إفتتاح القمة الـ 15 لحركة عدم الإنحياز بدعوة إلى تأسيس نظام إقتصادي دولي جديد |
نبيل شرف الدين من القاهرة، وكالات: أكد المشاركون فى الجلسة الافتتاحية لقمة حركة عدم الانحياز التى بدأت أعمالها فى وقت سابق اليوم فى شرم الشيخ أن هناك مجالا واسعا لاسهام الحركة في توفير الأمن والسلم والرفاهية في العالم. وقال الرئيس السودانى عمر البشير ان قمة عدم الانحياز المنعقدة حاليا تكتسب اهمية متميزة فى ظل المعطيات الراهنة التى تعايشها الاسرة الدولية وبخاصة الدول النامية فى المجالات السياسية والاقتصادية. واوضح فى كلمته امام القمة ان هذه الظروف المفعمة بالتحديات ذات مغزى هام لحركة عدم الانحياز ومجموعة ال77 والصين وذلك على خلفية خدمة مصالح البلدان النامية الانية والطويلة الاجل.
واضاف الرئيس البشير ان التحديات والسيناريوهات الراهنة تحفز دول الحركة ومجموعة ال77 والصين لابتداع سبل واساليب جديدة لمعالجة الازمات. ولفت الى ان الاجتماع ينعقد فى ظل ظروف استثنائية بالغة التعقيد حيث يمر العالم بأسوأ واخطر ازمة اقتصادية ومالية معربا عن بالغ القلق ازاء هذه الازمة واثارها على البلدان ذات الطبيعة الخاصة بما فيها البلدان الافريقية والبلدان الاقل نموا اضافة الى التحديات التنموية التى تواجهها البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل. وأكد الرئيس السودانى اهمية الاصلاح الشامل للنظام الاقتصادى والمالي الدولى وضمان تعزيز دور البلدان النامية ومشاركتها فى وضع الاسس والمعايير وفى عملية اتخاذ القرار بمؤسسات التمويل.
بدوره قال سكرتير عام الامم المتحدة بان كى مون ان الحركة فى سعيها لتحقيق السلم والامن تلعب دورا بالغ الاهمية لاقامة وتحقيق عالم خال من أسلحة الدمار مؤكدا أن نزع السلاح من الاسس الراسخة لتحقيق السلم والامن الدوليين. وأضاف ان مؤتمر نزع السلاح يسعى دائما لتحقيق ذلك ويهدف للتوصل الى اتفاقية منع انتشار الاسلحة من أجل ضمان تحقق رؤيتنا وحلمنا لعالم خال من الاسلحة النووية. وأوضح أن التحدى مازال قائما من أجل التخفيض الجدى والعميق لترسانة الاسلحة النووية فى العالم.
وتحدث فى الجلسة الافتتاحية كل من رئيسة الفلبين جلوريا أرويو ممثلة عن المجموعة الآسيوية ورئيس الدومينيكان فرنانديز ممثلا عن مجموعة أمريكا اللاتينية والكاريبى ووزير خارجية بيلاروسيا ممثلا عن أوروبا. ويعقد القادة جلسة العمل الأولى بعد ظهر اليوم والتى يتم خلالها اعتماد جدول الأعمال وتقرير رئيس الاجتماع الوزارى التحضيرى الذى اختتم بالأمس وانتخاب هيئة مكتب القمة اضافة الى النظر فى طلب انضمام الأعضاء الجدد والمراقبين والضيوف واعتماد التقرير الخاص بنشاط الحركة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
كما تدور مناقشة عامة حول الموضوع الرئيسى للقمة وهو (التضامن الدولى من أجل السلام والتنمية) وكذلك موضوع (الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة). وتحظى القمة بأكبر تغطية اعلامية من الصحف ووسائل الاعلام المسموعة والمرئية المحلية والعالمية حيث توافد على مدينة السلام نحو 1000 من رجال الاعلام لتغطية فعاليات القمة.
وفي مستهل الجلسة الافتتاحية للقمة ألقى الرئيس الكوبي راؤول كاسترو بيانا عن رئاسة بلاده للحركة التي تأسست في أثناء الحرب الباردة من جانب دول لم ترغب في الانحياز سواء إلى الاتحاد السوفيتي أو الولايات المتحدة . وعرض الرئيس المصري حسني مبارك في كلمته الافتتاحية للقمة الخامسة عشر لدول عدم الانحياز للتحديات التي تواجه المنظمة في غياب الثنائية القطبية، التي على أساسها أسست هذه المنظمة الدولية، ودعا مبارك إلى تحقيق التضامن الدولي من أجل السلام والتنمية، والى حل مشكلة الشرق الأوسط .
كما طالب الرئيس المصري بإقامة نظام دولي سياسي واقتصادي جديد، يحقق التمثيل المتوازن لدول العالم النامية في أجهزة المنظمات الدولية والتجمعات الرئيسة مثل دول الـ 8 الكبار ومجموعة العشرين. كما دعا مبارك منظمة عدم الانحياز إلى التحلي بالمرونة في تعاطيها مع تطورات النظام العالمي الجديد. ويعول المحللون السياسيون على اللقاءات الجانبية التي تجري عادة على هامش هذه الفعاليات الكبيرة، أكثر مما يتوقعون نتائج ملموسة ذات أثر مباشر في نتائج هذه القمة وبياناتها وما قد يصدر عنها من أوراق أو مواقف .
وتضم حركة عدم الانحياز الآن 118 دولة عضو، و15 دولة تحمل وضع مراقب، تمثل ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ونصف سكان العالم، وكافحت لتجد دورًا منذ سقوط حائط برلين في عام 1989 وانهيار الاتحاد السوفيتي . والدول الأعضاء التي تبلغ 118 دولة تتألف من 53 دولة في إفريقيا و38 دولة في آسيا ودولة واحدة في أوروبا و26 دولة في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، ويتم تداول رئاسة حركة عدم الانحياز بين المناطق الجغرافية. وتتولى مصر الرئاسة من كوبا التي ترأست القمة من سبتمبر من العام 2006 .
وشكلت حركة عدم الانحياز رسميًا في عام 1961 في بلجراد بوساطة دول نامية اختارت عدم الانحياز مع الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي حتى لا تجد نفسها محصورة في سياسات الحرب الباردة، وتم تمثيل 25 دولة، والآباء المؤسسون هم كل من: الرئيس اليوغوسلافي جوسيب بروز تيتو ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس الاندونيسي سوكارنو والرئيس الغاني كوامي نيكروما.
تفاصيل الجلسة الافتتاحية
وعقدت الجلسة الأولى لقمة دول عدم الانحياز بحضور ما يقرب من 55 رئيس دولة من أصل 118، وعدد كبير من رؤساء الحكومات، وستمتد اجتماعاتها على مدى 11 ساعة عمل، ومن المقرر أن تناقش عددًا من القضايا الدولية في مقدمتها تطورات الوضع في الشرق الأوسط والنزاعات في أفريقيا، إلى جانب السبل الكفيلة بتفعيل دور الحركة، ومواجهة التحديات الجديدة التي تواجهها الدول الأعضاء .
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية دعا الرئيس المصري حسني مبارك حركة عدم الانحياز إلى التعامل مع الواقع الدولي الراهن على نحو يتسم بالفعالية والمبادرة، وقال: quot;إننا ندعو لنظام دولي سياسي واقتصادي وتجاري جديد أكثر عدلا وتوازنا، ينأى عن الانتقالية وازدواجية المعايير يحقق مصالح الجميع ويراعي شواغل الدول النامية وأولوياتها، يرسي ديمقراطية التعامل بين الدول الغنية والفقيرة، ويحقق التمثيل المتوازن للعالم النامي بأجهزة المنظمات الدولية، ومؤسسات التمويل، وآليات صنع القرار الاقتصادي العالمي، والتجمعات الدولية الرئيسية مثل مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى ومجموعة العشرينquot;.
ومضى الرئيس المصري قائلاً quot;إننا نتطلع جميعا لحياة أفضل لأجيال الحاضر والمستقبل، نتطلع للسلام والأمن والاستقرار والتنمية ولمزيد من التعاون في ما بيننا، ولشراكة حقيقية فعالة مع الدول من خارج الحركة تقرن الأقوال بالأفعال، وترسي دعائم تضامن دولي جاد من أجل السلام والتنمية على نحو ما يستشرفه الموضوع الرئيسي لهذه القمة . ولفت مبارك إلى ما يهدد السلم والأمن الدوليين من مخاطر الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، فضلا عن العديد من النزاعات المسلحة وبؤر التوتر وقضايا طال انتظارها لحل عادل، في مقدمتها القضية الفلسطينية وقضية السلام الشامل في الشرق الأوسط .
ومصر إحدى أبرز الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز وتبني فكرتها حتى قبل أن تظهر للوجود فعليا حيث طرحت هذه الفكرة خلال مؤتمر باندونغ الذي عقد عام 1955، حيث قامت بدور محوري في تأسيس الحركة ثم تطويرها وفي دعم بقائها واستمرارها رغم كل ما شهده العالم من تغيرات على الساحة السياسية، نظرًا لما تتمتع به الحركة من ثقل دولي كبير باعتبارها تضم ما يقرب من ثلثي دول العالم الأعضاء بالأمم المتحدة وتضم 55% من سكان العالم .
وثائق المؤتمر
وأقرت حركة عدم الانحياز إدراج فقرة في وثيقة تطوير أهداف ومبادئ الحركة تؤكد ضرورة احترام المعتقدات والرموز الدينية واحترام خصوصية كافة الثقافات فضلاً عن تعاون مصر مع عدد من دول الحركة في إدخال إضافات مهمة على وثائق القمة من قبيل التأكيد على التعددية الدولية ورفض مبدأ الأحادية والتأكيد على حق الدول في التنمية . ويؤكد الخبراء أهمية انعقاد القمة في مصر بما لها من دور محوري في مسيرة حركة عدم الانحياز منذ تأسيسها قبل نحو 48 عاما، بالإضافة إلى أن مصر أحد الأعضاء المؤسسين للحركة والذين ساهموا في بلورة فكرة وجود هذه الحركة أصلا ثم صياغة مبادئها وهياكلها لتصبح كيانا ملموسا على أرض الواقع ثم تطوير آليات عملها بحيث تتواكب مع متغيرات العصر بالإضافة إلى العمل على ترسيخ تواجد الحركة على الساحة الدولية في سياق قرن جديد ومناخ عالمي متغير يختلف بشكل كبير عن الظروف التي نشأت في ظلها الحركة .
ويتوقع الخبراء أن تشكل قمة شرم الشيخ، التي تتخذ من quot;التضامن الدولي من أجل السلام والتنميةquot; شعارا لها، نقلة مهمة في مسيرة حركة عدم الانحياز، مثلما كانت القمة الثانية للحركة التي استضافتها مصر في عام 1964 بمثابة خطوة بالغة الأهمية في خضم حركة الاستقلال الوطني والتحرر التي شهدتها. الساحة العالمية وقتها كما خرجت القمة بالحركة من الإطار السياسي العام إلى مرحلة التفاصيل الدقيقة والعمل على أرض الواقع والمعالجة المتعمقة للقضايا التي تمثل أكبر التحديات أمام الدول الأعضاء آنذاك .
ويضيف الخبراء أن أهمية قمة شرم الشيخ تكمن أيضا في حجم المشاركة الكبير، ومستوى التمثيل الكبير فيها، بالإضافة إلى توقيت انعقادها في وقت يشهد فيه العالم العديد من التطورات والتحديات الكبيرة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وفي مقدمتها الأزمة المالية والاقتصادية العالمية بكل تداعياتها والتي تعد الدول النامية أكثر المتأثرين بها، كما أنها تأتي في وقت يشهد فيه العالم الكثير من العلاقات السياسية المتوترة، والأزمات والنزاعات المتفجرة بين عدد من الدول في شتى الأقاليم، والمناطق المختلفة .
التعليقات