حتى قبل الإعلان الرسمي عن فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى ترتيب هيئة أركانه كي تتلاءم كلياً مع وجود صاحب صفقة القرن، الذي لم يتمكن من إنهائها فعاد مرة أخرى لإتمام مهمته بعد أن أعلن رسمياً أنه يدعم نتنياهو لإنهاء مهمته بالتخلص من شعبنا وقضيته ونهب الأرض فارغة من سكانها. لذا، يعتقد ترامب أنه قادر على وقف الحرب في غزة لوثوقه التام بأن نتنياهو قادر على التخلص منا قبل أن يسكن البيت الأبيض، وهو ما يعني ببساطة أنه لا معنى للحرب على أرض تم التخلص من أصحابها.
جو بايدن وترامب ونتنياهو ومن لف لفهم يعملون ليل نهار ويعدون العدة لما يسمونه اليوم التالي للحرب. وآخرون أيضاً يحضّرون أنفسهم للعب دور في التخلص منا ومن قضيتنا بهذا الشكل أو ذاك، بما يعني بكل بساطة أن الجميع يشتغل بنا، علينا إلا نحن مغيبون كلياً. وفيما عدا الأبطال الذين يقاتلون ليل نهار في غزة، والساحات التي تناصرها حتى أصبحت شريكة معها بالقتال وبالثمن، كما حال حزب الله والمقاومة في لبنان، وحال اليمن الذي يتعرض للقصف البريطاني الأميركي مباشرة، وكذلك حال سوريا والعراق وإيران.
السؤال المهم هو: أين نحن؟ وأقصد هنا كل من هم خارج غزة وكل من هم خارج فعل المعركة. والأسئلة كثيرة وخطيرة:
- أين القيادة الوطنية الموحدة في المعركة السياسية كداعم وحامي للمقاومة والشعب؟
- أين هو البرنامج السياسي الواحد الموحِد للشعب وقواه؟
- أين هي اتفاقيات المصالحة في القاهرة وفي مكة وفي الدوحة وفي صنعاء والجزائر وأخيراً إعلان بكين؟
- أين هي حكومة الوحدة أو التوافق أو التكامل أو الإنعاش الوطني؟
- أين هو الحراك السياسي الذي تستحقه قضيتنا وشعبنا؟
- أين هي الفصائل والاتحادات والنقابات والجمعيات والمنظمات التي صمتت صمت القبور ولم يبقَ لديها إلا بعض بيانات لا تغني ولا تسمن من جوع؟
- أين هي هيئة الأركان التي تسعى للاستجابة لهموم الناس اليومية وقضاياهم؟
- كمثال لا أكثر، ماذا فعلت القوى السياسية ومنظمة التحرير الفلسطينية ومجلس الوزراء فيما يخص الحراك السياسي العالمي؟ وأين هو مشروعها الوطني الذي ينبغي أن يوجد وتسعى لحشد العالم من حوله؟ وما هي الإجراءات والخطوات والأنشطة التي قاموا بها لحماية أهلنا ووقف المقتلة والمطحنة على أرض غزة؟ ماذا ينتظرون وإلى متى؟ وما هو مبرر وجودهم إن لم يكونوا حاضرين مع شعبهم في مثل هذا الواقع؟
- أين هي الغرف التجارية الصناعية، مثلاً، لتقديم خطة تقشف وتخفيض المصروفات بسبب قلة الإيرادات؟ هل وضعت خطة مثلاً لتقليل أيام الدوام لتقليل المصروفات؟ فهناك أنواع من البضائع لم تعد مطلوبة أو قل الطلب عليها، فلماذا لا نجعل أيام العمل يومين أو ثلاثة للأسواق التجارية لتوفير الكهرباء والماء والمحروقات وما إلى ذلك؟ وهل نشطت لمنع استبدال المحتلين بأنفسنا والاستيراد للقتلة بأسمائنا؟
- هل قدم المعلمون خطة لإطالة اليوم الدراسي أو جعل بعض المواد عن بُعد وجعل الأسبوع الدراسي ثلاثة أيام لتقليل المصروفات على المعلم والأسر؟
- هل قام الاتحاد العام لنقابات العمال بقيادة حملة عالمية للإضراب بهذا الشكل أو ذاك لشل الحركة في كل أنحاء العالم حتى يستجيب لإرادة الإنسانية بوقف المقتلة؟ هل نشط اتحاد الفلاحين لمنع وصول منتجاتنا إلى القتلة؟ وهذا ينسحب على الأطباء أيضاً.
الأعداء من كل حدب وصوب ينشطون بلا كلل ولا ملل لإيجاد السبل والوسائل للتخلص منا ومن قضيتنا، فماذا فعلنا؟ وماذا ننتظر؟ وما هو مبررنا للشلل التام الذي نعيشه خارج غزة وبعيداً عمن يقدمون دمهم لبلادهم وشعبهم؟ وكيف يجوز لنا شتم العرب والمسلمين واتهامهم بكل التهم البشعة ونحن نيام؟ وبأي حق يشتم صاحب الواجب غيره لأنه لم يقم بواجبه نيابة عنه؟
التعليقات