حيادية محلل كرة القدم في القنوات الرياضية هي مسألة مهمة للغاية للحفاظ على مصداقية ومهنية هذه المهنة. وما نشاهده اليوم على القنوات الرياضية العربية، وخاصة خلال البطولات المحلية والبطولات الإقليمية القارية، تجاذبات وآراء وتحليلات عقيمة من جانب البعض من المحللين، ربما لتدني ثقافتهم أو تعصبهم لهذا المنتخب أو لذاك اللاعب، ووصل الأمر في بعض الحالات الى التدافع والشتم في استوديوهات التحليل في القنوات الرياضية العربي.

ليس شرطاً أن تكون لاعباً كبيراً لتكون محللاً عظيماً، كما ليس من الضرورة أن يكون كل صحفي رياضي ناقداً كروياً، وهنا أتذكر ما قاله لي الإعلامي الرياضي اللبناني سعيد غبريس، رئيس تحرير مجلة الوطن الرياضي يوماً، إنهم خلال استضافته في أحد البرامج الرياضية عرف المقدم عنه ضيفاً بأنه "ناقد كروي"، هنا قاطع الضيف المقدم وقال له: "أنا صحفي رياضي أما الناقد الكروي فأمثال عدنان بوظو وعبده صالح الوحش وفيصل شيخ الأرض... هؤلاء مارسوا الكرة كلاعبين ومدربين وحكام". فالمحلل الكروي يجب أن يكون قادراً على تقديم رؤيته وتحليله للمباريات والفرق واللاعبين بدون أن يتأثر بانتمائه أو تعصبه أو مصالحه.

لكن هل هذا ممكن في عالم كرة القدم الحالي؟ وكيف يمكن للمحلل الكروي أن يحافظ على حياديته وموضوعيته في ظل ضغوطات وتحديات كثيرة؟

هناك بعض المفاهيم والمعايير والأخلاقيات التي تحكم عمل المحلل الكروي في القنوات الرياضية هي:

- الاحترافية: يجب على المحلل الكروي أن يتحلى بالمهارة والخبرة والموضوعية في تقديم تحليلاته، وأن يستند إلى الأدلة والمعطيات والإحصائيات، وأن يتجنب الانحياز أو التحامل أو التشجيع لفريق معين.

- الصدقية: يجب على المحلل الكروي أن يكون صادقاً وموثوقاً في نقل المعلومات والآراء، وأن يتحمل المسؤولية عن ما يقول، وأن يعترف بالخطأ إذا ارتكبه، وأن يحترم حقوق الملكية الفكرية والمصادر.

- الاحترام: يجب على المحلل الكروي أن يحترم زملائه والجمهور واللاعبين والمدربين والحكام وجميع أطراف اللعبة، وأن يتعامل معهم بلطف وأدب، وأن يتجنب السخرية أو الإساءة أو التشهير أو التجريح.

- التطوير: يجب على المحلل الكروي أن يسعى دائماً إلى تطوير نفسه وزيادة معارفه ومهاراته في مجال التحليل الكروي، وأن يتابع آخر المستجدات والاتجاهات في هذا المجال، وأن يستفيد من التقنيات والوسائل المتاحة لتحسين جودة عمله.

وبشكل عام، يمكن تقسيم المحللين إلى ثلاث فئات رئيسية: المحللون الفنيون، والمحللون التكتيك، والمحللون الإحصائيون.

المحللون الفنيون هم الذين يركزون على مهارات وأداء اللاعبين والفرق، ويستخدمون خبرتهم ومعرفتهم بأساسيات كرة القدم لتحليل قواطع اللعب والأخطاء والإبداعات.

المحللون التكتيكيون هم الذين يركزون على خطط واستراتيجيات اللاعبين والفرق، ويستخدمون تحليلات فيديو ورسوماً بيانية لتوضيح نقاط القوة والضعف في تشكيلات وحركات الفرق.

المحللون الإحصائيون هم الذين يركزون على أرقام وبيانات كرة القدم، ويستخدمون أدوات رقمية وبرامج حاسوبية لتوليد مؤشرات وإحصائية تساعد في فهم أداء اللاعبين والفرق.

وفي الختام، نرجو من السادة المحللين الابتعاد عن الابتذال والثرثرة، والكلام غير الدقيق، والتحلي بالمسؤوليَّة واتباع دورات متقدمة في التحليل الرياضي لينعكس ذلك عليهم، وبالتالي على المتلقي، خدمة في النهاية للرياضة العربية وكرة القدم خاصة.