الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم، في الوقت الذي يعرض فيه تعليق التمويل عمليات الإغاثة للخطر، ومن الممكن أن توقف "الأونروا" عملياتها، حسب ما ذكرت في بيان عنها، وقد حذرت من أنها قد تضطر إلى إيقاف خدماتها في قطاع غزة بسبب تعليق عدد من الدول مساعداتها لها.

وكانت دول عدة قد أعلنت تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بما يهدد استدامة الخدمات الحيوية والمنقذة للحياة التي تقدمها لملايين اللاجئين في مناطق عملياتها الخمس، لا سيما قطاع غزة، وجاءت قرارات تلك الدول رداً على مزاعم إسرائيلية بحق 12 موظفاً يعملون لدى الأونروا.

وبات هناك حاجة إلى إجراء تحقيق مستقل في الادعاءات الإسرائيلية، وما من شك بأنَّ وقف التمويل سيكون بمثابة عقاب جماعي لأنَّ وكالة "الأونروا" تمثل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين الفلسطينيين الذين يعانون الجوع الكارثي وتفشي الأمراض، خصوصاً في ظل حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها حكومة الاحتلال وجيشها في قطاع غزة.

ممارسات حكومة التطرف تشكل خطورة بالغة على المستقبل الفلسطيني، وتشكل اعتداء فاضحاً يمس بالحقوق الأصيلة للاجئين الفلسطينيين وبولاية الوكالة التي تحظى بسجل إنساني زاخر في خدمة ملايين اللاجئين الفلسطينيين على مدار 75 عاماً.

وما من شك بأنَّ حكومة التطرف باتت تستهدف مؤسسات الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على قواعد القانون، وخصوصاً بعد أن أدان دولة الاحتلال وأقرَّ بتورطها بارتكاب جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتستمر حكومة التطرف بمقاطعة كل من ينتقدها في ظروف تشتد فيها الضائقة الإنسانية التي يعاني منها أكثر من مليوني نازح فلسطيني من أبناء قطاع غزة، وصولاً إلى مستوى المجاعة والجفاف وانتشار الأوبئة والقصف العشوائي والنزوح المتواصل، التي فُرضت عليهم في سياق الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال.

إقرأ أيضاً: إيران وفشل نظرية ولاية الفقيه

كل هذه الظروف المأساوية تزيد من المسؤولية الملقاة على عاتق الأونروا، وتتطلب تمويلاً فورياً إضافياً لعملها المنقذ للأرواح، خصوصاً أنها تعاني بالأصل عجزاً مالياً مستداماً وفجوات تمويلية تخص برامجها الأساسية، قوض قدرتها على القيام بمسؤولياتها لخدمة أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني في أقاليم عملها الخمسة في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا.

نستغرب من مواقف بعض الدول المتسرعة، مع أن هذه الدول لم تتخذ أية إجراءات عقابية بحق سلطة الاحتلال فيما يخص عشرات الجرائم الموثقة والهجمات المدمرة التي شنتها ضد مرافق ومنشآت "الأونروا"، والتي أودت بحياة آلاف النازحين أطفالاً ونساء وشيوخاً الذين احتموا بها، وأن هذه القرارات تجري ضمن حملة تحريضية مدروسة تشن فيها إسرائيل وحلفاؤها حرباً ضد "الأونروا"، في محاولة لتصفيتها وإنهاء قضية اللاجئين وإخراجها من أية محادثات أو حلول سياسية مرتقبة.

إقرأ أيضاً: استراتيجية نظام الولي الفقيه بين أزمة غزة والأزمات الداخلية

لا بد من التحرك العاجل من قبل الفصائل الفلسطينية والعمل على أهمية تعزيز صمود المواطنين في المحافظات الشمالية والجنوبية، ومنع مخطط التهجير الذي تسعى له حكومة الاحتلال، في ظل صمت دولي مطبق، وخصوصاً في ظل تصاعد ممارسات حكومة التطرف اليمنية واستمرار حربها وحصارها وجرائمها المنظمة ومشاريع الإبادة الجماعية في قطاع غزة خصوصاً، وفي أراضي دولة فلسطين كافة، والعمل على أهمية تعزيز التكافل الاجتماعي والعودة لتجسيد الوحدة الوطنية وصولاً لتنفيذ مشروعنا الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وضمان عودة اللاجئين.