الهدف منها بأخذ الموافقة للضغط على حكومة الإطار التنسيقي إلى غض الطرف وإغلاق ملفات الفساد التي حدثت خلال فترة ولاية الكاظمي ليتسنى له العودة إلى ميدان السياسة والتسابق الإنتخابي القادم ضمن القوائم الإنتخابية التي ستدخل الإنتخابات المحلية والبرلمانية المُزمع إجرائها في العراق، حيث تحمل زيارة وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان إلى بغداد هذه الافكار.
هل كان مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء وبرهم صالح رئيس الجمهورية السابقين مبعوثين من جهة ما؟ وهل لتوقيت الزيارة علاقة مع الشروط الأمريكية؟ وهل الجميع أصبح يبحث عن ملاذ آمن من فوضى ما يحدث؟ أسئلة كثيرة وأجوبة شحيحة لكنها بالتأكيد مُترابطة مع بعضها توحي بأن القادم يحمل الكثير من المتغيرات في العراق ومستقبله السياسي وديمومة نظامه الذي بدأ يخشى من ساعة الزلزال الذي يعصف به.
التعليقات