أنباء متضاربة تربك سوق quot;بلاك بيريquot; وقرار الوقف تحت الدراسة |
أكد يوسف العتيبة سفير دولة الإمارات في واشنطن أن التصريحات التي نشرت الاثنين على لسان وزارة الخارجية الأميركية حول إعلان دولة الإمارات إيقاف خدمات معينة لهواتف بلاك بيري قد جاءت مخيبة للآمال ومتناقضة مع النهج الذي تتبعه الحكومة الأميركية إزاء تنظيم قطاع الاتصالات في الولايات المتحدة.
وقال العتيبة في معرض تعليقه على تلك التصريحات: quot; إن هذا القرار هو قرار سيادي لدولة الإماراتquot;، مضيفًا quot;أن دولة الإمارات تطالب بالالتزامات التنظيمية نفسها وبانتهاج نفس أسس الإشراف القضائي والتنظيمي التي تمنحها الشركة المشغلة لبلاك بيري للحكومة الأميركية والحكومات الأخرى لا أكثر ولا أقلquot;.
موضحًا أن دولة الإمارات تطالب بذلك الالتزام لنفس الأسباب التي دعت الولايات المتحدة لفرض ذلك الالتزام، والتي تتمثل في حماية الأمن الوطني ومساعدة أجهزة حفظ القانون. واستطرد العتيبة قائلاً: quot;من المؤسف أن شركة بلاك بيري، وبعد أعوام عديدة من المباحثات، ظلت غير ملتزمة بالمتطلبات التنظيمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، في الوقت الذي تلتزم فيه بتلك السياسات نفسها في دول أخرى.
ويأتي اعتراض الولايات المتحدة على إيقاف الإمارات بعض خدمات هواتف بلاك بيري بسبب رغبتها في التمتع هي وكل من بريطانيا وكندا بميزة مهمّة وهي الانفراد بالخوادم الخاصة بهواتف quot;بلاك بيريquot; واستخدامها لأغراض تجسسية، إضافة إلى استخدامها في أوقات الضرورة ضد الدول الأخرى التي لا تملك حق فك الشيفرة الخاصة بخدماتquot;بلاك بيري وذلك عن طريق رعاياهاquot;.
من ناحية أخرى قام عدد من مستخدمي أجهزة quot;بلاك بيري quot; بتداول بيان كاذب في ما بينهم و إرساله إلى بقية المستخدمين على أنه صدر من قبل شركة بلاك بيري عبر موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت وذلك ردا على موقف الإمارات ببحث استخدام طرق بديلة لتشغيل الخدمات، وجاء في تلك الرسائل التي تحمل البيان الكاذب غير الوارد على الإطلاق من شركة بلاك بيري ما يلي: quot; إنه لا يمكن لشركتي اتصالات أو دو الإماراتيتين أن تحولا شبكة بلاك بيري من الشركة الكندية الأم إليهما.. و إذا حاولتا فعل ذلك فسوف نوقف الخدمة في دولة الإمارات كاملة... ولن تستطيعا تشغيلها حسب مواصفاتهما وستنقطع الخدمةquot;...إن البيان الرسمي لهيئة اتصالات في الإمارات بأنها سوف تبحث عن بدائل للبلاك بيري فيه خداع للناس حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال تعديل شبكة البلاك بيري الا من خلالنا نحن الشركة الرسمية وبموافقتنا.. ونحن لا نوافق على التدخل من اتصالات ودو ...ونعتذر لعملائنا من حدوث هذه المشكلة... و لكن السبب الأول والأخير هو من هيئة تنظيم الاتصالات وشركة اتصالات ودو... ونحن لم نعان من أي مشكلة في 330 دولة في العالم ومن أولوياتنا حماية خصوصيات العملاء الكرامquot;.
وكانت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الإتصالات في دولة الإمارات قد أصدرت يوم السبت الماضي قرارا بشأن تعليق خدمات quot;المسنجر والبريد والتصفح الإلكتروني الخاصة ببلاك بيري quot; في الدولة اعتبارا من يوم 11 تشرين الاول- أكتوبر 2010. ويأتي هذا القرار كورقة أخيرة للضغط على الشركة الكندية الأم quot;RIMquot; المصنعة لأجهزة quot; بلاك بيري quot; لجعل خدمات quot; البلاك بيري quot; تتوافق مع التشريعات التي تنظم عمل قطاع الاتصالات في الدولة وذلك نتيجة عدم إحراز أي تقدم في المفاوضات التي تمت بشكل متواصل مع شركة quot;RIMquot; الكندية. يذكر انه إذا لم تقبل الشركة الكندية بشروط الحكومة الإماراتية فإنه سيتم إيقاف خدمات البلاك بيري نهائيًا دون رجعة.
وبهذا تكون الإمارات قد وضعت الكرة الآن في ملعب شركة quot;RIMquot; الكندية للحصول على حق الامتياز في خدمات ذلك الهاتف داخل الدولة حيث ترفض الشركة الكندية التعامل مع الإمارات كسوق تجاري وأن تمنحها حق الامتياز في تلك الخدمات رغم وصول عدد مستخدمين quot;بلاك بيري في الدولة الى 500 ألف مستخدم.
وتؤكد الحكومة الإماراتية أن قرار التعليق جاء بهدف حماية المستخدمين أنفسهم وليس لتقييد حريتهم أو لتكميم أفواههم كما يعتقد البعضquot;. وقد تم إبلاغ مشغلي خدمات الاتصالات في الإمارات quot; اتصالات quot; وquot; دو quot; بهذا القرار مع تعليمات لتجنب حدوث أي تفاوت في مستوى الخدمات البديلة التي سيتم تقديمها للمشتركين قريبا.
وقد قامت الإمارات بتعليق تلك الخدمات في البلاك بيري ليس بسبب خلاف شخصي بينها وبين الشركة الكندية الأم RIM أو بسبب سعيها إلى تقييد حرية المستخدمين في التعبير عن آرائهم أو لتحجيم الديمقراطية في المجتمع كما تداول البعض مؤخرا عبر الرسائل النصية القصيرة SMS ولكن حرصا منها على حماية المستخدمين أنفسهم إضافة إلى حماية أمنها القومي و فرض سيادتها وتنفيذًا لما يتوافق مع تشريعاتها وقوانينها.
فمعظم المستخدمين لتلك الخدمات يجهلون الأخطار التي تمكن وراء استخدام خدمات ذلك الجوال. حيث من الممكن أن تتيح بعض خدمات quot; بلاك بيري quot; السبيل أمام بعض الأفراد لإرتكاب تجاوزات بعيدا عن أي مساءلة قانونية مما يترتب عليه عواقب خطيرة على الأمن الاجتماعي والقضائي والأمن الوطني.
وذلك لأن الطبيعة التقنية لهذه الهواتف تجعل بعض خدمات quot; بلاك بيريquot; مثل المسنجر والبريد الإلكتروني وبرامج تصفح الإنترنت تبقى خارج نطاق تطبيق هذه التشريعات الوطنية.وتعد خدمات quot; البلاك بيري quot; الوحيدة التي تقوم من خلالها مؤسسة تجارية أجنبية بتصدير معلومات المستخدمين وبياناتهم مباشرة إلى خارج دولة الإمارات وإدارتها.
ويرى بعضهم في الإمارات أنهم يستطيعون تشغيل خدمات quot;بلاك بيريquot; عن طريق تفعيل تلك الخدمات من أي دولة مجاورة لا تحظر تلك الخدمات كقطر مثلاً ولكن ردًّا على ذلك أكد محمد ناصر الغانم مدير عام الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الإمارات أنه سيتم تعليق خدمات البلاك بيري لكل الأجهزة الموجودة داخل الدولة وكذلك لأي جهاز quot;بلاك بيري quot; يدخل إلى الدولة من الخارج أي يتم تعليق الخدمة كذلك لأي زائر الى الدولة.
وأضاف الغانم أنه quot;من أجل المصلحة العامة أصدرنا قرارنا إلى مزودي خدمات الاتصالات في الدولة بتعليق خدمات المسنجر والبريد والتصفح الإلكتروني الخاصة بالبلاك بيري إعتبارا من 11 تشرين الاول- أكتوبر 2010 وذلك حتى يتم التوصل إلى حل يتوافق مع الإطار التشريعي لقطاع الاتصالات في الدولة quot;.
كما اوضح quot;أن تقديم عروض بديلة تكفل استمرارية خدمات المسنجر والبريد والتصفح الإلكتروني للعملاء من أفراد وشركات هو في صلب أولوياتنا لذا تم إبلاغ كل من مؤسسة الإمارات للاتصالات quot; اتصالات quot; وشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة quot; دو quot; بضرورة تأمين الحلول التي تحقق هذا الهدف quot;. مشيرًا الى أن هيئة تنظيم الاتصالات ترى أن خدمات البلاك بيري تبدو متوافقة مع الأطر التشريعية المماثلة في دول أخرى ما يجعل من عدم الاستجابة في هذه الحالة لتشريعات دولة الإمارات مصدرا للقلق وأمرًا مخيبًا للآمال.
والجدير بالذكر أن قضية تعليق خدمات البلاك بيري لم تثار في الإمارات فقط فقد انتقلت المطالبة بتعليق خدماته إلى دول خليجية أخرى نتيجة تخوفات أمنية حول خدماته. ففي السعودية التي تضم 700 ألف مستخدم لجهاز quot;بلاك بيري quot; تضاربت الأنباء حول إيقاف أو استمرار خدمات ذلك الجوال.
وترجع أسباب المخاوف إلى أن خدمات الشركة تستضيفها كندا وبالتالي هي خارج نطاق السلطات القانونية لتلك الدول، فيما يستخدم جهاز quot; بلاك بيري quot; تقنيتي التشفير الثلاثي والتشفير المتطور لتشفير البيانات وبما أن خادم الشبكة موجود في كندا فإن البيانات والرسائل لا يمكن اختراقها.
ولم يتوقف الأمر على خوف الدول فقط من استخدام خدمات بلاك بيري فقد قامت بعض الهيئات والمؤسسات إلى استبدال أجهزة البلاك بيري بأجهزة أخرى ففي ايار- مايو من العام الجاري 2010 قام بنك ستاندرد تشارتيرد باستبدال جهاز البلاك بيري بالآيفون، كما قام بنك اتش اس بي سي وبنك مورجان ستانلي أيضًا بالتحول إلى أجهزة جديدة بدلاً من أجهزة البلاك بيري . ويبدو أن سوق جهاز بلاك بيري حول العالم قد بدأ في الاضمحلال مقابل صعود أجهزة أخرى أكثر أمانا وكفاءة.
التعليقات