فيينا: اختتم مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجتماعه في وقت متأخر من الليلة الماضية، بعد سلسلة مشاورات لم تسفر عن التوصل إلى quot;حل توافقيquot; بشأن مسألتين اساسيتين هما انتخاب أعضاء جدد في المجلس ينتمون إلى مجموعة الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا، وتطبيق نظام الضمانات في الشرق الأوسط وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية بسبب الفجوة العميقة بين إسرائيل والدول العربية.

وقد اتهم مندوب سوريا السفير محمد بادي خطاب، الولايات المتحدة بعرقلة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل توافقي يفضي إلى دعم ترشيح سوريا للمجلس، وذلك بسبب إصرارها على دعم ترشيح أفغانستان أو كازاخستان ورفض ترشيح سوريا وإيران.

وأوضح السفير خطاب أن مندوبي الدول الأعضاء في دول منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وعددها 15 دولة، من بينها تسع دول عربية، بالإضافة إلى مندوبي مجموعة دول حركة عدم الانحياز قد أعربوا عن تأييدهم لترشيح سوريا. وعبر عن quot;الأسف البالغquot; لعدم التوصل إلى مرشح توافقي من بين الدول الأربع المرشحة لعضوية مجلس المحافظين، ووصفه بأنه يشكل خرقاً صارخاً للقاعدة التوافقية، على حد تعبيره. ولم يستبعد المندوب السوري أن يتم التوصل إلى حل توافقي في غضون اليومين المقبلين، وإلا فإنه لا بد من اللجوء إلى الخيار الأخير وهو طلب التصويت في المؤتمر العام الذي سيبدأ أعمال دورته الثانية والخمسين يوم الاثنين المقبل.

وحول تركيز المندوب الاميركي غريغوري شولتي خلال الجلسة المخصصة لمناقشة البند المتعلق بتطبيق الضمانات في الشرق الأوسط، على مسألة موقع quot;الكبرquot; في الصحراء السورية، الذي قصفته طائرات حربية إسرائيلية في أوائل أيلول/سبتمبر من العام الماضي، قال المندوب السوري quot;كما تعرفون لم يكن في جدول الاعمال بند يتعلق بسوريا، فاعترض عدد من المندوبين بينهم مندوبو الدول العربية، وتمت إحالة المسالة إلى البند الأخير المتعلق بالمسائل الأخرى. واضاف قوله quot;ولكن ما حدث هو أن المندوب الأميركي خرق القاعدة المعمول بها منذ تأسيس الوكالة الذرية واغتنم الفرصة ليكيل الاتهامات ضد سوريا، بانتهاك تعهداتها وعدم التعاون الكامل مع الوكالةquot;.

واعرب المندوب السوري عن اعتقاده أن quot;السفير شولتي سلك الطريق الأعوج، متجاهلاً عن عمد أن المدير العام للوكالة الذرية محمد البرادعي أكد في الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية أن سوريا تعاونت مع الوكالة، وسمحت لمفتشيها بزيارة موقع الكبر وأخذ عينات ميدانية، وتأكيده أن التحاليل الأولية لتلك العينات لم تشر إلى وجود أي مواد أو أنشطة نوويةquot;.

وأوضح السفير خطاب أن quot;سوريا سبق لها أن أوضحت موقفها من مسألة السماح لمفتشي الوكالة بالقيام بزيارة جديدة إلا بعد معرفة النتائج النهائية لتحليل العينات، والنظر في أية تطورات مستقبليةquot;.

وأشار إلى أن quot;ما حدث هو أن المندوب الأميركي انتهك القاعدة الإجرائية المتعارف عليها، وأدلى بمداخلته في موضوع لم يكن مدرجاً في جدول أعمال مجلس المحافظين، وهو ما دفع مندوبي الدول العربية إلى الاعتراض، وطلبوا تعليق الجلسة لاجراء المزيد من المشاورات، وتمّ ترحيل المسالة السورية إلى البند الخاص بالمسائل الأخرى، على حد قوله.

وتطرق المندوب السوري إلى مسألة اعتبرها أساسية وهي التأكيد على الطابع الدولي للوكالة الذرية وقال quot;الوكالة هي وكالة متخصصة في تعميم استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية، ومن هذا المنطلق فهي ليست وكالة أميركية أو وكالة أوروبيةquot;. وأضاف قوله quot;ولكن المندوب الأميركي تجاوز العرف، وحاول أن يضع سوريا في دائرة الاتهام وكأنها انتهكت تعهداتها وخالفت القانون الدولي، وهو ما يندرج في إطار ما يعرف بـ quot;المعايير المزدوجة أو الكيل بمكيالينquot;، على حد وصفه.

ورأى السفير خطاب أنه quot;بدلاً من أن يشير المندوب الأميركي بالبنان إلى أن الدولة التي قامت بقصف موقع الكبر وتدميره، وهي إسرائيل، لجأ إلى تغطية العدوان الإسرائيلي من خلال سوق الاتهامات ضد سوريا. ومن هذا المنطلق، ترى سوريا أن العملية برمتها ملفقة وتقوم على ادعاءات مفبركة واتهامات باطلة لا أساس لها من الصحةquot;.

وحذر السفير خطاب مما وصفه بـ quot;النهج القائم على اتهام الضحية وحماية المعتدي بأنه سيساهم في تقويض أسس العلاقات السلمية بين الدولquot;. وشدّد على القول quot;لا بدّ من الأخذ في الاعتبار أننا لسنا أمام شريعة الغاب، وميثاق الأمم المتحدة واضح وصريح في تحريم وحظر، حتى التلويح باستخدام القوة في تسوية النزاعات بين الدول.