أعياد الميلاد المجيدة تأتي وسط الألم والحزن جراء الواقع المرير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني بفعل الاحتلال الإسرائيلي، وبشكل خاص ما يحدث من إبادة جماعية في قطاع غزة، كذلك في الضفة الغربيَّة بما فيها القدس المحتلة، حيث تتواصل ممارسات جيش الاحتلال الانتقامية بالتوازي مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي راح ضحيته نحو 18800 مواطن ارتقوا شهداء، 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال، كما أصيب أكثر من 51 ألف مواطن، مع وجود عدد كبير في عداد المفقودين بالإضافة إلى 288 مواطناً استشهدوا وأصيب 3450، من بينهم ما لا يقل عن 535 طفلاً في الضفة الغربية، كما أصيب 84 مواطناً آخرين على يد مليشيات المستعمرين.

تهجير الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 1.8 مليون فلسطيني، في مشهد مماثل لمشهد نكبة عام 1948، حيث تم اتخاذ قرار من رؤساء القدس وبطاركتها يتمثل في إلغاء الاحتفالات بعيد الميلاد في مدينة المهد بيت لحم، وعدم إضاءة شجرة الميلاد التقليدية هناك، واقتصارها على الشعائر الدينية.

يأتي ذلك وسط استهداف طيران الاحتلال المؤسسات المسيحية والإسلامية ودور العبادة، وقصف المستشفيات والمدارس والمراكز الثقافية والمجتمعية، فيما الأوضاع في الضفة الغربية آخذة في التدهور جراء الإعدامات الميدانية واقتحامات المدن والقرى الفلسطينية، وما يقوم به المستعمرون من اعتداءات على المواطنين، فضلاً عن المحاولات الإسرائيلية للسيطرة على الأحياء العربية في القدس المحتلة، كما يحدث في الحي الأرمني الذي يتعرض لحملة شرسة للسيطرة عليه.

نستغرب استمرار الصمت الدولي وعدم قدرة مجلس الأمن على توفير العدالة، في ظل مواصلة حراك الجمعية العامة واتخاذ قرارات تطالب المجتمع الدولي استخدام أدواته الفاعلة لإجبار إسرائيل على الرضوخ وتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وإيقاف الحرب وكل إشكال العدوان والممارسات الانتقامية التي يرتكبها الاحتلال وتدميره كافة نواحي الحياة، من مبان سكنية وبنية تحتية ومنشآت خدماتية وحيوية ومدارس ومستشفيات، وضرورة الانسحاب الفوري من جميع الأراضي التي احتلها في القطاع، ومطالبته بوقف عدوانه ضد شعبنا في الضفة الغربية ووقف المستعمرين من الاعتداءات اليومية في مدينة القدس وسائر مدن الضفة الغربية.

لا بدَّ من ضرورة التحرك والعمل الجاد على وقف هذه الحملة الوحشية، والضغط في اتجاه وقف عاجل لإطلاق النار في غزة، خاصة أمام ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية من منع تمرير أي قرار لصالح الفلسطينيين، وخاصة وقف الإبادة الجماعية.

يجب على الكنائس والمؤسسات المسيحية في العالم أن تذكر في صلواتها وفي عظة الميلاد أطفال فلسطين ونساءها الذين استشهدوا وجرحوا ونزحوا، والمفقودين ومن حرمتهم آلة القتل الإسرائيلية فرح الميلاد. وفي هذا السياق، نثمن عالياً مواقف الكنائس التي تندد وتستنكر بشجاعة الجرائم الإسرائيلية، والتي تدافع عن حقوق شعبنا الفلسطيني لتحقيق العدالة، وتفانيها لنشر مبادئ الرحمة والمساواة والكرامة الإنسانية.

حان الوقت للخروج عن حالة الصمت والعمل الفعلي من أجل تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته للضغط على دولة الاحتلال لوقف فوري لإطلاق النار، والعمل على تبني مسار سياسي، يفضي بإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة والعادلة ومواصلة الجهود العربية والدولية المشتركة لتحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية، وتحقيق وقف إطلاق النار، وضرورة إيجاد حل عادل لتحقيق الأمن والاستقرار، ومنح شعبنا كل حقوقه المشروعة التي نصت عليها كل القوانين والأنظمة والاتفاقيات الدولية.