بالرغم من جملة الموروثات من الخلافات التي ابتدأت منذ أن تشكل مفهوم العراق الفيدرالي الجديد بعد عام 2003 أو الديمقراطي بمعزل عن التفاصيل المتحولة لاحقاً نحو مركزية التفاصيل، وما حال دون توصل بغداد وأربيل إلى حلول رأتها الأخيرة بفرضية الواقع أنها تعيد العراق لمركزية القرار، سيما وأن الأمثال للأفعال أو استخدام بنود المواد الدستورية المتعلقة بحقوق الكورد دخلت في متاهات الضغوطات السياسية، واستخدمت بعضها لتغير مفهوم الديمقراطية والشراكة إلى شرك الرضوخ لمركزية القرار بحكم الأغلبية.

ولعل الأمثلة تطول إذا ما عدنا إلى صفحات الماضي من الخلافات فيما يتعلق بركن المادة 140 التي تخص المناطق المتنازع عليها وقوانين النفط والغاز ورواتب قوى البيشمركة ورواتب الموظفين في إقليم كوردستان لاحقاً... أمور جمة وحقوق مركونة لأكثر من خمسين مادة دستورية لم تجد بقعة ضوء تتيح بفرضية الواقع المتأزم أو المتناسل على أثر تناوب السلطات في العراق أي حلول ترضي الجانب الكوردي شعباً وقيادة وحكومات، وان تبدلت أعراف وأحكام وحكام السلطات قبل حين إلى ذات اليوم هذا... لكن، ثمة أمل لم يعد مخفياً، وان شابته تركات أثقال الماضي القريب بعمر العقدين منذ تشكيل العراق الحديث بين بغداد وأربيل اذا ما تحدثنا عن سعي مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان نجل الزعيم مسعود بارزاني الداعي دائماً إلى إنصاف الجميع من مبدأ الشراكة والتوازن والتوافق وفق الدستور، وبعيداً عن أهواء السياسة وإقحام حقوق الشعب الكوردي فيها... وعلى هذا الدرب وضمن ذات الرسالة بمفاهيما عمل مسرور بارزاني وكادره على إيجاد وتحديد نقاط الخلاف تلك، ليبدأ في الشروع بحلولها، وإن كانت تلك العقد كما أشرت تحتاج إلى حكمة الجميع في التعامل معها.

في الجانب الآخر، يبدو أنَّ أصرار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وبعد جملة اللقاءات المتبادلة بينه وبين حكومة إقليم كوردستان، سعياً لإيجاد ذلك المنفذ الدال على تخطي العقبات هو الآخر يجتمع مع أفكار البارزاني لإضفاء طابع الحوار بدلاً من تأزيمها، وتقارب وجهات النظر هذه على الرغم من تركيبة السياسة العراقية المعقدة يفرض واقعه، وبالأخص بعد زيارة مسرور بارزاني الأخيرة إلى بغداد ولغة التفاهم المشتركة التي بانت ملامحها ابتداءً بلقاء السوداني ومروراً بلقاء قيادات الإطار التنسيقي والأحزاب العراقية الأخرى.

وتعدّ هذه الخطوة نحو مسار يوحي بتقارب الأفكار خطوة مهمة وحساسة وفي توقيت يعد الأهم على أثر ما تشهده المنطقة من تحولات وعدم ثبات للحالة أو الحالات عند حدود العراق ودول جواره، وصولاً إلى أحداث غزة ومجريات أخبارها.