اقترب العلماء في quot;مصادم هادرون الكبيرquot; أكثر من أي وقت مضى من إعادة تمثيل بداية الكون ndash; عبر استنساخ الظروف التي حدثت بعد الانفجار الكبير بفاصل زمني قدره مليون من الثانية.



أوضح العلماءفي quot;مصادم هادرون الكبيرquot;أنه عند تصادم جسيمات الرصاص ببعضها البعض بسرعة تقترب من سرعة الضوء، فإنها تنتج حرارة أكثر سخونة بمقدار مليون مرة عن الحرارة الموجودة في مركز الشمس، وتكون درجات الحرارة أقرب لتلك التي تولدت في بداية الزمن.

وذكرت اليوم صحيفة quot;الدايلي تلغرافquot; البريطانية أن مسلسل quot;الانفجارات الكبرى المُصغرةquot; كانت قوية للغاية، وأن العلماء كانوا يأملون في أن يتمكنوا من إذابة الجسيمات دون الذرية في مكوناتها الأساسية ومن ثم تقريب الباحثين من إيجاد لبنات البناء الأساسية للكون. ويؤمل، طبقاً للصحيفة، أن يُثبِت quot;الحساءquot; الكثيف الساخن الناتج عن ذلك وجود حالة جديدة تماماً للمادة تعرف بـ quot;بلازما كوارك-غلوونquot;.

ويعتقد أن الكواركات هي شحنات إيجابية صغيرة، تُشكِّل البروتونات والنيوترونات. كما أنها تتماسك سوياً عن طريق تلك الجسيمات الأولية التي تعرف بـ quot;غلووناتquot;، وهي نوع آخر من الجسيمات دون الذرية. ومن الممكن أن يؤدي هذا الاكتشاف بالتالي إلى الكشف عن واحدة من القوى الأساسية التي تربط معاً كل شيء.
من جانبه، قال دكتور دافيز إيفانز، عضو فريق البحث البريطاني من جامعة برمنغهام quot; كان هناك الكثير من الهتاف بسبب مشاعر الفرح والارتياح التي انتابت العلماء. فقد سُرِرنا جداً من الإنجاز الذي تمكنا من تحقيقه. وقد أسفرت التصادمات عن حدوث انفجارات كبرى مصغرة وكذلك عن أعلى درجات حرارة وكثافات يتم تحقيقها في تجربة. وحين تصل درجات الحرارة لمثل هذا المستوى، فإن البروتونات والنيوترونات، التي تُشكِّل نوى الذرات، تذوب، وهي العملية التي ينتج عنها حساء كثيف ساخن من الكواركات والغلوونات التي تعرف ببلازما كوارك ndash;غلوونquot;.

ثم أشارت الصحيفة إلى أن العلماء، بمن فيهم الطاقم البحثي الذي يقوده دكتور إيفانز في جامعة برمنغهام، سيقومون الآن بدراسة الجسيمات، على أمل اكتشاف الشيء الذي يُمسِك الجسيمات سوياً، ويمنحهم كتلتهم التي تحصلوا عليها. وقالت الصحيفة أيضاً إن التصادمات ndash; التي بدأت رسمياً اليوم في تمام الساعة 10.20 صباحاً ndash; قد تم إنتاجها بإطلاق أيونات رصاص ndash; وهي ذرات مجردة من إلكتروناتها ndash; بسرعة قدرها 0.9999 من سرعة الضوء ndash; بمعدل 670 مليون ميل في الساعة ndash; في اتجاهات مضادة حول النفق التحتي لمصادم هادرون الكبير في مركز quot;سيرنquot; الأوروبي للأبحاث النووية، بالقرب من مدينة quot;جنيفquot; السويسرية.

ومضت الصحيفة تقول إنه وعن طريق التحليق في اتجاهين معاكسين، تتركز الجسيمات في حزمة ضيقة وتُجبَر على التصادم بداخل المكشاف العملاق quot;أليسquot;. وهو ما يؤدي لإطلاق الآلاف من الجسيمات وتوليد درجات حرارة تقدر بـ 10 تريليون درجة مؤوية، وهي درجات الحرارة الأكثر قرباً من أي وقت مضى في ما يتعلق بمساعي استنساخ ظروف لم تُشَاهَد منذ الانفجار الكبير الذي وقع قبل 13.75 مليار سنة.

وأوضحت الصحيفة أن درجات الحرارة هذه كانت أقوى 13 مرة عن السجل السابق الخاص بتصادمات الأيونات. ويأمل الباحثون الآن أن تسمح لهم بلازما كوارك ndash; غلوون بتعلم المزيد عن القوى القوية، التي تعد واحدة من القوى الأساسية الأربعة في الطبيعة. وهنا، عاود د. إيفانز ليقول :quot; لا تعمل القوى القوية فحسب على الإمساك بنوى الذرات سوياً، لكنها مسؤولة أيضاً عن 98 % من كتلهم. وأنا أتطلع الآن لدراسة جزء صغير مما كان يتكون منه الكون بعد وقوع الانفجار الكبير بمليون من الثانيةquot;.

وتابعت الصحيفة حديثها بالإشارة إلى أن تجربة quot;مكاشف أليسquot; هي في الحقيقة مجرد جزء من مصادم هادرون الكبير، الذي يعمل نفقه الدائري الخاص بالأشعة مسافة تصل إلى 16.7 ميل، على عمق يقدر بـ 328 قدم أسفل الحدود الفرنسية ndash; السويسرية. ويشارك في تلك التجربة ما يقرب من ألف عالم فيزياء ومهندس من 100 معهد في 30 دولة حول العالم. في الوقت الذي يتوجب فيه على الباحثين العاملين بمكاشف أليس أن يقوموا الآن بتحليل النتائج قبل أن يؤكدوا على وجود الجسيمات والمادة الجديدة.