تظاهرة مهيبة شهدتها باريس يوم السبت 8 شباط (فبراير)؛ حشودٌ غفيرةٌ تجاوزت العشرة آلاف شخص، احتشدت في الذكرى السنوية للثورة ضد الشاه الدكتاتور عام 1979، لتُعلن للعالم أجمع عن عزم وإرادة الشعب الإيراني في نيل حريته وإسقاط نظام ولاية الفقيه. هذه التظاهرة، التي شارك فيها إيرانيون أحرار ووطنيون من جميع أنحاء المعمورة، كانت بمثابة صرخة مدوية ضد جرائم النظام الملالي.

سيدةُ هذا المشهدِ العظيم، مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ألقت خطاباً هاماً، شرحت فيه مواقف المقاومة الإيرانية تجاه مختلف القضايا الداخلية والدولية.

وفي جزءٍ من كلمتها، أشارت رجوي إلى الوضع الحساس الذي تشهده إيران والمنطقة، فقالت: "نظامُ الملالي مُحاصرٌ من كلِّ جانب؛ مُحاصرٌ من قِبَلِ بؤرِ التوترِ والشبابِ الثائر، ومُحاصرٌ من مجتمعٍ يعجُّ بالغضبِ والعصيان، فضلاً عن أنواعِ الخصوماتِ الداخليةِ والخارجية، لا سيما بعد سقوطِ أهمِّ معاقلِهِ في المنطقة".

كما أكدت على ضرورة إسقاط نظام ولاية الفقيه، مضيفةً: "واجبُنا الآن هو أن نجعلَ صرخةَ الحريةِ في إيران تُدوِّي أعلى وأقوى وأوسع، وأن نُظهِرَ للعالمِ أنَّ الكلمةَ الأولى والأخيرةَ للشعبِ الإيراني هي إسقاطُ الدكتاتورية".

وإلى جانب رجوي، ألقى عددٌ من الشخصيات البارزة كلماتٍ قيِّمة، حللوا فيها مختلفَ جوانبِ الوضعِ في إيران والمنطقة. ومن بين هؤلاءِ المتحدثين فرهوفشتاد، رئيس الوزراء البلجيكي السابق الذي أشار إلى وضعِ النظامِ الإيراني، مُطالباً بعودةِ جميعِ العقوباتِ الدوليةِ المفروضةِ عليه، ومُؤكِّداً على أنَّهُ لا ينبغي السماحَ لهذا النظامِ بمواصلةِ أعمالِهِ المُخرِّبة. كما أشاد بالمقاومةِ المُنظَّمةِ التي وقفت في وجهِ هذا النظامِ لسنواتٍ، قائلاً: "على العالمِ أن يعترفَ بالمقاومةِ المُنظَّمةِ التي وقفت في وجهِ هذا النظامِ لسنواتٍ. لقد أثبتَ المجلسُ الوطنيُّ للمقاومةِ أنَّ لديهِ الإرادةَ والقدرةَ على إنهاءِ هذهِ الديكتاتوريةِ المُهيبة".

وتوقَّعَ، في إشارةٍ إلى التطوراتِ في سوريا ونهايةِ دكتاتوريةِ آلِ الأسد، حدوثَ تغييراتٍ كبيرةٍ في إيران عام 2025.

جاك بوتو، نائب عمدة باريس المركزية، أكَّدَ دعمَهُ للمقاومةِ الإيرانية، قائلاً: "أنا مُنذُ 30 عاماً وأنا معَكُم في هذهِ المقاومةِ وأفتخرُ بِهذا. شكراً لكم على شجاعتِكم، وشكراً لكم مرةً أُخرى على هذا الحضورِ الحاشدِ رغمَ برودةِ الطقس".

وأشار إلى دعمِ رؤساءِ البلدياتِ الفرنسيين للمقاومةِ الإيرانية، مُضيفاً: "أتحدثُ باسمِ أكثرَ من 800 رئيسِ بلديةٍ فرنسيٍّ وقَّعوا بياناً لدعمِ الشعبِ والمقاومةِ الإيرانيةِ وإدانةِ جرائمِ نظامِ الملالي".

كما أدانَ التساهلَ معَ النظامِ الإيراني، قائلاً: "التقاريرُ الدوليةُ تُشيرُ إلى أنَّ هذا النظامَ هو المسؤولُ عن المجزرةِ الكبيرةِ التي ارتكبها بحقِّ أعضاءِ مُجاهدي خلق عام 1988. فالتساهلُ معَ هذا النظامِ ليسَ إلَّا تشجيعاً لهُ على ارتكابِ المزيدِ من هذهِ الجرائم".

وأشارَ إلى الوضعِ المُزري للُّسجناءِ السياسيين في إيران، مُعرباً عن دعمِهِ لدعوةِ رجوي إلى إلغاءِ عقوبةِ الإعدام.

العقيد رياض الأسعد، مؤسس الجيش السوري الحر، أشارَ في رسالتِهِ إلى علاقتِهِ الوثيقةِ بالمقاومةِ الإيرانية، قائلاً: "علاقتُنا معَ السيدةِ مريم رجوي والمقاومةِ الإيرانيةِ بدأت منذُ بدايةِ الثورةِ السورية".

وأكَّدَ على قدرةِ الشعبِ الإيراني على إسقاطِ النظامِ الحاكم، مُضيفاً: "الشعبُ الإيرانيُّ الذي أسقطَ نظامَ الشاهِ الدكتاتوري، أظهرَ بمقاومتِهِ أنَّهُ قادرٌ أيضاً على إسقاطِ دكتاتوريةِ ولايةِ الفقيه".

وأشارَ إلى الحضورِ الحاشدِ للجماهيرِ في هذهِ التظاهرة، قائلاً: "لقد أظهرتُم في هذهِ التظاهرةِ مرةً أُخرى أنَّ الشعبَ الإيرانيَّ يرفضُ أيَّ نوعٍ من الديكتاتورية. سواءً كانت دكتاتوريةَ الشاهِ المُطاحِ بها، أو دكتاتوريةَ الملالي الحاكمة".

كريستين آريجي، عضوة الجمعية الوطنية الفرنسية، أشارت إلى سعيِ الدكتاتوريين إلى حرمانِ الناسِ من حريتِهم، قائلةً: "الدكتاتوريون يُريدونَ حرمانَنا من حريتِنا، وسجنَنا، وتعذيبَنا. لكنَّ التاريخَ علَّمَنا أنَّ جميعَ الدكتاتورياتِ ستتحطَّمُ وتزولُ بفعلِ الاحتجاجاتِ والمقاومةِ من داخلِ البلاد".

وأكَّدت على أهميةِ مقاومةِ الشعبِ الإيراني، مُضيفةً: "أنتُم اليومَ تُواصلونَ هذهِ المقاومةَ الداميةَ في إيرانَ على حسابِ حياتِكم. وهذا يُعطينا أملاً في أنَّ إيرانَ ستتحرَّرُ مثلَ سوريا. وعندما تتحرَّرُ إيران، يجبُ أن نَجعلَها جميلةً كما تستحق".

الخاتمة
أظهرت تُظاهراتُ الإيرانيينَ الكبرى في باريس مرَّةً أُخرى أنَّ الشعبَ الإيرانيَّ وأنصارَ المقاومةِ الإيرانيةِ في جميعِ أنحاءِ العالمِ، يُطالبونَ بالحريةِ والديمقراطيةِ وسيادةِ القانونِ في إيران. كما أبرزت الدعمَ الدوليَّ الواسعَ للمقاومةِ الإيرانيةِ ومعارضةَ نظامِ ولايةِ الفقيه. فالكلماتُ الهامَّةُ والحضورُ الحاشدُ للمشاركين، أحيا الآمالَ في مستقبلٍ مُشرقٍ وحُرٍّ لإيران.