استفاق الشارع العراقي على وقع إعلان المحكمة الاتحادية إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب العراقي محمد ريكان الحلبوسي، على خلفية اتهامه من قبل النائب السابق في مجلس النواب ليث الدليمي بتزوير أوراق رسمية (طلب استقالة)، واستخدامها أداة لطرده من المؤسسة التشريعية. وقال سياسيون عراقيون إنَّ المحكمة الاتحادية عقدت طوال العام الماضي جلسات ومرافعات للنظر في الدعوى، لكنها المرة الأولى التي تصدر قراراً ملزماً ضد رئيس البرلمان. وقد وصف الحلبوسي، خلال كلمة في المجلس، قرار المحكمة بـ"الغريب"، واتهم جهات لم يسمها بالسعي إلى "تفتيت المكونات الاجتماعية".

تعد رئاسة مجلس النواب أعلى منصب يتولاه مسلم سني وفقاً للنظام السياسي "الطائفي"، الذي تأسس في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، بينما يتقلد مسلم شيعي رئاسة الحكومة، ويتولى كردي رئاسة الجمهورية. وقال حزب "تقدم" برئاسة الحلبوسي، في بيان، إن الوزراء الثلاثة الذين ينتمون إلى الحزب، وهم وزير التخطيط محمد التميم ووزير الصناعة خالد بتال ووزير الثقافة أحمد البدراني، قدموا استقالات جماعية، رداً على إنهاء عضوية الحلبوسي من مجلس النواب.

تولى الحلبوسي، المحافظ السابق لمحافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية، رئاسة البرلمان في العام 2018 بدعم من الكتل الموالية لإيران. وبدأ صعوده السريع ليصبح لاعباً رئيسياً على الساحة السياسية، ومحاوراً مميزاً للعديد من المستشاريات الغربية والعربية.

"وتنص المادة 93 من الدستور على أن من واجب المحكمة الاتحادية إقرار النتائج في البرلمان، ويمكن القول إنَّ القرار بحق الحلبوسي سياسي، لأن قرارات سياسية مشابهة اتخذت في السابق ضد الكورد أيضاً، لإضعاف موقف إقليم كوردستان والكورد في بغداد، وهو ما حدث في السابق، والحلبوسي نفسه أكد أن القرار مسيس".

وفيما كان الجميع ينتظر ما الذي يمكن أن يقوله بعد يومين من صدور واحد من أقسى الأحكام القضائية ضد أحد أضلاع المثلث الرئاسي، فوجئ الجميع باللغة الهادئة التي خاطب بها جمهوره الغاضب على ما اعتبره ظلماً، ليس بحق رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلاد (البرلمان) فقط، بل بحق مكون كامل هو المكون السني. الحلبوسي الذي قال في الكلمة التي وجهها للآلاف من المستقبلين إن ما حصل يعد ظلماً غير مقبول، دعا الجميع إلى الهدوء، قائلاً: "نحن لا نعصي الدولة، ولن نسمح لـ'الغربان السود' باستغلال المناسبة"، في إشارة إلى التنظيمات المتطرفة التي استغلت حراك الأنبار عام 2013 لتحدث أكبر حراك جماهيري آنذاك تخللته شعارات طائفية مثل "قادمون يا بغداد"، الأمر الذي مهد بعد عام إلى احتلال تنظيم داعش المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية.