شارك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفقًا للأعراف المتبعة. فما الرسالة التي حملها للعالم من المرشد الأعلى علي خامنئي خلال هذه الرحلة؟ وكيف كانت ردود أفعال الشعب والمقاومة الإيرانية على حضوره؟

أجرى بزشکیان لقاءات مع رؤساء الدول وأجرى مقابلات أثارت ردود أفعال مختلفة داخل الأوساط السياسية للنظام. وفي تصريح لافت للاهتمام، صرح بزشكيان قائلًا: "نحن مستعدون للتخلي عن جميع أسلحتنا، إذا فعلت إسرائيل الشيء نفسه!".

وفي اجتماعه مع مجموعة من "كبار المفكرين الأمريكيين"، قال بزشكيان: "بأي لغة أخرى يجب أن نقول إننا لا نريد الحرب مع أحد؟" وكرر في نفس الاجتماع: "نحن لا نقدم الدعم أو الأسلحة لا لروسيا ولا لأي دولة أخرى للقتال".

وفي مقابلة مع قناة سي إن إن، قال: "حزب الله لا يمكنه مواجهة إسرائيل بمفرده!".

وفي أعقاب مواقف بزشکیان المثيرة للتساؤلات في هذا التوقيت الإقليمي الحساس، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة تحد من عملية تصدير النفط إلى سوريا وشرق آسيا (الصين)، وصرحت وزارة الخزانة الأميركية: "إيران لا تزال تعتمد بشكل كبير على بيع النفط والغاز المسال غير القانوني من قبل الحرس الثوري وحزب الله لتمويل وكلائها الإرهابيين ونشاطاتها المزعزعة للاستقرار".

وفي معرض تصريحاته، قال بزشکیان: "الجمهورية الإسلامية مصممة على ضمان الأمن وليس لدينا خلافات أو عداوات مع أحد".

وكانت وكالة الأنباء الفرنسية نقلت أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضغط على الرئيس الإيراني لتخفيف التوتر في لبنان!

ونقلت وكالة أنباء فارس عن شارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي بعد لقائه مع الرئيس الإيراني قوله: "التقيت بالرئيس الإيراني وكررت مخاوف الاتحاد الأوروبي بشأن هذه القضايا: إرسال الأسلحة إلى روسيا، زعزعة استقرار المنطقة من خلال الوكلاء، المواطنين الأوروبيين المحتجزين، البرنامج النووي ووضع حقوق الإنسان في إيران. كما أكدت على أهمية التواصل والحوار لتجنب تصعيد التوترات".

وادعت كالة فارس أن رئيس فنلندا كرر الادعاءات المعادية لإيران بعد لقائه مع بزشکیان".

ونقلت رويترز عن بزشکیان قوله: "طهران مستعدة للتعاون مع القوى العالمية لحل الأزمة النووية".

وبين عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني أنه سيبقى في أمريكا لبضعة أيام أخرى لمواصلة المفاوضات".

وفي معرض ردها على تصريحات عراقجي عنونت صحيفة "جوان" الناطقة باسم الحرس الثوري: "رحلة ضعيفة!".

وانتقد غلامرضا صادقيان تصريحات بزشكيان وعراقجي بالقول: "ما بيننا وبين أمريكا لا يمكن حله بالابتسامات أو بكلمات دبلوماسية... سواء بقيتم في نيويورك لأربعة أيام أخرى أو أربعين عامًا!".

وفي ذات الاتجاه، كتبت صحيفة "آرمان ملي": "حتى إذا بقي عراقجي أربعين عامًا، فلا فائدة!".

وكتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "الرئيس الإيراني الجديد يواجه اختبار الواقع في نيويورك. يسعى بزشکیان إلى تقديم لهجة جديدة في السياسة الخارجية خلال خطابه في الأمم المتحدة، لكن من غير المرجح أن يحقق تقدمًا في رفع العقوبات... سيعود خالي الوفاض تقريبًا، حيث لا توجد أي آفاق واضحة لمفاوضات جادة بشأن العقوبات." - بل على العكس، اشتدت العقوبات!

وتساءل موقع "مشرق" حول إشارات التسوية التي أرسلها بزشكيان في نيويورك؟.

خلاصة القول
في هذه الرحلة، كشف بزشکیان من خلال تصريحاته أن استعراض النظام للقوة فارغ من المحتوى والمضمون، وأنه يتجول في الأمم المتحدة متسولًا ولكن بلا جدوى. وفي هذا الصدد، قال بزشکیان: "بأي لغة نقول أن وضعنا سيء ونريد التركيز على بلدنا".

وأظهرت هذه التصريحات للجميع مدى ضعف خامنئي ونظامه، وبينت ردود الأفعال الغربية في نفس الوقت أنهم لن يقدموا التنازلات للطرف الضعيف والمهزوم، بل على العكس سيواصلون الضغط عليه.

باختصار، يمكن القول أن رحلة بزشکیان تثبت أن التحولات في هذه الفترة تسير ضد النظام في الساحة الداخلية والدولية.

وفي هذا الصدد، تحدثت نيويورك تايمز عن "مأزق إيران"، وكتبت: "كيف يمكنها الحفاظ على وكلائها وتجنب الحرب الشاملة؟"، بينما تواجه إيران سلسلة من الأزمات المتلاحقة التي تتفاقم.

وفي ظل هذه الظروف، قام أنصار المقاومة الإيرانية بالتزامن مع خطاب مريم رجوي بتنظيم تجمع كبير في نيويورك احتجاجًا على حضور بزشکیان، مما أفرغ هذه الرحلة من معناها ومضمونها.

وأظهر الانعكاس الواسع لهذا التظاهرات في وسائل الإعلام العالمية الكبرى مثل أسوشيتد برس، رويترز، وكالة الأنباء الفرنسية، وغيرها من وسائل الإعلام الكبرى، أن العالم يبتعد تدريجياً عن إيران ويتجه نحو مسار آخر.