الحديث عن إيران ونظام ولاية الفقيه طويل وتفاصيله واسعة ولا نهاية له بعد أن حول الملالي إيران إلى قفص وسجن كبيرين لا يشعر فيهما الإنسان بالسلام والأمان، وهنا نستخدم مصطلح الإنسان إذ لا يمكننا استخدام مصطلح المواطن، ذلك لأنه لا توجد مواطنة ولا حقوق مواطنة في إيران، وكل ما هناك واجبات مواطنة قاسية فريضة على الغالبية العظمى من الشعب الإيراني، وتُحصر حقوق المواطنة في إطار الموالين للنظام الذين لا يتجاوزون أربعة بالمئة التي ذُكِرت على لسان قادة النظام، وفي داخل الأربعة بالمئة هذه، ومؤكد أنه قد يكون هناك تمايز بين مكونات هذه الفئة المنتفعة الموالية لنظام الملالي تمايز على عدة مسارات كما هو الحال القائم الآن بين التيارين المتناوبين على مسرح السلطة في إيران وداخل كل تيار منهما؛ مما قد يُشعِر المراقب للشأن الإيراني بأنه أمام مسرح للذئاب المتوافقة فيما بينها والمتفقة على أن كل ما في إيران والمنطقة فرائس مباحة لها تحت مسميات عديدة.. لطالما هناك من ينقاد مطيعاً لهذه الذئاب.

القتل والظلم والإحتيال من أجل السلطة
لا غرابة فيما يفعله ملالي إيران من أجل متاع الحياة الدنيا فهكذا فعلوا على مدار عقود كوعاظ للسلاطين الذين كانوا يخاطبونهم كأولياء للنعم وكانوا جزءاً من طغيان السلاطين؛ فلما أتتهم الفرصة ليكونوا سلاطين اقتنصوها وأصبحوا الطغيان والظلم نفسه يبيحون كل الوسائل والسبل لبلوغ غاياتهم حتى لو كان ذلك الإدعاء والكذب باسم الدين وآل بيت رسول الله، للظلم وجه ونمط واحد قبيح في هذا العالم لكنه في إيران السجن الكبير مختلفٌ تماماً، فللظلم في إيران مخالب وأنياب، وسياط ومنطق قبيح يستبعد الحياء والقيم والقوانين عن قاموسه على الرغم من أنه يرتدي رداء الدين النقي الذي يبدو فضفاضاً عليه ولا يليق به لكنه بقي مُصراً على ارتداء رداء رداء الإسلام فلطخه بالدم وشوه صورته؛ وهنا نتحدث عن كيان الظلم الذي يتسلط على حكم إيران بدون هوية سياسية واضحة تعرف السلطان الحاكم المُجسِدِ للظلم إذ لا يمكن وضع نظام حكم الملالي رعاة كيان الظلم في إطار هوية سياسية معينة قومية كانت أو دينية أو مذهبية أو فكرية إذ لم يُخلصوا لأيٍ من هذه الإنتماء والتوجهات.

مريم أكبري منفرد سجينة سياسية إيرانية تنتصر في قلب الجحيم
سجينة تثير الإنتباه بصمودها وثباتها وتضحيتها وعِظم مصيبتها!! إنها السيدة مريم أكبري منفرد صاحبة القضية الدافعة لكتابة هذا المقال هي سجينة سياسية إيرانية تقبع في السجن منذ أكثر من عقد ونصف وكلما تقترب من إنهاء مدة محكوميتها حاكت لها السلطات قضية جديدة كي تبقيها في السجن بعد أن نفتها إلى سجن سمنان البعيد عن مسقط رأسها، ولم ترتكب هذه السجينة الصابرة جرماً سوى أنها طالبت بمتابعة قضية إعدام أشقائها قضائيا والنظر مطالبة إحقاق العدالة الأمر الذي لم يروق لهم فاستدعوها إلى لقاء لتوضيح بعض الأمور وتحول اللقاء إلى سجن 15 سنة قاسية ومضنية.

بالنهاية كانت أربعة عقود ونصف من سلطة حكم الملالي في إيران قامت على الكذب والاحتيال والقتل والنهب واستباحة البلدان والمساس بالعقائد باسم الإسلام كافية لفضح هذا النهج المخادع من خلال تمادي هذا النظام في طغيانه واستهتاره، وكذلك طول معركة النزال بين النظام الإيراني والمقاومة الإيرانية وقد تكشفت هذه المنازلة الطويلة عن حقائق هذا النظام وحقيقة نواياه وتوجهاته داخل إيران وخارجها، وكانت السجينة السياسية مريم أكبري منفرد وعائلتها من كبرى ضحايا هذا النظام الذي لا يزال يسعى للإنتقام منها ومن عائلتها بسبب عقيدتها السياسية وانتماءها وعائلتها لمنظمة مجاهدي خلق، ويريد اليوم بعد أن صادر أرواح أشقائها وشقيقاتها وصادر حريتها الشخصية وحرمها من بناتها أن يصادر ممتلكاتها وممتلكات عائلتها بعد أن أرعبتهم بصمودها وتحديها داخل جحيم السجن واليوم تنتصر من قلب الجحيم فأقدموا على مصادرة ممتلكاتها فهل تبقى للممتلكات قيمة فقدان الأهل والأحبة؛ وماذا بقي لها من حق المواطنة، وماذا بقي لها من حقها الإنساني؟ وماذا ننتظر من هكذا نظام مع مواطنيه عندما يستخدم الدين من أجل الخداع ويتبع سياسة المساومة والابتزاز من أجل بقاء حكمه؟ وتلك هي معاناة الشعب الإيراني داخل هذا السجن الكبير، ومثلها معاناة الشعوب العربية التي يحتل الملالي أوطانها ويسلبون مقدراتها ويصادرون السلام والأمان منها، واليوم تشتد جذوة شعلة الأمل بتصاعد حالة الرفض للملالي ومخططاتهم ودورهم في المنطقة، ولعل توقيت نفوق هؤلاء الطغاة قريب.