إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي بناء 764 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، تعد بمثابة محاولات إسرائيلية لتقويض جميع الجهود الدولية الرامية إلى وقف العنف والتصعيد وتحقيق الاستقرار في المنطقة، وإن القرار الإسرائيلي مرفوض ومخالف للشرعية الدولية والقانون الدولي، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي أكد أن الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة جميعه غير شرعي، وأن هذه القرارات الاستيطانية لن تعطي الشرعية والأمن لأحد.
وفي الوقت نفسه تواصل حكومة الاحتلال اعتداءاتها المتصاعدة، التي تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس، بما يشمل سياسات التهجير وهدم المنازل وفرض العقوبات الجماعية على المقدسيين، إضافة إلى الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى، وما تحمله من تهديدات خطيرة قد تنعكس على استقرار المنطقة برمتها.
تهدف السياسات الإسرائيلية بوضوح إلى خلق حقائق على الأرض تجعل من المستحيل تطبيق حل الدولتين على أساس حدود عام 1967 وان مشاريع البنية التحتية الاستيطانية هي جزء لا يتجزأ من هذه الإستراتيجية، ويشكل النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، انتهاكاً صارخاً ومستمراً للقانون الدولي، وان التسارع في وتيرة هذا النشاط غير القانوني، حيث شهد هذا الشهر وحده إقرار ودراسة خطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، بالإضافة إلى إجراءات تهدف إلى ترسيخ الأمر الواقع الاستيطاني وتوسيع نطاقه ويرتبط التوسع الاستيطاني بشكل عضوي بانتهاكات أخرى للقانون الدولي، مثل هدم المنازل الفلسطينية، والتهجير القسري للسكان، وتقييد حرية الحركة، وعنف المستوطنين، وهي انتهاكات وثقها التقرير أيضاً في سياقات أخرى.
كثافة وحجم الموافقات على بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة والسياسات المتبعة لتسريعها، لا تدل فقط على استمرار جريمة الحرب المتمثلة في نقل السكان، بل على مفاقمتها وتعميقها بشكل ممنهج، ويؤدي التوسع الاستيطاني إلى مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وتفتيت التواصل الجغرافي للأراضي الفلسطينية، وعزل التجمعات السكانية الفلسطينية، والسيطرة على الموارد الطبيعية، وكل ذلك يقوض بشكل مباشر حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه وإقامة دولته المستقلة والقابلة للحياة.
يجب التحرك العاجل على الصعيد العربي والإسلامي والدولي لمواجهة إعلان سلطات الاحتلال البدء بإقامة 17 مستعمرة جديدة في الضفة الغربية خلال السنوات الخمس المقبلة وأن مثل هذه السياسات العدوانية لن توفر الأمن لأي طرف على المدى القريب أو البعيد، وأن جميع الخطوات الأحادية إنما تدفع المنطقة نحو مزيد من التوتر وعدم الاستقرار، وتتحمل حكومة الاحتلال مسؤولية التداعيات الخطيرة لهذه السياسة التدميرية الهادفة إلى إشعال المنطقة، وجرها إلى مربع العنف والحروب، وتقويض أي جهد ساع إلى إخراج المنطقة من دوامة العنف، وعلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على سلطات الاحتلال للتراجع عن سياسات الاستيطان، ومحاولات الضم والتوسع وسرقة الأرض الفلسطينية، وإجبارها على الخضوع لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وذلك لإنجاح جهود الرئيس ترمب ومساعيه إلى وقف الحرب وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
بينما يقع على عاتق المجتمع الدولي، وبخاصة الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، مسؤولية قانونية وأخلاقية للتحرك بشكل فوري وحاسم لوقف هذه الانتهاكات، ويجب ألا يقتصر الأمر على الإدانات الشكلية، بل يتطلب إجراءات عملية تشمل مساءلة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم، وتفعيل آليات لضمان عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناشئ عن الاستيطان، واتخاذ خطوات لضمان حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف.






















التعليقات