العراق ينتخب بالصور

على وقع الإنفجارات، شارك العراقيون في الإقتراع، وبعد يوم إنتخابي طويل، ومع إستمرار عملية فرز الأصوات، أعلنت بعض الإئتلافات عن فوزها في حين شككت أخرى في الإنتخابات .

بغداد: بينما يستمر فرز أصوات الناخبين في العراق بعد يوم انتخابي طويل أعلنت بعض من القوائم الرئيسة أنها تصدرت السباق الانتخابي، وشهد العديد من المدن العراقية مظاهرات احتفالية شارك فيها الآلاف ابتهاجا لما عدوه فوزا في الانتخابات.

ويتوقع البدء بإعلان النتائج الأولية للانتخابات في الساعات المقبلة، في حين دعا رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحيدري جميع الكيانات السياسية والمرشحين إلى القبول بنتائج الانتخابات وعدم التشكيك بالعمل الكبير الذي قامت به المفوضية. ودعا الحيدري الجميع إلى الالتزام بالطرق القانونية لتقديم الطعون، بينما ذكرت عضو المفوضية حمدية الحسيني أن نسبة الإقبال كانت جيدة، مشيرة لعدم توافر أي أرقام حول نسبة المشاركة التي قالت إنها من المنتظر أن تعلن في وقت لاحق.

اظهرت ارقام حصلت عليها وكالة فرانس برس من مسؤولين محليين ان رئيس الوزراء نوري المالكي حل اولا في المحافظات الشيعية كما حل منافسه اياد علاوي اولا في المحافظات السنية في الانتخابات التشريعية. ومن المفترض ان تحدد نتائج بغداد (68 مقعدا) الفائز في الانتخابات لكنها لم تظهر بعد.

وستصدر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج الجزئية الخميس المقبل في حين تظره النتائج النهائية في 18 اذار/مارس الحالي والرسمية اواخر الشهر. وحل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي اولا في المحافظات الجنوبية التسع في حين حلت قائمة العراقية بزعامة علاوي اولى في محافظات العرب السنة الاربع (الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى).

وتشغل المحافظات الجنوبية 119 مقعدا في حين تتمثل محافظات العرب السنة بسبعين مقعدا. كما حلت العرقية في المرتبة الثانية في ثلاث محافظات شيعية (بابل والمثنى والبصرة) لكنها جاءت في المرتبة الثالثة في ست محافظات شيعية اخرى وراء الائتلاف الوطني الذي يضم الاحزاب الشيعية الرئيسية باستثناء حزب الدعوة.

اما في محافظة كركوك التي يتنازعها الاكراد والعرب (12 مقعدا)، فقد حل التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الرئيسيين اولا يليه العراقية ومن ثم دولة القانون. وتشغل المحافظات الكردية الثلاث 41 مقعدا وهناك 15 مقعدا تعويضيا موزعة على الاقليات (ثمانية مقاعد) والقوائم الصغيرة. وجرت الانتخابات وفق النظام النسبي الذي يجعل كل محافظة، وعددها 18، دائرة واحدة. ولن تتمكن اي قائمة من الحصول على غالبية تمكنها من تشكيل الحكومة لوحدها. وبالتالي، ستكون هناك تحالفات قد تؤخر تشكيلها لعدة اشهر.

وقد هنأت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي الشعب بالفوز الكاسح، وحذت حذوها قائمة دولة القانون التي يترأسها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ثم قائمة عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي. وقد عمت الاحتفالات عددا من المدن العراقية ابتهاجا بالفوز، وأشارت معلومات إلى فوز القائمة العراقية بالمرتبة الأولى، فيما حلت قائمة ائتلاف وحدة العراق في المرتبة الثانية. كما أعلنت قائمة التحالف الكردستاني وقائمة التغيير والاتحاد الإسلامي الكردستاني الفوز في الانتخابات في السليمانية .

من جهته استبق إياد علاوي النتائج بالإعلان عن أن هناك إشكالات شابت عملية التصويت، منها عدم ظهور أسماء في مراكز الاقتراع، وعدم تمكن ناخبين من الوصول إلى مراكز الاقتراع.

وأشارت احصاءات غير رسمية إلى أن قائمة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أبلت فيما يبدو بلاء حسنا في جنوب العراق الذي يغلب عليه الشيعة رغم المنافسة الشديدة من الخصوم السياسيين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم الاحد. ومن غير المتوقع ظهور نتائج رسمية أولية قبل يوم أو أكثر. ويحتاج المالكي الى أداء قوي للغاية في المحافظات التسع الجنوبية ذات الاغلبية الشيعية للفوز بولاية ثانية كرئيس للوزراء.

ومن شأن فوز المالكي بولاية أخرى أن يبث الطمأنينة بين المستثمرين الذين يتطلعون للاستمرار خصوصا شركات النفط العالمية التي وقعت عقودا قيمتها مليارات مع حكومته لاستخراج النفط في الدولة صاحبة ثالث أكبر احتياطي في العالم. وأظهر احصاء أولي غير رسمي للاصوات في مدينة النجف التي يتمتع فيها رجال الدين بنفوذ كبير على الاغلبية الشيعية وفي البصرة وكربلاء أن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي أدى أداء قويا ضد منافسه الشيعي الرئيسي الائتلاف الوطني العراقي وضد تكتل العراقية الشيعي السني. وقال مراقب مستقل للانتخابات quot;يبدو من النتائج الاولية أن المالكي يأتي في المرتبة الاولى في النجف.quot; وكان المراقب على اتصال باخرين في مراكز التصويت في أنحاء المحافظة.

وفي البصرة أظهر فرز مبدئي للاصوات عرضه مسؤولون انتخابيون أمام الصحفيين أن ائتلاف دولة القانون أبلى بلاء حسنا. ومن المتوقع أن تكون البصرة قريبا مركزا لعمليات لم يسبق لها مثيل لتطوير حقول النفط في الوقت الذي يسعى فيه العراق لشق طريقه الى مصاف أكبر الدول المنتجة للخام. وهذه ثاني انتخابات عامة في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وينظر اليها على أنها ذات أهمية حاسمة لتثبيت الديمقراطية الهشة ودمج كل الاطراف المتنافسة في البلاد في العملية السياسية.

واختير المالكي الذي كان سياسيا مغمورا نسبيا كمرشح يمثل حلا وسطا لمنصب رئيس الوزراء في عام 2006. وبرز منذ ذلك الحين كزعيم حازم. ويقول المسؤولون الاميركيون الذين يأملون في انهاء العمليات القتالية في اغسطس اب وسحب كل القوات من العراق بحلول نهاية عام 2011 ان بامكانهم العمل مع المالكي. وكان كثير من المسؤولين الاميركيين قد انتقدوه في السابق لكنهم قالوا ان موقفهم تغير وباتوا معجبين بمهاراته السياسية حيث عزز مركزه على مدى العامين الاخيرين.

وتراجع العنف بشدة في ظل قيادته للبلاد لكن التفجيرات وحوادث اطلاق النار ما تزال من الامور المألوفة. وقتل ما لا يقل عن 38 شخصا في سلسلة من هجمات المورتر والصواريخ والقنابل في بغداد وحولها مع اجراء الانتخابات يوم الاحد. لكن الجنوب الشيعي كان هادئا نسبيا ولم يكن للانفجارات تأثير يذكر على الناخبين هناك. ولا يزال تردي الخدمات الاساسية مثل امدادات الماء والكهرباء وكذلك الفساد على رأس اهتمامات المواطنين.

وأظهرت عمليات الفرز المبكر للاصوات التي عرضت على الصحافيين بمحافظة كربلاء أيضا أداء طيبا لائتلاف دولة القانون. وفي محافظة البصرة التي هيمنت عليها العصابات والميليشيات الى أن قام المالكي بحملة أمنية هناك في عام 2008 قال كثير من الناخبين انهم يعتبرونه زعيما كفؤا. وتظهر المؤشرات الاولية أن الائتلاف الوطني العراقي الذي يقوده المجلس الاعلى الاسلامي العراقي هو أقوى المنافسين لائتلاف دولة القانون في الجنوب. وعلى ما يبدو أن تكتل العراقية بقيادة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي يأتي في المرتبة التالية. وحثت السلطات الانتخابية في بغداد الاحزاب السياسية على انتظار النتائج الرسمية قبل اعلان الفوز.

وكان الناخبون العراقيون قد أدلوا بأصواتهم لاختيار 325 نائبا في انتخابات برلمانية توصف بأنها حاسمة في تحديد الأغلبية السياسية التي ستحكم البلاد في السنوات الأربع المقبلة. وقد جرت عمليات التصويت وسط إجراءات أمنية مشددة، كما أغلقت جميع المعابر الحدودية للعراق حتى فجر الاثنين.

وشهدت بعض مراكز الاقتراع إقبالا ضعيفا نسبيا على صناديق الاقتراع في ساعات الصباح بسبب انهمار عشرات من قذائف الهاون وانفجار العديد من العبوات الناسفة ما حال دون توافد المواطنين على المراكز الانتخابية التي استهدف بعضها مباشرة، لكن الإقبال على التصويت عاد فصار كثيفا في فترة ما بعد الظهر.

وتشير التقديرات إلى أن نصف مليون من سكان المحافظة قد أدلوا بأصواتهم من أصل 800 ألف ناخب ما يعد تحولا كبيرا في خيارات سكان المحافظة التي كانت في انتخابات 2005 قد شهدت مقاطعة واسعة وسط أعمال عنف ورفض للعملية السياسية. وحسب إحصاءات مفوضية الانتخابات، فإن 6172 مرشحا يمثلون 165 كيانا سياسيا ينتمون إلى 12 ائتلافا انتخابيا يتنافسون على شغل مقاعد البرلمان.

وعلى عكس الانتخابات السابقة في 2005 يمكن للعراقيين اختيار مرشحين أفرادا هذه المرة وليس قوائم حزبية فحسب. وليس من المتوقع أن تفوز أي كتلة بأغلبية وقد يستغرق تشكيل الحكومة شهورا ما يعني احتمال وجود فراغ سلطة ربما تستغله جماعات مسلحة. ويوجد أكثر من 500 مراقب دولي وعربي، بينهم 70 من مراقبي جامعة الدول العربية فضلا عن 250 ألف مراقب محلي يمثلون الكيانات المشاركة بالانتخابات والجمعيات المتخصصة بمراقبة الشفافية.

وقالت المفوضية العليا للانتخابات إنها لم تضطر إلا لإغلاق مركزي اقتراع من خمسين ألف مركز لفترة وجيزة وذلك لأسباب أمنية. وقد أجريت الانتخابات وسط إجراءات أمنية مشددة، كما قامت الجاليات العراقية في الخارج بالتصويت. وفي إطار ردود الفعل الدولية قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن الانتخابات العراقية تظهر بأن مستقبل العراق هو بين ايدي الشعب العراقي. وقال أوباما إنه quot;رغم كل عمليات العنف التي أرادت من خلالها القاعدة ضرب الديمقراطية في العراق فإن الشعب العراقي تحدى كل التهديداتquot;.