أظهرت ملفات مسربة نشرتها حديثاً مجموعة إيرانية معارضة تنشط داخل إيران أن حزب الله والنظام الإيراني تخلوا فعلياً عن قطاع غزة، حيث تركت حماس لتلقى مصيرها وحيدة هناك، بحسب ما لمح نائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم في تصريحات مغلقة أدلى بها لمجموعة من الأعضاء البرلمانيين الإيرانيين الذين زاروا لبنان في أعقاب هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وقبل فترة وجيزة من بدء إسرائيل عمليتها البرية في قطاع غزة.

وبينت الملفات السرية حقيقة أنَّ التصريحات التي يطلقها المحور الإيراني في العلن لا تتطابق مع الأفعال على الأرض وأحاديث الغرف المغلقة.

يظهر قاسم في الملف المسرب وكأنه يحاول تلميع صورة النظام الإيراني ومدح "مواقفه المقاومة" من خلال الإشادة بالتصريحات الكلامية والجهود الدبلوماسية التي قام بها كل من المرشد الأعلى والرئيس الإيراني ووزير خارجيته، وفي نفس الوقت يعمل على إبعاد الإحراج المتزايد من خلال تقديم مبررات وأعذار متناقضة لعدم فعاليتهم على المستوى التشغيلي لتغيير الواقع العسكري في قطاع غزة، كما كان متوقعاً من استراتيجية "وحدة الساحات" وسجل حافل من التهديدات بإزالة إسرائيل والوعود بتحرير القدس.

في هذا الصدد يتفاخر قاسم أمام الوفد البرلماني الإيراني بالقول إنَّ العمليات العسكرية التي ينفّذها حزب الله في جنوب لبنان والجهود الدبلوماسية التي تبذلها إيران قد خلقت اعتقاداً لدى شعوب المنطقة بأن إيران وحزب الله "وحدهما" من يدعمان فلسطين هذه الأيام، في تأكيد غير مباشر على الاستغلال الفاضح من قبل المحور الإيراني للقضية الفلسطينية.

ويذهب قاسم أبعد من ذلك للادعاء أنه "لولا دعم حزب الله وإيران، ربما استطاعت إسرائيل تدمير حماس واقتلاع المقاومة من غزة بمساعدة الولايات المتحدة".

في ذات الوقت، يؤكد نائب أمين عام حزب الله أن حزب الله تلقى تطمينات من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى كفرنسا بأنه "إذا لم تدخلوا الصراع فلا علاقة لنا بكم"، وأن "إسرائيل لم تستهدف حزب الله"، ليبين بعدها أن جل ما قام به حزب الله عبارة عن استراتيجية سماها "الغموض البناء". وفي ظل ما وصف بمعركة العواميد التي قادها حزب الله جنوب لبنان، يدعي نعيم قاسم أن حزب الله تمكن من "إشغال" الجيش الإسرائيلي وجعله يشعر بـ"القلق" من أن حزب الله قد يدخل في معركة واسعة النطاق ضده في أي لحظة، واصفاً هذه الاستراتيجية بـ"الناجحة".

الحرب المفتوحة مطلب إسرائيلي
على ضوء ما سبق من توضيحات، يقر قاسم أمام الوفد الإيراني أن حزب الله قام بواجبه حتى الآن ولا يجب عليه أن يتدخل أكثر في الحرب.

وبالرغم من مطالب بعض الفلسطينيين لحزب الله بالتدخل بشكل أكبر في الحرب، يرى قاسم أن ما قام به حزب الله من تحركات عسكرية حتى الآن كافياً، حيث حقق هدفه بالضغط على إسرائيل. وفي ذات السياق، يعترف أن المزيد من تدخل حزب الله يعني اتساع نطاق الحرب واحتمال دخول الولايات المتحدة في هذه المعركة، وهو ما يصب في مصحلة إسرائيل، بحسب زعمه.

أبعد من ذلك، يذهب قاسم لتبرير موقف إيران المتخاذل من خلال القول للوفد الإيراني أن التحذيرات المستمرة (أي التصريحات التهديدية) الصادرة عن السلطات الإيرانية يمكن أن تلعب دوراً متميزاً في "تقييد" إسرائيل.

تدمير إسرائيل غير ممكن
خلافاً للقضايا المعلنة، يقر نائب أمين عام حزب الله في الملف المسرب "أننا لسنا في مرحلة القضاء على إسرائيل"، ولا تستطيع إسرائيل تدمير حماس أيضاً، موضحاً أن هدف تدمير إسرائيل غير ممكن ولا احتمالية تدميرها قائمة الآن.

ويؤكد قاسم للإيرانيين أن وزارة الدفاع الإسرائيلية ستدخل المعركة البرية في غزة بغض النظر عن الخسائر البشرية، معرباً عن قلقه العميق من تداعيات التحركات المستقبلية لإسرائيل بعد انتهاء هذه الحرب على حزب الله، واضعاً جدولاً زمنياً العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة لمدة شهرين على الأقل حتى تصل إسرائيل لنتيجة هناك بحسب وصفه.