إخفاق مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني يشكل وصمة عار ورخصة جديدة لدولة الاحتلال لمواصلة التقتيل والتدمير والتهجير. وقيام الولايات المتحدة الأميركية باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي، لمنع المجلس من إصدار قرار يلزم إسرائيل بوقف عدوانها، يعدّ سابقة هي الأولى من نوعها على مدار التاريخ الإنساني والقرار يشكل عاراً سيلاحق الولايات المتحدة سنوات طوال.
الموقف الأميركي العدواني وغير الأخلاقي يعد انتهاكاً صارخاً لكل القيم والمبادئ الإنسانية، وتتحمل الولايات المتحدة مسؤوليَّة ما يسيل من دماء الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين في قطاع غزة على يد قوات الاحتلال نتيجة سياستها المخزية المساندة للاحتلال والعدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني. هذا الإخفاق ينعكس سلباً على دور المجلس في حفظ السلم والأمن الدوليين وحماية المدنيين الأبرياء، وينبغي وضع حد لهذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة نتيجة استمرار العدوان الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ما من شك في أنَّ السياسة الأميركية تجعل من الولايات المتحدة شريكاً في جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وجرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس. وهذه السياسة أصبحت تشكل خطراً على العالم، وتهدد الأمن والسلم الدوليين.
هذا القرار الذي تحدَّت به الإدارة الأميركية المجتمع الدولي، سيعطي الضوء الأخضر لدولة الاحتلال لمواصلة عدوانها وارتكاب المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني، واستمرار الاحتلال بمواصلة واستكمال مخطط التهجير، وحصر من تبقى على قيد الحياة في غزة بمنطقة رفح جنوب القطاع، تمهيداً لترحيلهم إلى سيناء المصرية وإخراجهم تحت تهديدهم بالقتل، ومنع الغذاء والدواء والمياه عنهم. ويجب على المجتمع الدولي وقف حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
استخدام الفيتو يكشف أكذوبة الحرص على أرواح المدنيين، وما جرى بمثابة إهانة لأحرار العالم وانتهاك لقيم الحق والعدل والحرية وحقوق الإنسان ولكل الدول المنادية بحقوق الإنسان في اليوم العالمي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فميثاق الأمم المتحدة أصبح يفتقد قيمته بعد استخدام حق الفيتو الأميركي في ظل الاستخفاف بحياة البشر والتعامل بتمييز عنصري.
لا يمكن استمرار الصمت الدولي على تقديم مختلف أنواع الأسلحة من قبل الإدارة الأميركيَّة لدولة الاحتلال، حيث عملت شركة بوينغ على تسريع عملية تسليم الآلاف من القنابل التي تصنع في الولايات المتحدة لإسرائيل لاستخدامها في العدوان على غزة، وبيعها أسلحة فتاكة استخدمتها في تدمير قطاع غزة، وهو ما يظهر من خلال القصف الهمجي الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي على المنازل والأبراج وتدمرها فوق رؤوس المواطنين.
لا بدَّ من أن يتحمل مجلس الأمن الدولي مسؤولياته في هذه المرحلة الحرجة، وعدم إعطاء الاحتلال الإسرائيلي فرصة لمواصلة وتصعيد عدوانه على الشعب الفلسطيني، وضرورة مواصلة الجهود لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
ونقدر عالياً مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن، التي انحازت للعدل والسلام والأخلاق الإنسانية، وساندت القرار الداعي إلى وقف العدوان الإسرائيلي، باعتباره تهديدًا للأمن والسلام العالميين، ونتطلع إلى مواصلة جهودها لوقف العدوان وإدخال المساعدات الغذائية والدوائية والوقود وإعادة شريان الحياة المقطوع منذ أكثر من شهرين عن القطاع، وأن تتخذ هذه الدول قرارها التاريخي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.
التعليقات