يبدي أكاديميون بريطانيون قلقهم إزاء تصاعد عدد طلاب العلوم المسلمين، الذين يرفضون حضور محاضرات متعلقة بأبحاث داروين، باعتبار أنها تناقض تعاليمهم الدينية. ويُلاحظ أن هذا المنحى يسود أوساط الطلاب المسلمين خاصة، رغم أن الأديان السماوية كافة تتعارض مع نظرية النشوء والتطور.


تشارلز داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء

صلاح أحمد من لندن: سلّطت الصحافة البريطانية الضوء على تنامي ظاهرة وسط الطلاب المسلمين المتخصصين في علوم الأحياء والطب، وهي مقاطعة المحاضراتالمتعلقة بتشارلز داروين ونظريته عن النشوء والتطور، باعتبارها منافية لقصة الخلق كما وردت في القرآن.

وكمثال، نقلت صحف عن عدد من المحاضرين في جامعة laquo;يونيفيرستي كوليدج لندنraquo; إعرابهم عن الشعور بالقلق إزاء تنامي عدد طلاب الأحياء، الذين يقاطعون المحاضراتالمتعلقة بنظرية داروين، مع أنها جزء أساسي من المقرر الأكاديمي.

يقول أولئك الأكاديميون إن دراسة علم الأحياء لا تكتمل إلا بهذه النظرية، بغضّ النظر عن الجدل الذي تثيره في الأوساط الدينية.

ربما كان غنياً عن الذكر أن داروين يرجع وجود الإنسان في الدنيا إلى سلسلة طويلة من النشوء والتطور، وسط أشكال الحياة الأولى، بينما تقول الأديان السماوية، كالإسلام، إن الله خلق كل شيء من عدم (إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون)، وإن البشر هم سلالة، أبواها أول الخلق آدم وحواء.

يلاحظ رتشارد دوكينز، عالم الأحياء والمحاضر السابق في جامعة أوكسفورد، الذي اشتهر في العالم العربي بسبب كتابه laquo;وهم الإلهraquo;، أنه على الرغم من أن نظرية داروين مرفوضة في أوساط أتباع الأديان السماوية كافة، فإن الطلاب المسلمين بشكل خاص هم الذين يرفضون حضور المحاضرات المتعلقة بها. ويقول إن هذا السلوك مدعاة لقلق عميق، وسط أناس قرروا دراسة العلوم، لأن الافتراض هو أنهم يتمتعون بالعقل العلمي.

ويقول ستيف جونز، بروفيسير المورّثات البشرية في جامعة laquo;يونيفيرستي كوليدج لندنraquo;، إنه يقف حائرًا أمام السبب الذي يحدو بأولئك الطلاب لدراسة علوم الأحياء، وهم يعلمون أن الإلمام بها لا يكتمل إلا بنظرية داروين. وأضاف laquo;أفهم اعتراضهم على كل ما يفيد أن هناك عملية عشوائية لا علاقة لخالق بها. ولكن ما لا أفهمه هو اعتراضهم على سماعهم مجرد الحجةraquo;.

هارون يحيى
رتشارد دوكينز

يذكر أن إمام laquo;مسجد التوحيدraquo; ليتون في شمال شرق لندن، أسامة حسن، قوبل في الآونة الأخيرة بانتقادات عنيفة وسط بعض أفراد الجالية الإسلامية، وصلت إلى حد تهديده بالقتل. وكان هذا لأنه أوحى بأن الإسلام نفسه ربّما كان غير متعارض مع نظرية داروين على النحو الذي يصوّره نقّادها الدينيون.

من جهتها تقول جماعة Muslims4UK (مسلمون من أجل المملكة المتحدة) إنها تلقي باللائمة جزئياً في تنامي العداء لكل ما من شأنه الاختلاف مع قصة الخلق كما وردت في الأديان السماوية على كتابات وشرائط المفكر التركي هارون يحيى.

يذكر أن هذا الأخير أصدر عددًا من الكتب وشرائط الفيديو، التي تحاول تفنيد نظرية داروين وإثبات بطلانها. ويعتقد المتابعون البريطانيون أنه وجد شيئًا من الإلهام في الشعبية التي يحظى بها وعّاظ الخلق الإلهي وسط الأصوليين المسيحيين الأميركيين.

يربط هارون بين الداروينية والنازية، ويجعل هذا من منطلقاته الأساسية في كتبه وشرائط الفيديو، التي تلقى رواجًا كبيرًا وسط أفراد الجالية الإسلامية في بريطانيا.

كما إن شرائطه تتمتع بحيز كبير في برامج الفضائيات التلفزيونية الإسلامية على تعددها واختلاف مذاهبها. وصارت أفكاره بمثابة حجر الرحى في عدد من المحاضرات، التي يلقيها الإسلاميون في مختلف المنتديات الفكرية والأكاديمية في كبريات المدن والجامعات البريطانية.