في ذكرى مرور عامين على حرب الإبادة الإسرائيلية يجب العمل ضمن الحكمة واستعادة صوت العقل في ظل عدم قدرة المجتمع الدولي على وقف الحرب وترك مصير قطاع غزة إلى المجهول، بل ساد منطق الكراهية والانتقام الأعمى، فارتكاب المجازر فاق كل التوقعات والسادية الإسرائيلية أصبحت مبدأ في السيطرة على العقول، والمقتلة اليومية على مدار عامين أدت إلى نتائج كارثية ولا إنسانية حيث ارتفاع عدد الشهداء وآثار الدمار الشامل وتداعيات ذلك على الأطفال والكوارث التي أدت إلى النزوح وتوسيع دوائر المعاناة الشاملة في قطاع غزة.
العالم أصبح غير مبالٍ بهذه المجازر وأصبحت مجرد خبر في نشرات الأخبار، أشخاص يُقتلون وهم يبحثون عن لقمة خبز، أو يُدفنون تحت أنقاض بيوتهم، أو يُقصفون في المستشفيات، أو في مخيمات النزوح، أو يُهجّرون من طرف القطاع إلى طرفه الآخر، إنه من غير المقبول ولا المبرر أن تختزل الإنسانية إلى مجرد مساعٍ ومساعدات بعيداً عن معالجة جوهر المشكلة ووقف الإبادة الجماعية.
الحرب التي يخوضها جيش الاحتلال الإسرائيلي تتجاهل حقيقة أنه يستهدف سكاناً عُزلاً يعيشون على حافة الهاوية، في منطقة تحولت مبانيها ومنازلها إلى أنقاض، وبالنظر إلى ما يُنشر من صور ومعطيات حول قطاع غزة نلاحظ أنه لا مكان آمناً بات في قطاع غزة يحفظ ما تبقى من كرامة للإنسان وأن يعيش في أبسط حقوقه، ومن الواضح أيضاً أن المجتمع الدولي للأسف عاجز، وأن الدول القادرة فعلاً على التأثير لم تتحرك بعد لوقف المجزرة الإسرائيلية الجارية، وتتعامل مع معطيات ونتائج الحرب ببرود، وإنها غير معنية بأي نتائج تخص ما تبقى من مدنيين فلسطينيين في قطاع غزة يعيشون ويلات النزوح والتشرّد.
ما يحدث غير مقبول، وإن السماح باستمراره يدفعنا إلى أن نسأل بجدية عن شرعية تزويد الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة التي تُستخدم ضد المدنيين، وللأسف، كما نرى ونشاهد، لم يتمكن مجلس الأمن من وقف ما يجري في قطاع غزة ووضع حدٍّ للكوارث الإنسانية.
على مجلس الأمن، كونه الجهة الدولية الفاعلة، أن يتحرك فوراً ويضع حداً لهذه المأساة، ويجب أن يجد وسيلة لاتخاذ قرارات أكثر فاعلية في وضع حدٍّ للحرب الدامية المستمرة منذ عامين، وخاصة في ظل جهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب، ويجب أن تشكل خطته قاعدة أساسية تضمن أن يشارك الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتسهم في إنهاء هذه المجازر والإفراج عن الرهائن ووقف القتل اليومي لمئات الأشخاص، وأن تفضي خطته إلى إنهاء الاحتلال، وأن يبدأ أخيراً مسار سلام حقيقي يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية.
وبالرغم من الجهود الأميركية والحرص العربي والإسلامي على التعامل مع تلك الجهود بمسؤولية عالية ودعم خطة الرئيس ترمب، إلا أننا نلاحظ أن التصريحات والقرارات الإسرائيلية تسير في الاتجاه المعاكس وتكرّس نهج الحيلولة دون قيام دولة فلسطينية حقيقية، وبالرغم من الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، إلا أن التوسع الاستيطاني المتواصل وسياسة اليمين الإسرائيلي المتطرف يسعيان إلى جعل قيام دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً.
يجب أن يكون تحرك مجلس الأمن الدولي من أجل دعم وإيجاد حل عادل وشامل وسلمي للقضية الفلسطينية بكل جوانبها، وفقاً للقانون الدولي وجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة، والديمقراطية والقابلة للحياة، تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وقادرة على العيش جنباً إلى جنب مع جيرانها بسلام وأمن.














التعليقات