يحضر الائتلاف السوري المعارض في الرياض بقضه وقضيضه، ومعه تكتلات معارضة أخرى، كما يحضر لأول مرة قادة ميدانيون يمسكون بالحل والربط في الميدان، وهذه فرصة أخيرة، تحيي المعارضة أو تميتها.

علي الإبراهيم: تبدو الرغبة العربية والعالمية في إيجاد حلّ توافقي لإنهاء النزاع في سوريا أكثر جدية من أي وقت مضى، خصوصًا بعد تنامي قوة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) واتساع أزمة اللاجئين.

وتتّجه أنظار السوريين وغيرهم من المهتمين بالشأن السوري إلى المؤتمر الذي تستضيفه العاصمة السعودية الرياض للمعارضة السورية، والذي انطلق الثلاثاء ويستمر ثلاثة أيام، إذ يتصدر جدول أعماله بند مناقشة ممثّلي مختلف كيانات المعارضة السورية السياسية والعسكرية أجندة التوافق على وثيقة تشكّل خريطة طريق المعارضة للعملية التفاوضية التي تحدّث عنها اجتماع فيينا الشهر الماضي بين الأطراف الدولية المعنية بالنزاع الدائر في سوريا.

ومن المتوقع أن يتوصل المجتمعون إلى توافق على تشكيل وفد موحد يمثل المعارضة، في مسعى للاتفاق بشأن المرحلة الانتقالية وأسس التفاوض مع النظام السوري. ويأتي المؤتمر في وقت دقيق جدًا، مع تصاعد الحملة ضد داعش وظهور دعوات لتعاون المعارضة والنظام في مقاتلة التنظيم المتطرف.

تمثيل واسع

لعل أبرز ما يميز مؤتمر الرياض هو التمثيل الواسع لمختلف كيانات المعارضة السورية السياسية والعسكرية، إذ يحضر المؤتمر نحو 100 شخصية تمثل جميع كيانات المعارضة السورية، باستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب الكردية التابعة له، والتي تملك علاقات جيدة مع موسكو، أخيرًا، والمحسوبة بشكل أو بآخر على النظام السوري، بحسب محمد الأحمد، القائد العسكري في فيلق الشام التابع للمعارضة السورية المسلحة.

يحضر الائتلاف السوري المعارض، أكبر كيانات المعارضة السورية، بـ 38 عضوًا برئاسة خالد خوجة رئيس الائتلاف، كما يحضر أعضاء مؤتمر القاهرة الذي تأسس في بداية العام الحالي بوفد يصل تعداده إلى 20 عضوًا. وتتمثّل هيئة التنسيق الوطنية بـ21 عضوًا بحضور رئيس الهيئة، حسن عبد العظيم الذي يقيم في دمشق.

أمّا تيار بناء الدولة السورية فيتمثّل بحضور 4 أعضاء، بحسب ما أعلن رئيس التيار، لؤي حسين، الذي يحضر المؤتمر أيضًا. كما سيضم المؤتمر ممثلي منظّمات المجتمع المدني ورجال الأعمال والمثقفين المستقلين عن المؤتمر.

قادة حاضرون

تحضر المعارضة المسلحة بقادتها، إذ وجهت الرياض الدعوة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة "أحرار الشام"، لبيب نحاس، وقائد فيلق الشام، أحد أكبر فصائل المعارضة شمال سورية، فضل الله الحجي، وقائد الفرقة الساحلية الأولى في الجيش الحر، بشار منلا، وقائد الفرقة الساحلية الثانية في الجيش الحر، محمد حاج علي، وقائد تجمع صقور الغاب في ريف حماة، الرائد محمد منصور، وقائد جبهة الأصالة والتنمية، محمد إياد شمسي، وقائد ألوية سيف الشام، ممثل الجبهة الجنوبية لـ"الجيش الحر" في دمشق، سامر الحبوش، وقائد فوج المدفعية الأول التابع لـ"الجيش الحر" في درعا، عبد اللطيف الحوراني، بالإضافة إلى خمسة آخرين ممثلين عن الجبهتين الشمالية والجنوبية في "الجيش الحرّ".

وأعلن إسلام علوش في بيان وزع على مواقع التواصل الاجتماعي اعتذار القائد العام لـ"جيش الإسلام" زاهران علوش، أكبر فصائل المعارضة في ريف دمشق، عن المشاركة بسبب قطع الطريق الواصل بين ريف دمشق المحاصر والقملون، وعدم قدرته على التوجه للرياض.

توحيد الهدف

حول النتائج المتوقع صدورها عن هذا المؤتمر، يعتقد عضو المجلس الثوري شمال سوريا يوسف عبيدي أن مؤتمر الرياض فرصة جيدة وجدية لتوحيد المعارضة السورية، مشيرًا إلى أن "احتمال نجاح المؤتمر كبير، كون الراعي الرسمي هو السعودية لما تتمتع به من مركز إقليمي هام خصوصًا في الملف السوري".

ونوه العبيدي بأن "عامل قوة آخر سيدفع نحو نجاح السعودية في توحيد المعارضة، وهو اندراج مؤتمر الرياض في إطار التحضيرات لمفاوضات دولية بين المعارضة والنظام السوري برعاية الدول المشاركة في فيينا، لا سيما بعد دخول إيران الداعم الأبرز للنظام على الخط والتزامها ما صدر عن لقاء فيينا".

وحول مصير بشار الأسد، يؤكد القيادي العسكري في جيش الفتح محمد فيصل أن فصائل المعارضة متمسكة بشرط رحيل الأسد وزمرته ومحاسبتهم أيضًا، "فقتال نظام الأسد هو اساس ثورتنا ولن نتراجع عنه".
أما عن إمكان التعاون مع قوات النظام لقتال تنظيم الدولة الاسلامية، عبر القائد الميداني في جيش الفتح أبو الوليد لـ"إيلاف" عن رفضه الفكرة، معتبرًا أن النظام مجرم لا يمكن الوقوف إلى جانبه مطلقًا ولا تحت أي ظرف كان، "فبنادقنا هي من تحدد مصير الأسد الذي سيكون في مزابل التاريخ، هو ومن معه".

ارتياح شعبي

شعبيًا، يسود جوّ من التفاؤل بين الأهالي بشأن المؤتمر الذي دعت السعودية إليه مكوّنات المعارضة للبحث في الخروج بورقة موحّدة حول مكوّنات المرحلة الانتقالية وبيان جنيف-1. لكن يشوب هذا التفاؤل قلق في ظلّ ظروف دولية معقّدة، آخرها تراجع في الموقف الدولي حيال مصير الأسد، مقابل الموقف الثابت لحلفاء النظام، وتأكيد إيران على أنه خط أحمر.

التقت "إيلاف" عددا من المواطنين شمال سوريا، عبروا عن مخاوفهم من انقطاع الدعم السعودي، في حال لم تتواصل الأطراف المشاركة إلى النتائج المرجوة في نهاية المؤتمر.

ويؤكد الدكتور معاذ السيد، الأستاذ في جامعة ادلب الحرة، ضرورة الوقوف صفًا واحدًا، وانبثاق رؤية موحدة، للخروج ببنود تمثل الجميع أولها سقوط نظام الأسد، "لنتمكن من البدء بمرحلة إنتقالية بعد سقوط النظام"، على حد تعبيره.
&
الأكراد غائبون

لم توجه دعوة الى الأحزاب الكردية بمن فيهم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي للمشاركة في مؤتمر الرياض. وكان رئيس الحزب صالح مسلم قال في وقت سابق إنهم لم يتلقوا دعوة لحضور المؤتمر. وصدر عن الإدارة الكردية بيان جاء فيه: "نعتبر أنفسنا غير معنيين بكافة مخرجات مؤتمر الرياض، وسنعتبرها وكأنها لم تكن، ولن يستطيع أحد مهما كان أن يفرض علينا أي قرار أو توجه لم نشارك فيه".

ولم تتلق قوات سوريا الديمقراطية ايضًا، وهي مجموعة فصائل عربية وكردية تحظى بدعم أميركي، دعوة من الرياض على الرغم من تقدمها الميداني في الشهرين الاخيرين على حساب داعش.

وقال المعارض الكردي طه الحامد لـ"إيلاف": "إصرار حزب الإتحاد الديمقراطي على حضور مؤتمر الرياض وهذا الاستنفار الكبير حوله دليل قصر نظر وعدم انسجام الحزب مع الخط الثالث الذي أعلنه ويعبر عن تناقض واضح في الخطاب السياسي وجهل في تحليل وأهداف مؤتمر السعودية والغاية منه، ومؤتمر الرياض عقد لأجل شرعنة الائتلاف وإعادة تأهيله وتقديمه كممثل وحيد عن المعارضة مقابل النظام، وبما اننا منذ البداية نقول لسنا مع النظام ولا مع المعارضة كنا نلح أن نكون جهة ثالثة فلماذا كل هذا الاستنفار والقلق ما دمنا نملك القرار على الأرض".

ورقة ضغط

من المعروف أن السعودية اليوم هي أحد الداعمين الاساسيين للمعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، وهذا يعتبر ورقة ضغط للقبول ببنود قد تفرضها المملكة على المشاركين، لكن بالمقابل ما يزال عدد من الفصائل الاسلامية الهامة على الساحة السورية، كتنظيم جبهة النصرة وجند الاقصى وعدد من الألوية والفصائل الأخرى، يده على الزناد، ولا تقبل بمبدأ التفاوض مع قوات الأسد، معتبرة أن الحسم العسكري هو الوحيد القادر على إنهاء النزاع الدائر في سوريا.

وهذا ما أكده محمد الرحمة، أحد القادة العسكريين لتنظيم جبهة النصرة - قاطع حماة لـ"إيلاف". قال: "الكلمة الفصل على الأرض، وصوت الرصاص أعلى من جميع الأصوات".
&