عاش العالم بأسره فترة صعبة منذ أواخر عام 2019، حيث أعلنت الصين اكتشاف فيروس كورونا المستجد، وكشفت عن إصابة الآلاف به. وبعد فترة من إعلانها عن النجاح فى السيطرة على المرض، فوجىء العالم بانتشاره حتى أصبح وباء عالمياً. وعلى مدى أكثر من عامين، تسبب كورونا بوفاة وإصابة الملايين على مستوى العالم، وأدت توابعه إلى شل حركة العالم بصورة شبه كاملة لفترة طويلة، فأثرت على حركة السفر والمطارات والتجارة والاقتصاد، الأمر الذي قاد إلى توصيفه بأنه أكبر وباء عالمي يعرفه العالم في العصر الحديث.

مع اكتشاف لقاح ضد المرض، وتطبيق التطعيم عالمياً بعد جهود مضنية، أُعلنت السيطرة على المرض بصورته الفتاكة الخطرة، لتعود الحياة طبيعية كما كانت قبل كورونا، وليتساءل العالم: هل يعود كورونا، ومن أين جاء؟ وما حقيقة المرض؟ ولماذا خطورته فتاكة؟ وغيرها من التساؤلات الهامة.

حقائق طبية
فيروس كورونا المستجد هو الأحدث فى سلالة فيروسات كورونا، وهو السابع المعروف من هذه السلالة الذي يصيب الإنسان، والثالث الذي يسبب أمراضاً خطيرة، مع أربعة أنواع أخرى تسبب أعراضاً بسيطة غير قاتلة.

أمَّا الأنواع الثلاثة الخطيرة فهي SARS الذي ظهر فى الصين عام 2003 ويمثل اختصاراً لمتلازمة الالتهاب الرئوى الحاد، وMERS الذي ظهر عام 2012 في المملكة العربية السعودية ويمثل اسمه اختصاراً لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، واستطاعت المملكة حينها السيطرة على المرض مما ساهم فى انحساره وعدم انتشاره عالمياً، وقد وجدت علاقة بين هذا الفيروس والإبل.

أمَّا النوع الثالث الخطير من سلالة كورونا فهو السلالة الحالية التى ظهرت فى الصين عام 2019، و سمى Covid-19، ثم جرى إلحاقه في ما بعد بسلالة Sars، فعرف علمياً باسم SARSCoV2.

حامت الكثير من الشبهات حول هذا الفيروس، فهل هو في صورته الوبائية المنتشرة عالمياً طبيعي، أم مخلق أو مصنع بيولوجياً فى مختبرات الهندسة الوراثية؟ وقد أشارت أصابع الاتهام بداية إلى الصين بصفتها دولة المنشأ، ثم طالت الاتهامات الولايات المتحدة الأميركية.

في دراسة بحثية نفذها أشهر علماء الفيروسات والمناعة والأحياء الدقيقة، صرح كريستيان أندرسن، أحد الباحثين المشاركين: "تمت مقارنة بيانات تسلسل الجينوم المتاحة لسلالات الفيروس التاجي المعروفة، ويمكننا الجزم بأن SARSCoV2 نشأ من خلال الطبيعة".

ومن خلال الدراسات العلمية المتعددة التى قام بها علماء حول العالم، ومن خلال بيانات التسلسل الجيني للفيروس التي أتاحها العلماء الصينيون، توصلوا إلى هذه النتائج العلمية الهامة:

- بناء على تحليل الهيكل الجزيئ للفيروس والبروتين الخاص به، استنتج العلماء أنه نتيجة للتطور الطبيعي، وليس نتاج هندسة وراثية أو معملية، وأن بداية الوباء وانتشاره كان نتيجة إصابة شخص واحد حمل الفيروس ونقله إلى آخرين عن طريق العدوى.

- أكدت الدراسة أن فيروس كورونا المستجد يشبه فى الغالب الفيروسات ذات الصلة الموجودة فى الخفافيش، وآكل النمل الحرشفي.

ويفسر العلماء نشأة الفيروس وتطوره الوبائي بأحد احتمالين:

الاحتمال الأول: أنَّ الفيروس تحوَّر طبيعياً بعد أن انتقل إلى وسيط أو مضيف غير بشري، مثلما الحال فى SARS عام 2003 فى الصين، حيث كان المضيف الحيواني هو حيوان الزباد، وكما كان الجمل هو الوسيط الحيواني فى متلازمة الشرق الأوسط التنفسية فى السعودية عام 2012.

ويعتقد العلماء أن الحيوان المضيف فى حال كورونا المستجد هو الخفاش، وذلك للتشابه بين Covid 19 وفيروس كورونا الذي يصيب الخفاش.

الاحتمال الثاني: هو حدوث انتقال الفيروس فى حالته غير المرضية من حيوان إلى البشر، ثم تطور الفيروس طبيعياً فترة احتضان البشر له، مما جعله فى صورته المرضية الخطيرة، وانتقال العدوى بين البشر.

ومع عدم ترجيح العلماء أي من الاحتمالين على الآخر، إلا أن الاحتمال الأول يبقى أكثر قبولاً وواقعية، وكذلك أكثر قابلية لاحتمالية ظهور المرض فى المستقبل، طالما دورة الفيروس بين الحيوان والانسان والعدوى، مع التغيرات الطبيعية للفيروس التي تجعله خطيراً ومعدياً.

وشخصياً، أرى أن الميكروبات والفيروسات معروفة كأحد مسببات مرض الإنسان منذ بدء الخليقة، وستظل كذلك إلى قيام الساعة، وهذه الجراثيم المرضية خلقت بقدرة مرضية معينة، استطاع الإنسان، وخاصة مع تقدم الطب والعلم، إيجاد علاجات مناسبة لها، إلا فى حالات معينة من المضاعفات وضعف المناعة والأمراض المزمنة للإنسان.

وسواء عاد انتشار كورونا بشكله القديم أم لا، يبقى التأكيد على أن الأسلحة البيولوجية، وللأسف الشديد، حقيقة واقعية، تمتلكها بعض الدول، و لديها ترسانة هائلة، قاتلة، فتاكة، من الجراثيم، التى أعيد تركيبها البيولوجي والجزئي، بإضافة بروتين ما، أو مادة ما، تغير من شدة فتكها المرضي، وما الجمرة الخبيثة، والجدري، والإلتهاب الرئوي، والطاعون والتيفويد، الا أمثلة لمثل هذه الأسلحة المخلقة بالفعل فى مختبرات ومعامل المناعة والأحياء الدقيقة لهذه الدول.

وأعتقد أنه لولا انشغال العالم كله، والغرب والولايات المتحدة بخاصة، باندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكان العالم على موعد لافتعال وباء جديد، ربما عودة كورونا أو وباء جديد آخر. وإن حدث هذا، فو دليل قوي على أن كورونا المستجد بدأ طبيعياً، ثم حورته قوى الشر.