القرار الدولي بالجمعية العامة للأمم المتحدة التي صوتت بأحقية دولة فلسطين بالعضوية الكاملة يعد خطوة مهمة نحو انتزاع كامل الحقوق الفلسطينية، كون التصويت يأتي ضمن العمل الدبلوماسي الدؤوب التراكمي الذي قادته دول العالم المؤيدة لهذه الحقوق، كما يمثل حجة قانونية دولية لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وهذا التصويت أحل مبدأ العقل والحق والقانون بدل مبدأ القوة والظلم المتمثل بالڤيتو في مجلس الأمن، ووجه رسالة إلى القلة القليلة من دول العالم والتي تقف دائماً بوجه الحق الفلسطيني، وعلى رأسها الإدارة الأميركية، بعدما أصبح الڤيتو الأميركي يفرض حصراً على القضية الفلسطينية.

ويعدّ هذا التصويت استفتاء وتصويتاً لعدالة القضية الفلسطينية، وإدانة للاحتلال والدول الاستعمارية التي تدعم الاحتلال وتوفر له الحماية، والتي أصبحت شريكاً للاحتلال في جرائمه بحق شعبنا الفلسطيني. كذلك، فالتصويت الكاسح لصالح أحقية دولة فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة يعبر عن تأييد واسع وضروري لعدالة القضية الفلسطينية.

وأكدت مخرجات الجلسة الخاصة بالتصويت على القرار الداعم للإقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف الدولي وجود إجماع على أهمية الاعتراف بدولة فلسطين، وان لا سلام ولا أمن بدون الاعتراف بدولة فلسطين، وأن تصويت 143 دولة من نحو 170 دولة حضرت التصويت، يشكل إجماعاً على حق شعبنا في إقامة دولته المستقلة.

التصويت لصالح أحقية دولة فلسطين بالعضوية الكاملة وبأغلبية ساحقة، يأتي تأكيداً على حق الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، والتي سعى لها منذ 76 عاماً، ولا بد من مواصلة الجهود في هذا النطاق وتعزيز العمل المشترك بين دول العالم الداعمة للحقوق الفلسطينية للوصول إلى مجلس الأمن مرة أخرى للتعاطي إيجابياً مع مشروع قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية الذي أجهضته واشنطن في الجلسة السابقة.

إقرأ أيضاً: جرائم الحرب وتصدير الأسلحة للاحتلال

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يعد تأكيداً على الدعم الدولي لشعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وما جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة هو استفتاء دولي واسع، لأنَّ الجمعية العامة تمثل ضمير الشعوب، حيث لا يوجد فيتو، رغم أن هناك العديد من الضغوطات التي مورست على بعض الدول للامتناع عن التصويت، كما أن التصويت بذاته يعتبر انتصاراً للحق الفلسطيني، وقد يمهد لاعترافات ثنائية بدولة فلسطين، وبحلول الحادي والعشرين من الشهر الحالي، قد تقوم بعض الدول الأوروبية الهامة في الاتحاد الأوروبي، كإسبانيا، وبلجيكيا، وايرلندا، وسلوفينيا، ومالطا ودول أخرى بالاعتراف المباشر بدولة فلسطين، بما يؤكد أن العالم يشهد دعماً كبيراً لقيام الدولة الفلسطينية.

إقرأ أيضاً: انعدام مصادر الدخل وتدهور الوضع الإنساني في غزة

انتزاع القرار يمثل دليلاً على الدعم الدولي، وإنجازاً سياسياً هاماً لدول العالم الداعمة للحقوق الفلسطينية، من أجل التحرر وإقامة الدولة الفلسطينية وتعرية دولة الاحتلال وروايتها الزائفة. وتأتي أهمية التصويت خاصة في أنه جاء بعد حملات التضامن الدولي ضد حرب الإبادة الجماعية التي شملت إرجاء العالم المختلفة، وكان آخرها في الجامعات.

ولا بد من كافة الدول التي امتنعت عن التصويت لصالح القرار أن تعيد النظر في قرارها وتعديله وتصويبه، والتعامل بايجابية مع الجهود الدبلوماسية التي تبذل حتى يتم التصويت بشكل كامل من قبل كافة الدول لصالح دولة فلسطين. وفي ظل الهجمة التي تمارسها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، يأتي هذا القرار كحاضنة أساسية تجاه الشعب الفلسطيني وإشارة واضحة بالاعتراف بحقه، ما يشكل توجهآ ضاغطاً على الاحتلال لإيقاف مجازره بحق شعبنا في الضفة وفي قطاع غزة.