لميس فرحات: بالرغم من أن الكثيرين لا يرون الفضاء كمكان رطب، إلا أنه يختزن كمية هائلة من المياه في كل مكان فيه. فمنذ مليارات السين، كان كوكب المريخ يفيض بالمياه، وتجوبه الأنهار والقنوات الملتوية في طريقها الى البحار القديمة.

كانت المجموعة الشمسية لتكون عبارة عن حديقة مائية لولا أن معظم كميات المياه الموجودة فيها لم تكن متجمدة. فالحلقات حول زحل تتألف في معظمها من تريليونات القطع الجليدية. والمذنبات تتكون في معظمها من الجليد، وكذلك كوكب بلوتو. قمر كوكب المشتري، المسمى quot;يوروباquot; فيه طبقة سميكة من الجليد تغلف المحيطات المالحة في أرضه التي تبقى مياهه ساخنة بسبب الحرارة الداخلية لهذا الكوكب الصغير.

أما قمر كوكب زحل quot;ايكيلادسquot;، فينفث مياهه الجوفية الى الفضاء ما يشكل حلقة من البخار الذي يحيط بزحل. في حين أن اورانوس ونبتون، فيعرّفهما علماء الكواكب ببساطة على أنهما quot;عملاقا الجليدquot;.

لا ينحصر هذا في النظام الشمسي فقط، فالمياه منتشرة بشكل هائل في كل أنحاء الفضاء، سواء بشكلها السائل أو الصلب. لكن ما توصل اليه فريقان من الفلكيين الدوليين يمكن اعتباره اكتشافاً مذهلاً. اشارت صحيفة quot;تايم ساينس إلى أن مجموعة من الفلكيين عثروا على سحابة من بخار الماء يصل وزنها 140 تريليون مرة كتلة المحيطات في العالم، وتدور حول ثقب أسود عملاق يبلغ وزنه أكثر من الشمس بـ 20 مليار مرة.

هذه السحابة عبارة عن بخار الماء المختلط بالغبار والغازات الأخرى، بما فيها أول أكسيد الكربون، وعلى الرغم من ضخامتها إلا انها قليلة الكثافة وأخف من الضباب. الأكثر إثارة للدهشة من هذا الإكتشاف، هو حقيقة أن إيجاد مثل هذا الخزان الهائل من المياه الكامنة في الكون على بعد 1.6 مليارات سنة فقط، تجعل من نظرية الانفجار الكبير (بيغ بانغ) حول أصل الكون منطقية وممكنة للغاية.

يعتبر الهيدروجين العنصر الأكثر شيوعًا في الكون، وقد عمد علماء الفلك في السابق إلى دراسة بخار الماء حول الثقب الأسود في محاولة لفهم الطاقة الغامضة التي تعمّ الكون. أما فئة أخرى من الفلكيين، فتعتبر أن المياه في الكون لها مغزى مختلف تمامًا. فمن البديهي أن المياه شرط أساسي لنشوء الحياة. فحقيقة أن المياه موجودة على الكواكب الأخرى، سواء داخل أو خارج النظام الشمسي، يعني أن إمكانية وجود حياة فيها يبدو إحتمالاً معقولاً للغاية.