قدمت ناسا اليوم، في مؤتمر صحافي بواشنطن، أدلة جديدة على وجود ماء على سطح المريخ، مالح لا يتجمد، ما يوحي بإمكان وجود حياة ولو مجهرية عليه.

سارة الشمالي من دبي: كشفت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في مؤتمر صحفي بمقرها الرئيسي بواشنطن تفاصيل اكتشاف علمي كبير بكل المقاييس، يقول العلماء إنه يحل لغز المريخ، شارك فيه جيم غرين، مدير قسم استكشاف الكواكب في ناسا، وثلاثة من علماء ناسا أبرزهم مايكل ماير، عالم الكواكب الشهير والمسؤول عن برنامج استكشاف المريخ في ناسا، ولوجيندرا أوجاها، الباحث في معهد جورجيا والمختص في دراسة احتمال وجود المياه على سطح المريخ، وماري بيث من مركز أبحاث أميس، وألفريد ماكيوين، الباحث المختص في تقنيات التصوير عالي الدقة.

بيئة صالحة للحياة

قال ماير: "لدينا ادلة حديدة تؤكد أن هناك مياه سائلة على سطح المريخ، وبسبب ذلك، نعتقد أنه على الأقل يمكن أن يكون هناك بيئة صالحة للحياة".

وشرح غرين في المؤتمر الصحافي كيف ستبحث المركبة الفضائية عن آثار مؤكدة لمياه على سطح الكوكب الأحمر، إلا أن ماكيوين قال: "مصدر هذه المياه ما زال لغزًا، ولا بد من أن يأتي من الجو أو الأرض أو من كليهما، عن طريق ضحلة جليدية أرضية، وقد تكون مياهًا تتحرر من بعض المعادن المائية، ومنها ما تحتوي على الكثير من الماء، مثل الكبريتات التي لا وجود لها على المريخ. انا أعتقد أن هذا الماء آت من الغلاف الجوي".

أما ماري بيث، فتقول إن الأملاح تحافظ على سيلان المياه وتمنعه من التجمد وقد وجدت في أكثر من موقع على سطح المريخ، "حتى أنها اليوم أكثر انتشارًا، إلا أنه من السابق لأوانه الكلام عن إمكان العيش على المريخ، فالأمر يحتاج إلى الكثير من الأبحاث والاستكشافات".

وعقب ماكيوين على ذلك بالتأكيد أنه يظن أن الحياة المجهرية على سطح المريخ "مسألة ممكنة فعلًا". واضاف: "ملوحة المياه الموجودة على سطح المريخ تضارع ملوحة مياه المحيطات عندنا، وأظنها منتشرة في ثنايا جوفية غير عميقة في تربة المريخ".

أدلة جديدة

وأعلنت ناسا اليوم أن بعثاتها العلمية اكتشفت أدلة جديدة وموثوقة على وجود مياه سائلة على كوكب المريخ، وادلة على وجود أراض منحدرة على الكوكب الأحمر. وكان لاحظ علماء الوكالة الفضائية لأول مرة عام 2010 معالم داكنة بعرض 5 أمتار، وطول أكثر من 100 متر، قالوا إنها آثار لأثلام خططتها المياه. وبتحليل هذه الأثلام، وجدت ناسا أنها تتألف من أملاح معدنية تمتص الماء بسهولة، وأن تدفق المياه هو السبب المرجّح لظهورها. وباتباع آثار المياه، يحاول العلماء في ناسا معرفة مدى مشابهة المريخ بالأرض، وثمة اعتقاد واسع النطاق اليوم بأن أنهارًا وبحيرات وبحارًا كانت موجودة على سطح المريخ، بعدما وجدت ناسا آثارًا لتآكل ترابي وصخري لا يتم إلا بالماء.

وفي المؤتمر الصحافي اليوم، قدمت ناسا صورًا عالية الدقة، تظهر رقعة جليدية على سطح المريخ، التقطت بكاميرا عالية الدقة (HRSC) مثبتة على متن المركبة الفضائية الأوروبية مارس إكسبريس في عام 2005، قطرها نحو 35 مترًا وتقع قرب القطب الشمالي للمريخ.&

أخاديد المطر

يتساءل العلماء إن كانت المياه السائلة على سطح المريخ تشبه المياه النقية التي نشربها على سطح الأرض. فإن كان الأمر كذلك، لا بد أنه يتبخر بسرعة بسبب انخفاض الضغط الجوي على سطح المريخ، أو يتجمد بسرعة بسبب الانخفاض الكبير في درجات حرارة سطح المريخ، التي تقدر بنحو 50 درجة مئوية تحت الصفر.&

وعلى الرغم من أن درجة الحرارة قد ترتفع في بعض الأحيان فوق درجة التجمد ظهرًا، فإن المياه على سطح المريخ تتجمد بسرعة، إلا إذا كانت مالحة. وتمكن علماء ناسا من تحديد المواد الكيميائية المختلفة على سطح المريخ، والتي يمكن أن تملح الماء هناك، خافضة درجة التجمد عشرات الدرجات المئوية.

في عام 2003، كشفت ناسا صورًا التقطها مساح المريخ العالمي، أظهرت ما سماه العلماء حينها "أخاديد المطر على سطح المريخ". حينها، قال فيليب كريستنسن، الأستاذ في جامعة أريزونا، أنه يعتقد بان الأخاديد تشكلت بسبب ذوبان المياه تحت الثلوج المتراكمة في حفرة على سطح الكوكب. وثمة من قال إن الماء انفجر خارجًا من أرض المريخ فأحدث هذه الأخاديد.

البحث جارٍ

في ضوء هذا الاكتشاف العلمي الباهر، يستمر البحث جاريًا للإجابة عن أسئلة عديدة: من أين تأتي هذه المياه المريخية؟ كيف تجد طريقها إلى السطح؟ هل هناك مخزون كبير؟ ثمة الكثير مما لا تعرفه ناسا، ويبحث عنه علماؤها، خصوصًا أن أبحاثًا سابقة عادت خالية الوفاض، فأين كانت هذه المياه مختبئة؟

اليوم، تحول التركيز من إرسال البعثات والمسابير لاستكشاف المريخ إلى البحث جديًا في السبيل الأمثل للهبوط بسلام قرب المناطق فيها ماء سائل على سطح الكوكب الأحمر. وبذلك، قد لا يكون إعلان اليوم مصيريًا بالنسبة إلى الأبحاث، لكن حتى كميات صغيرة من المياه المتدفقة على سطح المريخ خبر لا يمكن السكوت عنه.

&