لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تدك قطاع غزة بالمتفجرات والقذائف التي توفرها الإدارة الأميركية جواً وبراً وبحراً منذ أكثر من شهرين، وسط تواصل عمليات التوغل البري في العديد من المحاور، ولا يمكن لحكومة التطرف التمادي في عدوانها على الشعب الفلسطيني واستمرارها في محاولة حسم مستقبل الشعب الفلسطيني من جانب واحد وبقوة الاحتلال، وبالأسلحة المحرمة دولياً وبأساليب تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي واتفاقيات السلام، حيث باتت تحدث تأثيرات استراتجية على طبيعة المتغيرات الدولية وأسس النظام العالمي.
مجازر الاحتلال تتواصل في ظل حرمان الشعب الفلسطيني من أبسط احتياجاته الإنسانية الأساسية، وتدمير جميع مقومات بقائه في أرض وطنه، في وقت تصعد فيه قوات الاحتلال من استباحتها لجميع مناطق الضفة المحتلة وتنكل بالمواطنين وتفرض عليهم عقوبات جماعية، لتسهيل الضم التدريجي المعلن وغير المعلن للضفة في ظل إخفاق المجتمع الدولي وقف الحرب الانتقامية وتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض وفقاً لمبدأ حل الدولتين.
فشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار لوقف إطلاق النار وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين والاكتفاء بصيغ ومواقف سياسية لا تتناسب مع ما تمارسه دولة الاحتلال من وقائع العدوان، وتفاخر حكومة التطرف بحرب الإبادة الجماعية واحتلال كامل لقطاع غزة وتفصيل مستقبل سياسي لغزة على مقاسها بعيداً عن حل للقضية الفلسطينية.
يجب أن تنسجم قرارات الأمم المتحدة مع المواقف الدولية المعلنة والتي تحذر من عمق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وتطالب بوقف العدوان، وما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتفاقم اعتداءات المستعمرين يتطلب ضرورة العمل وبشكل عاجل لممارسة ضغط حقيقي على مجلس الأمن حتى يتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في وقف العدوان المدمر، وأهمية تبني خارطة طريق سياسية تكفل حماية المدنيين وصولاً لحل القضية الفلسطينية وفقاً لمرجعيات السلام الدولية ومبادرة السلام العربية.
تتسم موقف إدارة الرئيس بايدن بالضبابية وعدم الوضوح تجاه الشعب الفلسطيني، بينما تستمر بمواقفها الداعمة للعدوان والحرب الانتقامية، حيث تمارس وتتخذ القرارات العدوانية وغير الأخلاقية بشأن دعم الاحتلال، والتي تعد انتهاكاً صارخاً لكل القيم والمبادئ الإنسانية. وتتحمل الولايات المتحدة مسؤولية الدماء النازفة لأطفال ونساء وشيوخ الفلسطينيين في قطاع غزة على يد قوات الاحتلال نتيجة سياستها المخزية المساندة للاحتلال والعدوان الهمجي.
السياسة الأميركية تجعل من الولايات المتحدة شريكاً في جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وجرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وهذه السياسة أصبحت تشكل خطراً على العالم وتهديداً للأمن والسلم الدوليين.
استمرار الإدارة الأميركية بدعم حكومة الاحتلال وممارسة حق النقض (الفيتو) الأميركي في مجلس الأمن واستمرار تحديها للمجتمع الدولي سيعطي ضوءاً أخضر إضافياً لدولة الاحتلال لمواصلة عدوانها، والمطلوب من الأسرة الدولية البحث عن حلول لوقف حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالذات في قطاع غزة، قبل أن تتحول هذه الأزمة الخطيرة إلى حرب دينية تهدد العالم بأسره.
ولا بدّ من أن تعمل الدول الأعضاء في مجلس الأمن الداعمة للشعب الفلسطيني، والتي انحازت للعدل والسلام والأخلاق الإنسانية وساندت القرار الداعي إلى وقف العدوان الإسرائيلي باعتباره تهديدًا للأمن والسلام العالمي، على مضاعفة جهودها لوضع حد لتطرف وانتقام حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ووضع حد لممارستها الإرهابية والعدوانية ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
التعليقات