توقع سفير تونس في مدريد محمد رضا كشريد تأجيل الإنتخابات الرئاسية في البلاد إلى ما بعد شهر رمضان، مجددا تاكيده أن ليلى الطرابلسي عزلت الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي وأخرجته من قصر قرطاج. كما دعا كشريد في حديث خاص مع ايلاف المصريين بالتمسك باحتجاجاتهم حتى تحقيق التحول الجذري في النظام القائم.
السفير محمد رضا كشريد |
أعرب سفير جمهورية تونس في مدريد محمد رضا كشريد عن تفاؤله بان تستعيد تونس الهدوء قريبا على الصعيد الأمني والسياسي. كما رجح كشريد موعد الإنتخابات الرئاسية إلى ما بعد شهر رمضان، وقال في حوار مع إيلاف إنه أدار وزارة فنية لاغير ، خلال ولاية الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي. و قال إن زوجة بن علي الثانية ليلى الطرابلسي هي التي عزلته وأخرجته فارا من قصر قرطاج. في ما يلي نص الحوار:
نريد أن نعرف منك تطور الأوضاع في تونس سياسيا و أمنيا. وهل بدأت الحكومة الإنتقالية في العمل بالفعل وبدون عراقيل؟
نشكر صحيفة إيلاف الدولية على إهتمامها بمتابعة الوضع في تونس منذ إنفجار الثورة. و أريد أن أقول إنه من الناحية الأمنية قد عاد الهدوء منذ يوم الثلاثاء الماضي ...و قد عادت بوادر الإستقرار السياسي والتحكم في مواجهة الميليشيات ...و سد الفراغ الذي تركه بعض رجال الأمن ..إلى جانب البلبلة والفوضى التي احدثها فرار المساجين. كما تمكنت وزارة الداخلية من إعادة التحكم في الوضع وتم تغيير 42 إطارا ساميا في وزارة الداخلية ...و أعتقد أن الأمن سيعود لتونس قريبا بعد القضاء على جيوب المقاومة التابعة للنظام السابق. وأشير لكم بأن الحكومة الإنتقالية المؤقته مهمتها التحضير للإنتخبات الرئاسية والتشريعية القادمة بكل حرية وديمقراطية ...فالهدف اليوم تركيز نظام ديمقراطي في تونس لا غير.
الإتحاد الاوروبي دعا وزير الخارجية التونسي في الحكومة المؤقته الى بروكسيل للحوار ...هل ترىاه باللقاء الإيجابي والداعم لحكومة محمد الغنوشي؟
بالفعل وزير الخارجية سيجتمع بمسؤولة العلاقات الخارجية بالإتحاد الأوروبي وهذا إيجابي وموقف فعال تجاه تونس ...فالإتحاد الأوروبي إحترم إرادة الشعب التونسي ..و سيرافق الحكومة الإنتقالية في هذه المرحلة الحساسة في تاريخ تونس نحو الديمقراطية وتنظيم الإنتخابات.
إذا نرتقب دور فعال ونشط للإتحاد الاوروبي في توجيه الحكومة التونسية الإنتقالية نحو نموذج ديمقراطي و إنتخابي اوروبي؟
لا ...لا ...الإتحاد الأوروبي سيشارك فنّيًا فقط لا غير ...لضمان شفافية الإنتخابات و إستقلاليتها ..و هذا ما نرتقبه فعلا.
هل تشاطر رأي الداعين إلى ضرورة إشراك رجال النظام السابق في بناء تونس الجديدة؟
الامر تم حسمه الآن وتشكلت الحكومة الإنتقالية إستجابة لمطلب الشعب التونسي ولا رجعة ...فالحكومة الإنتقالية تضم 3 وزراء من الفريق الأول ونجد منهم الوزير الاول محمد الغنوشي ووزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الصناعة والتكننولوجيا والبقية مستقلين ووزيرين لكل حزب من حزب التجديد وحزب نجيب الشابي ...لكن التواصل موجود ...وأعتقد أن المهام الموكلة لرجال النظام السابق كما يلقبون هي مهام إقتصادية علما أن الوزير الاول له خبرة عميقة في الإقتصاد .
إذا رجال النظام السابق كلفوا بمهام إقتصادية؟
بالفعل كلفوا بذلك لخبرتهم فهم تقنقراطيون ...وهذا التوجه نتيجة وفاق بين الاطراف السياسية بما فيها الإتحاد التونسي للعمال الذي يلعب دورا كبيرا في الحياة السياسية.
بعض المنظمات الدولية لحقوق الإنسان كشفت عن حصيلة قتلى المواجهات التي عاشتها تونس خلال ثورة الياسمين ....هل تتصور بأن هذا سيغذي مجددا شحنة الإنتقام ضد رجال الامن و أطراف النظام السابق؟
لا أظن ذلك ...فالناس في الشارع التونسي لهم العلم المسبق بعدد الشهداء. و هذه الارقام لم تكن مفاجئة لهم على الإطلاق ...فضريبة الدم دفعت في الثورة ضد النظام من أجل الحصول على الحرية و الديمقراطية ...بعد تحطيم الخوف و التغذي بالشجاعة لإطاحة نظام بن علي ...فعدد الشهداء 200 و هناك أكثر من 500 جريج ..و هذه ضريبة الدم التي دفعها الشعب التونسي.
عودة الحياة الى تونس |
هل تعتقد بأن الحكومة الإنتقالية ستنجح في التحضير لموعد الإنتخابات خلال 6 إشهر و بإشراك الحزب الإسلامي خاصة وأن زعيمه راشد الغنوشي رفض الترشح للرئاسيات؟
مبدئيا موعد الإنتخابات بعد 6 أشهر ..لكن في حالة وفاق بين الأطراف السياسية يمكن أن تمدد الفترة قليلا لأن مدة 6 أشهر تنتهي في شهر تموز- يوليو. وبعده فقط يحل شهر رمضان المبارك ...أعتقد أن الأمر سيمتد لبعد رمضان ما بين 6 و 8 أشهر ....و في ما يتعلق بالشيخ راشد العنوشي فقد عاد لتونس يوم الأحد الماضي ... و أريد أن أوضح أمرا مهما ...ففي اوروبا وسائل الإعلام و بعض الجهات ترهبنا بخطر الجماعات الإسلامية إذا دخلت السياسية وشكلت أحزاب ..و يبررون بذلك لجوء الرئيس الاسبق لتونس إلى التعذيب و الملاحقة لمقاومة الإرهاب وحسب ما يتداول في اوروبا ...الإرهاب هو الإسلام ....فهذا خطأ فادح ...فالمواطن التونسي شخص معتدل وليس متصلب و لا متعصب ....فحركة النهضة تساند كل التقدم من حريات في مجال حقوق المرأة وماكسبته تونس من حريات ....فأغلب الحركات السياسية في تونس ترى بأن حركة النهضة معتدلة وليست متطرفة ولا يمكن إقصاؤها من اللعبة السياسية ...و الكلمة الفصل للشعب التونسي الذي سيعبر عن رأيه و يحكم في صناديق الإقتراع.
كنت قد شغلت منصب وزير الصحة العمومية في عهد الرئيس بن علي ...كيف عايشت الاحداث بوصفك رجل النظام سابقا؟
منذ سنوات كنت وكنا نحس ونسمع شكاوى الشارع التونسي بخصوص ظلم وتصرفات عائلة الرئيس بن علي ...و عيشهم في غناء فاحش ورشوى وتدخل في شؤون القضاء إضافة إلى المشاكل الإقتصادية وعدم توازن في التنمية بين الجهات الساحيلة والداخلية ولهذا السبب انطلقت الشرارة الأولى لثورة التغيير في مدينة سيدي بوزيد، والمرحوم الشهيد محمد البوعزيزي حرق جسده للتعبير عن نكبة الشعب التونسي ....فهو شاب متحصل على شهادة عليا واضطر لبيع الخضر وإضافة على ذلك قهرته مصالح الأمن و منعته من كسب رزقه ...وإنطلقت مع إستشهاده شرارة الثورة ...كلنا كنا نشعر بذلك ..بوصول الثورة لكن المفاجأة كانت في سرعة إنتشارها وهروب الرئيس بن علي ...لم يكن أحد يصدق ذلك.
كيف كانت علاقتك مع الرئيس بن علي، خاصة أنك كنت رجل من النظام وحملت حقيبة وزارية في ظله. فأغلب الناس تتساءل لماذا تنتقدون الرئيس اليوم بعد ان عشت في كنف النظام كوزير ثم سفير؟
كنت وزيرا للصحة و هو قطاع فني ...و تعاملي كان مع الوزير الأول بإشرافه ...و كنا نجتمع مع الرئيس بن علي في قصر قرطاج للإستماع فقط للقرارات في مجالس اتخذت في إجتماعات مع الوزير الأول ...بمعنى لم يكن هناك تدخلا من الرئاسة في مجال الصحة ..كنت أشعر بأن هناك تدرجا في المراتب داخل النظام .. و تنسيقي كان مع الوزير الأول ...فالرئاسة همومها كانت السياسة والملفات الإقتصادية الكبيرة لتربح عائلة الرئيس لا غير.
قبل أيام تجمهر عدد من أبناء الجالية التونسية في مدريد و طالبوا بإستقالتك، كيف تعلق على ذلك؟
بالفعل تجمهر عدد من أبناء تونس ...ووقتها لم أكن بمكتبي ..وعند تبليغي بالأمر حضرت للسفارة وتكلمت مع وفد منهم ضم 4 اشخاص ...و طلبوا مني أن أعطيهم جوازات سفر ..فنفذت طلبهم ..فبعضهم كان لاجىء سياسي في إسبانيا منذ سنوات ...و لا أحد طلب مني الإستقالة ...يمكن أن يكون هذا الكلام قد ردد في الشارع و ليس في مكتبي ولم اسمعه.
العديد من أبناء تونس المتواجدين في إسبانيا وأوروبا، فضلوا اللجوء السياسي أو الغربة فرارا من نظام بن علي. هل لديك توجيهات لمساعدتهم وإرجاع من أراد إلى الوطن؟
بالفعل الحكومة الإنتقالية قدمت لنا توجيهات بخصوص هذا الأمر ..فأبواب تونس مفتوحة لكل أبنائها ...و العفو التشريعي عام وشامل ...وكل التونسيين الذين غادروا البلاد لاسباب سياسية يمكنهم العودة ...ومن حقهم الحصول على جواز السفر التونسي.
هل إتصلت بالرئيس الاسبق بن علي؟
ليست لي علاقة به إطلاقا.
برأيك ما هي الأخطاء التي وقع بها الرئيس بن علي و أدت إلى هروبه؟
السفير محمد رضا كشريد مودعا مراسل إيلاف رفيق زناز |
العزلة في الحكم هو سببب سقوط بن علي ...أصبح عايش في برج عاجي ...لا يسمع و لا يرى الشعب ..و لا يتصل بالوزراء ...و لديه بعض المستشارين الذين وضعوا حواجزا ... و صاروا حلقة وصل بينه وبين الحكومة و خارج القصر .. دون أن ننسى سياسة كبت الحريات وعدم الإعتراف بالحياة الديمقراطية في تونس ..و التدخل في العدالة ..هذه هي أهم الاخطاء في رأيي ....إلى جانب عائلة زوجته ليلى طرابلسي ...التي نشرت نفوذها ... بالرشوة والتدخل في العدالة و إحتكار سوق الإقتصاد ...مما أشعل فتيل الثورة في نفوس الشعب التونسي.
بن علي كان في الأول يخطب للناس ...و يقول ...نضمن لكم الإزدهار والحياة الكريمة لكن شرط أن تكون الحياة السياسية دون حريات ولا ديمقراطية ...حقيقة الإزدهار الإقتصادي ظهر لكن ثرواته وزعت بطرق غير شرعية و غير عادلة ...و عائلته وعائلة الطرابلسي إستولت على كل شيء من شركات وضيعات ومؤسسات إقتصادية حساسة ...و في ظرف اعوام صار الشعب يعاني البطالة و الضعف ...مما أدى إلى إنفجار الشارع في المحافظات الداخلية اولا .
هل تعتقد ان ليلى طرابلسي عزلت بن علي وحطمت حكمه؟
بالفعل زوجته الثانية ليلى طرابلسي هي التي عزلته وخلقت الحاجز بينه وبين الجهاز التنفيذي فبعض الاخبار لم تكن تصله إطلاقا ...و تمكنت زوجته الثانية من توسيع نفوذها والتحكم في المعلومات والمصالح التي تنفع عائلتها دون علم الرئيس.
يقولون إن واء كل رجل عظيم إمرأة، فهل وراء كل ديكتاتور إمرأة ديكتاتورة؟
(يضحك) هذا المثل لا ينطبق على بن علي ....فلم يكن عظيما إطلاقا ..وخرجته لم تكن باللائقة برئيس دولة.
بما تتمثل أركان قوة ليلى الطرابلسي التي جعلت منها رئيسة الظل في عهد بن علي؟
لا أعرف سرها. لكن أعرف أنها لعبت تأثير كبيرا في قرارات زوجها و عزلته، رغم انه مسؤول كذلك وليس بالرضيع أو الطفل الصغير.لكنها نجحت رغم انه كان رجل أمن وله مصادره لكنه فشل أمام الطرابلسي.
توافق الشارع في وصف بن علي بالديكتاتوري؟
بالطبع هو ديكتاتوري.
وليلى الطرابلسي؟
أعتقد أن ليلى الطرابلسي لا تساعدها الديمقراطية وحرية التعبير والصحافة حتى لا تكشف مصالحها والفساد المالي الذي كانت تعيشه وعائلتها ...و كانت تعمل على كبح الحريات تغطية للحقيقة والواقع ...هذا أمرها.
هل تعتقد بان ثورة الياسمين ايقظت ثورة مصر وأشعلت الشارع العربي؟
أفضل أن أجيبك كما تعلم دبلوماسيا. فثورة الياسمبن أنجبت ثورة رائحتها طيبة ... واليوم همنا هو الإنتقال للديمقراطية والطلاق مع النظام الديكتاتوري رغم كل الصعوبات ...و العراقيل ..لكن الشعب التونسي ناضج سياسيا وسنصل إلى أهدافنا ...فالديمقراطية ستنطلق بإنتخابات عادلة و نزيهة وسيتم إصلاح العدالة و النظام التربيوي الذي نراه هام و إستراتيجي في الإعداد لجيل الغد ...وستكون تونس أجمل من قبل بفضل ثورة الشعب.
هل شعرتم بأن الثورة الشعبية في تونس قد أثرت على النشاط الإقتصادي و السياحي؟
نوعا ما ..و كل أصدقاء تونس متفهمون لما حدث. لكنني أرى أنهم يثقون في تونس اليوم أكثر من قبل بفضل جرأة الشعب وشجاعته وما سنحققه من إستقرار سياسي.
هل الحكومة الإنتقالية تفكر في الإنطلاق في تأميم الثروات المنهوبة من قبل عائليتي بن علي و الطرابلسي؟
الحكومة عينت متصرفين على هذه الأملاك للتصرف فيها بعد هدوء الوضع ...فالدولة ستفعل كل شيء لإسترجاع ثروة الشعب.
بالنسبة لما يحدث في مصر، ما هو السيناريو الذي تتوقعه شخصيا؟
يجب على الشعب المصري أن يواصل إحتجاجه ولا يتوقف إلا إذا شعر بأن هناك تحول جذري في مستوى النظام القائم . ولا أريد الغوض أكثر .
هل تعتقد أن حزب ثورة الياسمين هو فايسبوك والتويتر؟
عند إندلاع ثورة الياسمين لم يكن وراءها أي حزب سياسي ... او منظمة ..و قام بها الشعب بصفة تلقائية، اذا كان مرتبطا مع العالم عبر فايسبوك والتويتر. وكل العالم تابع ذلك ... أمر عجيب، هو الاول من نوعه ...و الصور كانت تصل للقنوات الدولية وصحف العالم ...وعندما كنا نفتح التلفزيون التونسي كل الأمور كانت تبدو بخير والعصافير تزقزق ...لكن بركان الثورة كان ثائرا في شوارع تونس.
هل ترى أن العالم نسى تونس بسبب ما يحدث في مصر؟
أفضل أن ينسانا العالم اليوم لأننا نستعد لبناء وتنظيم تونس الغد ...و الهدوء أفضل .
هل ترى أن تدخل الولايات المتحدة الاميركية والغرب في شؤون الوضع العربي أمر مفروض لا مفر منه؟
أعتقد ان مساندة الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية أمر مهم لنا ..ويدعم رجال السياسة لكن لا يجب أن ينتج عن ذلك تدخل وتتحول المساعدة إلى مساعدة مشروطة وتدخل في الشأن والسيادة .
التعليقات