quot;نيران صديقةquot; ضالعة في اغتيال المبحوح... للأسباب التالية!تصفية المبحوح إنذار إسرائيلي أوّل إلى دول الخليج
قال مسؤول مخابرات اوروبي سابق إنه بعد اغتيال محمود المبحوح في دبي يبدو ان جهاز الموساد تعلم من دروس محاولة الاغتيال الفاشلة لخالد مشعل في الأردن، واستخدموا عددا أكبر بكثير من الأفراد ولم يكلفوا أنفسهم تنفيذ عملية قتل بطيئة بالسم بل عملية ذات نتائج فورية.
واشنطن: اغتيال المسؤول في حركة quot;حماسquot; محمود المبحوح في دبي الذي تصدَّر العناوين البارزة في انحاء العالم، دفع العديد من المحللين الى إقامة مقارنة بين عملية الاغتيال هذه ومحاولة الموساد قتل زعيم quot;حماسquot; خالد مشعل في الاردن قبل اكثر من عشر سنوات.
ففي ايلول (سبتمبر) 1997 دخل عمان خمسة من عناصر الموساد منتحلين صفة سياح كنديين (باستخدام جوازات سفر كندية)، بهدف اغتيال خالد مشعل. وكانوا يرمون ملامسته عرضا في الشارع ثم دس السم في أذنه ليسري بطيئا في دمه فيشل خلال يومين كل وظائف جسمه الحيوية مؤديا الى الموت.
كان السم مميتا حتى ان عملاء الموساد اصروا على ان يصطحبوا معهم طبيبا يحمل الترياق المضاد في حالة تعرَّض له احدهم بطريق الخطأ.
عندما quot;اصطدمquot; عملاء الموساد بخالد مشعل في الشارع ساورت حراسه الشكوك فاعترضوا طريقهم ونشبت معركة في المكان وتدخلت الشرطة الأردنية.
وإذ بدأ مشعل يشعر بالوهن يدب في جسمه نقله مسؤولون في quot;حماسquot; الى مستشفى اعتبروه مستشفى صديقا ومأمونا. كان مشعل في حال حرجة، يمر بعملية موت بطيء مؤلم.
سجل الصحفي الاسترالي بول غوف الأحداث الدراماتيكية لتلك الأيام القليلة في كتاب بعنوان quot;اقتلوا خالد: فشل ضربة الموساد وصعود حماسquot;.
ولاحظ غوف في الكتاب ان الموساد رأى في خالد تهديدا داهما. وكتب: quot;كان الموساد يعتبر خالد الأول بين رعيل جديد خطير من القادة الأصوليين. كان متشددا لكنه لم يطلق لحية كثة أو يلف نفسه بعباءة. كان مشعل يرتدي بذلة، وبصفته رجلا تتهمه اسرائيل بتخطيط موجة جديدة من التفجيرات الانتحارية، كان، بالمعايير الإقليمية، متفوها في مقابلاته التلفزيونية. ومن منظور اسرائيلي كان خالد مشعل يتمتع بمصداقية كبيرة بوصفه قائدا صاعدا من قادة quot;حماسquot;، بل وحتى قائدا مقنعا. فكان لا بد من تصفيتهquot;.
عندما علم العاهل الاردني الملك حسين بأن المعركة التي نشبت في الشارع بين quot;السياح الكنديينquot; وعناصر quot;حماسquot;، ربما كانت محاولة اغتيال نفذها الموساد ضد احد قادة الحركة على أرض الأردن، تردد انه استشاط غضبا. واتصل على الفور برئيس الوزراء نتنياهو قائلا ان كل اتفاقيات السلام ستُمزَّق إذا مات مشعل، ثم اتصل العاهل الاردني بالبيت الأبيض.
خلال الساعات الثماني والأربعين التالية انطلقت لعبة دبلوماسية ذات رهانات عالية حين شرع مسؤولون اميركيون كبار بينهم الرئيس بيل كلنتون يضغطون على نتنياهو لإيصال الترياق المضاد الى مشعل وانقاذ حياته، بحسب الكتاب. وقال الملك حسين للرئيس بيل كلنتون ان السلام بين الاردن واسرائيل يعتمد على مساعدته في اقناع نتنياهو. واتصل بيل كلنتون بنتياهو حين كان في سيارته متنقلا بين فعاليات عامة، ووجه مناشدة قوية.
أخيرا، بعد تعرض نتنياهو الى ضغط شديد من واشنطن، وافق على ايصال المصل المضاد للسم الى مشعل الذي كان يحتضر وقتذاك. واتصل رئيس المخابرات الاردنية بحركة quot;حماسquot; لإبلاغهم بنقل مشعل الى المستشفى الملكي الأردني برعاية الملك حسين.
رفضت حماس، التي كانت تستبد بها الشكوك.
ثم اتصل الملك حسين شخصيا بممثلي مشعل وأكد لهم ان مشعل سيكون برعايته. أفلحت المكالمة الشخصية ونُقل مشعل الى المستشفى الجديد.
طار كبار المسؤولين الاسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء نتنياهو، بمروحية الى الاردن من اجل تهدئة الملك حسين لكنه رفض استقبالهم. وانتدب شقيقه ولي العهد حسن، ناقلا اليهم رسالة واحدة لا غير: أعطونا المصل المضاد للسم.
وحين لم تبق إلا ساعات قليلة قبل ان يفارق مشعل الحياة أُعطي الترياق أخيرا الى السلطات الأردنية ونجا مشعل.
وكما كتب بول غوف فانه quot;لو نجح الموساد لانتقل مشعل الى بيته ومات بهدوء، ولكان العملاء في طريق العودة ايضا، عبروا جسر اللنبي على نهر الأردن، وتوجهوا الى القدس لتناول وليمة غداء احتفاليةquot;.
بدلا من ذلك باءت العملية بالفشل ونجا مشعل. ولاقى الملك حسين صعوبة في الثقة مرة اخرى باسرائيل، واهتزت سمعة الموساد بوصفة آلة قتل غاشمة تعمل بكفاية عالية. إذ بدت العملية عملية هواة.
قال مسؤول مخابرات اوروبي سابق في تصريح لايلاف انه بعد واقعة دبي يبدو ان الموساد تعلم من دروس الاعتداء الفاشل على مشعل. واستخدموا عددا أكبر بكثير من الأفراد ولم يكلفوا أنفسهم تنفيذ عملية قتل بطيئة بالسم بل عملية ذات نتائج فورية.
ولكن محللين آخرين أشاروا الى ان اساليب الموساد كانت أقل من فاعلة وتقرب من عمل الهواة. وحتى قائد شرطة دبي ضاحي خلفان سخر من طرق الموساد في التنكر وأساليبه بوصفها متخلفة وبالية. كما يبدو ان عملاء الموساد فاتهم أن يأخذوا في الحسبان الدائرة التلفزيونية المغلقة الحديثة التي تغطي كل الفنادق الكبيرة.
ليس واضحا ما إذا قامت واشنطن هذه المرة بدور نشيط في التحقيق. ولكن شيئا واحدا يبقى واضحا. إذ يبدو ان الموساد لم يتخل عن الممارسة المتمثلة في استخدام بلدان عربية معتدلة مكانا لتنفيذ اعتداءات على مسؤولي quot;حماسquot;، أو استخدام جوازات سفر دول حليفة، وكل ذلك بطريقة خرقاء.
ان التاريخ يعيد نفسه.
التعليقات