أستعير كلمة "الكاميكاز" (الانتحاريون) اليابانية إلى سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي رغم الفارق في المعنى بين الثقافتين في استخدامها، ولكنها ربما تصلح اليوم لوصف الواقع الفلسطيني بعد الهجوم الذي شنته حماس على البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة في السابع من أكتوبر، متوجة بذلك تاريخاً من العمليات العسكرية النضالية، وهي انتحارية حسبما تبدو فعلاً ونتيجة، وغايتها تحرير فلسطين وإقامة الدولة الوطنية أو الإسلامية، كل حسب تصوره.

الكاميكاز لم يسعفوا اليابان في الانتصار خلال الحرب العالمية الثانية، حيث خسرت الحرب بعد أن شنت الولايات المتحدة هجومين عليها بالقنابل الذرية، فاستسلمت وأعلنت اعتزال العمل العسكري. وكاميكاز فلسطين، الذين بدأوا العمل منذ نحو مئة سنة طالبين التحرر، ضيعوا أكثر من نصف فلسطين عام 1948 وثم بقيتها عام 1967، وثم انقضوا على الفلسطينيين تهديماً وتفتيتاً إلى أن هدموا قطاع غزة على رؤوس أهله بعد هجمة كاميكاز حماس في السابع من أكتوبر ضد إسرائيل.

السؤال المطروح بعد أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه من دمار وفقدنا الوطن بما حمل، هل تتعلم الفصائل الفلسطينية من ديمقراطية وشعبية وجهادية وحمساوية وفتحاوية من تجربة اليابان، وتحذو حذوها وتعلن اعتزالها العمل العسكري وتبتعد عن العسكرة التي لم تفض إلى أي نتيجة، ولن تفضي إلى نتيجة في ظل موازين القوى التي لم تفهمها حتى الآن تلك الفصائل ونشطاؤها على شتى مشاربهم، ولن يفهموها حسبما يؤكد تاريخهم الذي ضيعوا ودمروا فيه كل شيء.

إن قامت الفصائل بذلك بنفسها، فحسناً تكون قد فعلت، أما إن لم تفعل، فهي دعوة إلى المجتمع الدولي وإلى العالم العربي بالعمل لإنهاء الفصائل الفلسطينية من الوجود بمظاهرها العسكرية وغير العسكرية من مدنية واجتماعية واقتصادية وإعلامية، واعتقال كل قادتها وإغلاق كل مراكزها ووقف كل أنشطتها حتى يتخلص الفلسطينيون منها ومن شرورها، ويبدأوا بشق طريقهم إلى جادة الصواب بعيداً عن الهدم والقتل والدمار.