الفرصة التي لن تتكرر مرتين، هذا أقل ما يمكن أن يقال عن مؤتمر الرياض الذي من المنتظر أن يجمع كافة السوريين المعارضين تحت قبة واحدة، اليوم الثلاثاء، لتوحيد الصفوف والخروج بوفد مفاوض يحشر النظام في زاوية المرحلة الانتقالية التي طالما تهرب منها أمام المجتمع الدولي.

الرياض: تتوجه أنظار السوريين اليوم الثلاثاء الى العاصمة السعودية الرياض لمتابعة فعاليات مؤتمر توحيد المعارضة السورية الذي قد يشكل فرصة ذهبية للوصول الى ورقة تفاهم مشترك، يخرج بها المعارضون من كافة الفصائل السياسية والعسكرية المختلفة للبدء بمفاوضات قد تصل الى مرحلة انتقالية طالما انتظرها السوريون.
وبات من المؤكد الآن مشاركة نحو 100 شخصية سياسية، و16 فصيلاً عسكريًا يتقدمهم جيش الاسلام الذي لن يشارك قائده في المؤتمر لاسباب أمنية، وحركة أحرار الشام التي كانت حاولت روسيا جاهدة لضمها الى لائحة ارهاب مؤتمر فيينا مؤخرًا.
لا حل في الرياض
المعارض السوري ورئيس تيار بناء الدولة السورية لؤي الحسين، لم يتفاءل كثيرًا بمخرجات مؤتمر الرياض، مشيرًا الى انه ليس من شأنه أن يحل الأزمة السورية، كما يظن البعض، وليس موضوعًا سوريًا بحتًا بل دوليًا في المقام الأول.
وقال على صفحته (الفيسبوك): "لو لم أرَ في مؤتمر الرياض أمرًا ايجابيًا لما قبلت الذهاب إليه، فأنا اعتذرت عن حضور جميع المؤتمرات منذ بداية ٢٠١٣. فهو ممر ضروري للعملية السياسية، إذ لا بد من توحيد رؤية المعارضة للمرحلة الانتقالية، أو رؤية غالبية المعارضة، ولا بد من اختيار وفد معارض ليتولى مهام التفاوض مع النظام وتقديم التصورات لاحقًا باسم جميع المعارضة، فلا يمكن عند كل منعطف الدعوة لعقد مؤتمر عام للمعارضة".
وأضاف: "أهمية المؤتمر اليوم أن دولة ترعاه، وهي السعودية، بتكليف أو تفويض دولي من اجتماع فيينا. أي أنها تقوم بذلك وفق مسار العملية السياسية التي تم التوافق على خطوطها العريضة في فيينا، وهذا خلاف لما قاله السيد أمير عبد اللهيان، نائب وزير الخارجية الإيراني".
حقنًا لدماء شعبنا
معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري الاسبق عاد عن قراره بعد اعتذار سابق عن المشاركة نشره على الفيسبوك. وقال: "بعد مشاورات واتصالات مع اخوة في الداخل والخارج، سياسيين ومدنيين وعسكريين ، فارجو الله التوفيق في المشاركة بمؤتمر الرياض".
وأضاف: "اللهم إن كان فيه خير لبلادنا وأهلنا، وحقناً لدماء شعبنا، فافتح لنا أبواب الخير فيه ، وإن كان فيه غير ذلك فاصرفه عنا واصرفنا عنه".
وكان مصدر مسؤول بالخارجية السعودية قال إن الرياض وجّهت الدعوات لحضور مؤتمر للمعارضة السورية في العاصمة السعودية، وذلك انطلاقًا من دعمها للحل السياسي في سوريا، واستنادًا إلى مؤتمر فيينا2.
وأضاف المصدر أن السعودية وجهت الدعوة إلى كافة شرائح المعارضة السورية المعتدلة، بمختلف تياراتها وأطيافها العرقية والمذهبية والسياسية، داخل سوريا وخارجها، موضحًا أن الدعوات وجهت بعد التشاور مع الأطراف الدولية الفاعلة، والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
مواصفات الرئيس المقبل
جمال سليمان سيكون مشاركًا بصفة مستقلة، لكنه سيمثل وجهة نظر "لجنة مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية"، أوضح أن الرئيس السوري القادم يجب ان يكون إنسانًا وطنيًا بعيدًا عن الطائفية و الفساد، رجلا او (امرأة) يحب السوريين جميعًا بصرف النظر عن دينهم او عرقهم. يعرف بأن الدولة المحترمة تقوم على قاعدتي الحرية و القانون العادل الذي لا يقبل المساومات، ويعمل من اجل الذين لم ينتخبوه كما يعمل للذين انتخبوه. علاقات القربى و الولاء لا تعني له شيئًا، كفاءات الأشخاص و سيادة القانون هي كل شيء بالنسبة له.
وأضاف: "هذا الرئيس يجب أن يقبل بارادة الشعب المُعبر عنها عبر المؤسسات الشرعية و صناديق الانتخاب. لا يرى سوريا مزرعة بل وطناً سيدًا لابنائه الأحرار. ويجب ان يكون حاسمًا و حازمًا في تطبيقه للقانون على نفسه وعلى الآخرين".
لا تنبؤ بالنتائج
المعارض السوري لؤي صافي، ذكر أن الحالة الدولية وواقع المعارضة يجعلان المشاركة في مؤتمر الرياض امتحانًا عسيرًا لا يمكن التنبؤ بنتائجه، ولكن المؤتمر خطوة ضرورية للوصول إلى موقف موحد. وقال: "كنت أود لو بادرت المعارضة السورية إلى عقده بإرادتها وقدراتها الذاتية. ولكنها لم تفعل لأسباب تتعلق بمزاجها العقدي والثقافة السياسية التي تحكم الكثير من الناشطين في إطارها، لذلك فإن المدعوين مطالبون وطنيًا وأخلاقيًا بالسعي إلى توظيف هذه الفرصة للخروج بجبهة موحدة رغم الصعوبات".
وحول الأسماء المدعوة، نوّه الصافي إلى أنها تمثل تنوعًا سوريًا مقبولاً في الظرف الحالي الذي نعيشه، وتحمل معها إلى الاجتماعات مواقف مختلفة وربما متباينة في بعض الحالات. ولفت الصافي إلى أن "الاعتراضات على مشاركة بعض المدعوين على أساس الأحقية في التمثيل قد تكون صحيحة نظريًا، ولكن عمليًا من الصعب الجزم بها قبل الوصول إلى انتخابات شعبية للقطع بمن يقبل به الشعب السوري ومن يرفضه، فالتنافس طبيعة العمل السياسي، وبالتالي لا يمكن حاليًا الوصول إلى حالة من التمثيل الشعبي طالما بقي المتنافسون هم الخصم والحكم في آن".