كتب نزار قباني مرةً: أنا يا صديقةُ مُتعبٌ بعروبتي! فهل العروبة لعنةٌ وعقاب؟ هذا واحد من التساؤلات الألف التي لا تنفك تدق رأسي كل يوم. تبخّرت الشعارات القومية التي كانت تُساند الشعب الفلسطيني وغزة تحديداً، وعجزت الشعوب الثورية في الضغط على قياداتها للتدخل، وأصبح العربيّ لا يجرؤ أن يتحدث أكثر أو يُطالب أو يكتب، أو حتى ينظر إلى وجه أخيه الذي سبق أن ثار غضبه أمامه بدافع إنساني.

بعد أن التهبت الشوارع غضباً، هدأت وثملت على أصداء الحفلات الغنائية والمهرجانات الفنية والبرامج والمسابقات، فغطت على صرخات المقهورين والأطفال الجائعين. حتى تناول الموضوع إعلامياً بات يقل شهراً بعد شهر. لقد نسي العالم أطفال غزة الذين يكتبون أسماءهم على أذرعتهم ليمكن التعرف عليهم بعد استشهادهم. كيف ننسى واللقمة التي تنزل في حلوقنا خيانة، والضحك الذي يملؤ محادثاتنا عار، والثوب النظيف الذي نحرص على كيّه مهانة.

خير أمة أُخرجت للناس تحتضر، وعروبتنا أتعبتنا، وخيبت آمالنا. اجتمعنا أو تفرقنا، ليس لعروبتنا قيمة تذكر أو دوراً يُبجل، تقودها المصالح، تجمعها "الترندات" ولا شيء آخر. وما زلنا بانتظار أن تعطى الأولوية لحقوق الفلسطينيين، ومحاسبة الكيان وفقًا لنفس معايير العدالة وحقوق الإنسان التي يدعي العالم أنه يتبناها. فهل يتحقق ذلك قبل أن تختفي الطفولة من غزة؟