أشرف أبوجلالة من القاهرة: نجح علماء فيزياء أميركيون وأستراليون في تطوير ترانزيستور عامل من ذرة فوسفور واحدة كامنة في بلورة من السيلكون.

وقالت مجموعة العلماء، في جامعتي نيو ساوث ويلز وبيردو، إنها مهدت الطريق لتطوير حاسوب كمي، يمكن الارتكاز عليه في المستقبل، وقد يعمل يوماً ما في عالم النانو، ويتعامل مع أوامر ذات نطاق أصغر وأسرع من تلك التي تتعامل معها الآلات التي ترتكز على السيلكون اليوم.

وعلى عكس الحواسيب التقليدية، التي ترتكز على الترانزستورات، التي يوجد فيها زرا quot;onquot; وquot;offquot; أو quot;1quot; وquot;0quot;، يتم تصنيع الحواسيب الكمية من أجهزة يطلق عليها مكدسة، وهي الأجهزة التي تستغل الخصائص الغريبة لميكانيك الكمّ. وعلى عكس الترانزستور، يمكن للمكدسة أن تمثل عدداً وافراً من القيم في وقت واحد.

قد يتيح ذلك إمكانية تحليل أعداد كبرى إلى عوامل بصورة أسرع من الآلات التقليدية، ومن ثم تقويض نظم تدافع المعلومات الحديثة، التي تعتبر قاعدةً للتجارة الإلكترونية وخصوصية البيانات. كما قد توفر حواسيب الكم إمكانية محاكاة الهياكل الجزيئية بسرعة كبيرة، وهو التطور الذي يبشر بتصميم عقاقير جديدة ومواد أخرى.

في هذا السياق نقلت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن أندرياس هينريخ، عالم الفيزياء لدى شركة آي بي إم، قوله: quot;طريقتهم فعالة للغاية. وتلك ثمار مجهود استمر على مدار ما لا يقلّ عن 10 أعوام لتصنيع أسلاك كهربائية صغيرة للغاية والجمع بينها وبين موضع ذرة فوسفور في المكان الذي يريدونه بالضبطquot;.

وتابع هينريخ حديثه في الإطار نفسه بالقول إن هذا البحث يعتبر خطوة مهمة نحو تطوير نظام حوسبة كمي فاعل. مع هذا، فإنه مازال من غير الواضح ما إن كانت حوسبة الكم سيتم تسخيرها للقيام بمهام مفيدة أم لا. ولاحظ الباحثون كذلك أن أعمالهم قد أظهرت الحدود الأساسية التي ستتمكن حواسيب اليوم من الارتداد إليها.

وقال غيرهارد كليمك، أستاذ الهندسة الحاسوبية والكهربائية في جامعة بيردو وأحد قادة المشروع quot;اتضح أن قانون مور من الممكن أن يرتقي نحو موازين ذرية في السيلكونquot;. ويشير قانون مور إلى التحسينات التقنية من جانب صناعة أشباه الموصلات التي ضاعفت عدد الترانزستورات على شرائح سيلكون كل 18 شهراً تقريباً خلال النصف القرن الماضي. وهو ما أدى إلى زيادات سريعة في الأداء وانخفاض في الأسعار.

وأشار الباحثون في السياق عينه إلى أن الترانزستورات أحادية الذرة تصنع على أساس النجاح أو الإخفاق. وأضافت ميشيل سيمونز، إحدى الباحثات البارزات ومدير مركز ARC لحوسبة الكم والاتصالات في جامعة نيو ساوث ويلز: quot;غير أن هذا الجهاز نموذجي. وهذه هي أول مرة يظهر فيها أي أحد سيطرته على ذرة واحدة في ركيزة فيها هذا المستوى من الدقة الصحيحةquot;.

ومنذ المحاولات التي سبق وأن قام بها باحثون في خمسينات القرن الماضي على هذا الصعيد، ومصممو الحوسبة يقتربون بصورة متزايدة من أصغر المكونات التي يمكنهم أن يقوموا بتطويرها.

وبموجب بحث جامعتي نيو ساوث ويلز وبيردو الذي نشر أخيراً، أوضح العلماء أنهم أظهروا الحدود الأساسية التي ستتمكن بموجبها مكونات الحواسيب التي ترتكز على السيلكون من الارتداد إليها في المستقبل. وقامت إنتل حالياً بتصنيع أصغر بُعد في عالم الحواسيب، ويقدر بـ 22 نانومتر، أي أقل من 100 ذرة في القُطر.

عاود دكتور كليمك ليقول في سياق متصل: quot;إذا ظلت صناعة أشباه الموصلات على وتيرتها الحالية، فقد تكون هناك إمكانية للوصول إلى هذا الحد في غضون عقدينquot;. ورغم هذه الحدود، إلا أن صناعة أشباه الموصلات حققت تقدماً كبيراً في ما يتعلق بإيجاد طرق يمكن من خلالها تطوير دوائر أصغر بكثير من طول موجة الضوء المرئي.

ولفتت النيويورك تايمز إلى أن تقليص دوائر الحواسيب التقليدية يتيح زيادات كبيرة في السرعة التي يمكن أن تقوم من خلالها الحواسيب بحل المشكلات، ويقلل الطاقة التي يحتاجها، ويزيد بشكل كبير من كمية البيانات التي يكون بمقدورها تخزينها.

لكن بعض العلماء والمهندسين يعتقدون أنه حتى وحين تتوقف الحواسيب التقليدية عن تقديم أداء جيد، ستقدم حوسبة الكم ثمة طريقة يمكن من خلالها الاستمرار في تقديم تحسينات ضخمة، وهو ما يتيح إمكانية حل المشكلات بعيداً عن متناول آلات اليوم.