المبدأ المسمى "تصدير الثورة"، والذي شاع وانتشر بعد أن تمکن الخميني من السيطرة على زمام الأمور في الثورة الإيرانية وتأسيس نظام ولاية الفقيه الاستبدادي، هو مبدأ يهدف إلى تصدير أفکار ومفاهيم ورؤى تحث على التطرف الديني وتحفز عليه. وبالرغم من أنَّ نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد أکد أنه لا يريد من خلال مبدأ "تصدير الثورة" التدخل في المنطقة، غير أنَّ الأحداث والتطورات دلت کلها، بصورة أو بأخرى، أن هذا النظام يعمل ليل نهار على التدخل في دول المنطقة من خلال نشر الأفکار والمفاهيم والرٶى التي تشکل الأساس للتطرف الديني.
الهالة التي أحيط بها النظام الديني في إيران الذي أسسه خميني، وتصويره کأنه النموذج والقدوة المناسبة لشعوب ودول المنطقة، استتبع بسعي الأحزاب والمنظمات والميليشيات التي أسسها هذا النظام في المنطقة للدعوة إلى إستنساخ التجربة الخمينية باعتبارها، بحسب رأيهم، أفضل نظام سياسي ـ فکري يناسب شعوب المنطقة ويلبي آمالها وطموحاتها. لکن الذي عانت منه شعوب ودول المنطقة على يد الأحزاب والجماعات والميليشيات التابعة لهذا النظام، جعلها تتلهف لسقوطه وزوال هذا النظام الذي عانى ويعاني الشعب الإيراني الأمرين من ظلمه ودمويته المفرطة.
إقرأ أيضاً: رهائن لدى الولي الفقيه
الفوضى والتطرف والممارسات الإرهابية من اغتيالات فردية ومجازر جماعية وعمليات خطف وسلب ونهب وسطو وفرض الأفکار المتطرفة على الآخرين وتمهيد الأجواء والأرضية المناسبة للمواجهات الطائفية، بالاضافة إلى فساد غير مسبوق فاق کل أنواع الفساد في العالم کله، هي بعض ثمار تلك الأحزاب والمنظمات والميليشيات العميلة للنظام الإيراني، لذا، يجب ألا نعجب من تصاعد مشاعر الرفض والکراهية المفرطة لها في المنطقة، وعدم قبول شعوب المنطقة، وبشکل قطعي، استنساخ نموذج نظام ولاية الفقيه الذي أذاق الشعب الإيراني قبل غيره الأمرين.
إقرأ أيضاً: أرى رؤوساً (في إيران) قد أينعت!
الأحزاب والمنظمات والميليشيات المدعومة والمسيرة من جانب هذا النظام، والتي تحمل بالضرورة أفکاره ومبادئه وتدعو إليها، إنما هي في الحقيقة نماذج مصغرة لنظام ولاية الفقيه في إيران، وإن ما تفعله وتقوم به وما تدعو إليه يأتي من وراء الأفکار والمبادئ التي تستند عليها، وبطبيعة الحال، فقد ثبت بالأدلة القطعية والدامغة عدم صلاحية نظام ولاية الفقيه لدول المنطقة، خصوصاً أنه فشل في فرض نموذجه على الشعب الإيراني ذاته، ومشاعر الرفض والکراهية التي يکنها الشعب الإيراني لهذا النظام، وازدياد التحرکات الاحتجاجية ضده إلى جانب تصاعد غير عادي لنشاطات الشبکات الداخلية التابعة لمنظمة مجاهدي خلق، تؤکد أن هذا النظام يعيش أزمة عميقة ومتجذرة، ولا سبيل لمعالجتها إلا بتغيير النظام الذي، مهما حاول وسعى، فإن کل المؤشرات تدل على أن فترة صلاحيته قد انتهت، وأن الحقيقة التي يجب على دول المنطقة ودول العالم تقبلها، هي أنَّ هذا النظام کلما بقي واستمر فإن دوره وخطره يتعاظم أکثر بکل الاتجاهات، وهذه الذروة التي وصل إليها النظام، يمکن القول إنها تجسد الفيصل بين البقاء والانهيار، وبطبيعة الحال فإن بقاءه صار أصعب مما يمکنه أن يتصور!
التعليقات