تبحث الرئاسات العراقية التنفيذية والقضائية والتشريعية أزمة المستبعدين من الانتخابات التشريعية.

بغداد: عقدت الرئاسات العراقية التنفيذية والقضائية والتشريعية اجتماعا لها في مقر الحكومة العراقية في بغداد اليوم لبحث ازمة المستبعدين عن الانتخابات التشريعية. وذكر مصدر مطلع لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان الاجتماع ضم رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان ورئاسة المجلس الاعلى للقضاء.

ويبحث الاجتماع ازمة قرارات هيئة المساءلة والعدالة التي قضت باقصاء اكثر من 500 مرشح عن الانتخابات وقرارات النقض التي اصدرتها في ما بعد هيئة التمييز وطالبت فيها بتأجيل عملية الاقصاء الى ما بعد اجراء الانتخابات.

ويأتي اجتماع الرئاسات الاربع قبل يوم واحد من اجتماع طارئ لمجلس النواب دعا اليه رئيسه اياد السامرائي بناء على طلب رئيس الحكومة نوري المالكي لبحث ازمة الاقصاء وتداعيات قرار هيئة التمييز بتأجيل الاقصاء.

ومنذ فترة يحتدم جدل في أروقة السياسة العراقية حول قائمة تضم قرابة 500 مرشح صدر حظر يحول دون خوضهم الانتخابات بسبب ارتباطات مزعومة لهم بحزب البعث الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وكانت الضجة تضع في بادئ الامر السنة الذين كانوا يحكمون العراق أيام صدام في مواجهة الاغلبية الشيعية في البلاد. واعتقد السنة أن الحظر يستهدفهم بشكل جائر. ويضع الجدل الان السلطات التي يقودها الشيعة في مواجهة محكمة تمييز أصدرت حكما بتعليق حظر على ترشح سياسيين لهم ارتباطات مزعومة بحزب البعث المحظور الى ما بعد انتخابات السابع من مارس اذار.

وسبب الجدل انتقادات لتدخل خارجي مزعوم في شؤون العراق. وحذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي السفير الاميركي في العراق كريس هيل من تخطي حدوده دون أن يوضح ما يقول.

لماذا كل هذه الضجة؟

ما هو حزب البعث؟

تأسس حزب البعث في سوريا للترويج لفكرة القومية العربية العلمانية. وانفصل جناحه في سوريا عن جناحه في العراق فيما بعد. وحكم جناح حزب البعث العراق في ظل صدام. والعراقيون من كل الطوائف كانوا مجبرين على الانضمام الى الحزب حتى يحصلوا على وظائف جيدة أو ترقيات لكن معظم القادة الكبار في الحزب كانوا من السنة. وقمع الحزب بوحشية الاغلبية الشيعية وتجمعات الاقلية الكردية خلال انتفاضات مزعومة أو محاولات للثورة.

ولماذا تم حظر حزب البعث؟

قتل عشرات الالاف من الاشخاص أو اختفوا أيام صدام كما قتل مئات الالاف في الحروب التي شنها مثل الحرب العراقية الايرانية. وقتل أكراد بالغاز السام وتم اكتشاف مقابر جماعية في جميع أنحاء العراق منذ سقوط صدام. واضطر القادة الشيعة الحاليون في العراق الى الهرب انذاك الى المنفى خاصة في ايران وسوريا المجاورتين كما اغتيل الكثير من زملاء المالكي في حزب الدعوة.

وتخلص مسؤولو الادارة المدنية الاميركية في العراق بعد الغزو من الموالين لحزب البعث وقاموا بتفكيك الجيش الذي كان يقوده السنة وطاردوا كبار قادة البعث.

وحظر الدستور العراقي حزب البعث وتأسست الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث لمنع أنصار صدام من العودة للسلطة.

ولماذا يتم حظر المرشحين الان؟

من الناحية الظاهرية تم اكتشاف ارتباطات مزعومة للمرشحين بحزب البعث الا أن الطريقة الغامضة والتعسفية التي اتبعت لوضع قائمة المرشحين أثارت شكوكا حول استغلال اللجنة التي وضعتها للتخلص من منافسين محتملين في الانتخابات خاصة الائتلاف الذي يضم طوائف عدة ويتزعمه رئيس الوزراء السابق اياد علاوي وهو شيعي علماني.

واعتقد السنة في بادئ الامر أن القائمة استهدفتهم. لكن ومع ظهور الاسماء المدرجة على القائمة اتضح أنها تضم عددا أكبر من أسماء الشيعة خاصة من التحالفات العلمانية التي تضم عدة طوائف مثل ائتلاف علاوي التي من المتوقع أن تبلي بلاء حسنا أمام الاحزاب الاسلامية الشيعية التي سيطرت على العراق منذ الغزو.

ما هي الجهة المستفيدة من الاضطرابات؟

يعتقد أن اثنين من قادة الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث وهما أحمد الجلبي وعلي اللامي مقربان من ايران.

ولعب الجلبي دورا فعالا في اقناع الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بغزو العراق لكنه خرج خالي الوفاض. وقضى اللامي عاما في سجن عسكري أميركي للاشتباه في وجود صلات تربطه بميليشيا تدعمها ايران قتلت جنودا أميركيين.

وايران داعم قوي للاسلاميين الشيعة الذين يسيطرون على الحكومة العراقية الان. واذ تضع طهران في اعتبارها حربها مع العراق التي استمرت ثماني سنوات في الثمانينات من القرن العشرين فيعتقد على نطاق واسع أنها تريد ضمان بقاء حلفائها في السلطة بعد انتخابات مارس.

والمستفيد الاكبر في العراق من الشك في حزب البعث هي التحالفات التي يغلب عليها الشيعة مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والتحالف الوطني العراقي بزعامة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وهو جماعة شيعية قوية.

ويتهم المالكي البعثيين بالوقوف الى جانب تنظيم القاعدة في شن تفجيرات انتحارية وحذر المجلس الاعلى الاسلامي العراقي من محاولة البعثيين العودة الى السلطة.

وقد تثير هذه التحذيرات خوف الناخبين الشيعة الذين كانوا يفكرون في دعم التحالفات العلمانية في الانتخابات مثل ائتلاف علاوي.

ويجب على المالكي الحذر. فبعدما تعهد بابقاء البعثيين بعيدا عن السلطة ربما يبدو ضعيفا وتلحق به هزائم سياسية اذا لم يتم تنفيذ حظر ترشيح الموالين لحزب البعث.

هل من الممكن تأجيل الانتخابات؟

لا يوجد ما يشير حتى الان الى احتمال تأجيل الانتخابات التي سبق أن تأجلت من يناير كانون الثاني بسبب خلافات سياسية حول طريقة التصويت في مدينة كركوك التي يتنازع عليها العرب والاكراد.

لكن الموعد الرسمي لبدء حملات الترشيح تأجل من 7 الى 12 فبراير شباط لسعي الحكومة لاستصدار قرار من محكمة عليا بشأن قرار محكمة التمييز تعليق حظر المرشحين ولدعوتها البرلمان أيضا لعقد جلسة.

هل من الممكن أن تتأثر خطط الولايات المتحدة لتقليل قواتها في العراق بذلك؟..

يقول مسؤولون عسكريون أميركيون ان خططهم لوقف العمليات القتالية في العراق في أغسطس اب قبل الانسحاب الكامل بحلول نهاية 2011 يجب ألا تتأثر.

لكن اذا ما انزلق العراق مجددا الى صراع طائفي سيكون من الصعب على ادارة الرئيس الاميركي باراك أوباما غض الطرف.

وتصاعدت توترات بعد هجمات شنها متشددون يشتبه في أنهم من السنة على زوار شيعة الاسبوع الماضي بالاضافة الى سلسلة من الهجمات الكبيرة في العاصمة قبل الانتخابات.

وقد يحشد القادة الشيعة المزيد من أصوات الناخبين الشيعة عن طريق إلقاء اللائمة على البعثيين لكن ذلك من شأنه أيضا أن يؤجج الجدل مع السنة.