رفع المتظاهرون في كفرنبل السورية اليوم لافتة تعزية بضحايا تفجيرات بوسطن، فأتت رسالة إنسانية سياسية لطمأنة الأميركيين إلى خيار السوريين التعددي البعيد عن التعصب في سوريا ما بعد بشار الأسد.


بيروت: قد يكون الشعب السوري اليوم هو الأكثر صدقًا في التعبير عن حزنه لما حصل في بوسطن، وعن مواساته للجرحى وأهالي القتلى الذين سقطوا في تفجيري خط النهاية في ماراثون بوسطن. فهم يرزحون تحت نير البطش الأمني والقتل والتفجير والتدمير منذ عامين ونيف.

وكعادتهم في كل يوم جمعة، يستمر السوريون في انتفاضتهم السلمية، الموازية للثورة المسلحة التي يقومون بها في وجه نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

واليوم، رفع متظاهرون سوريون في بلدة كفرنبل بمحافظة إدلب لافتة كبيرة باللغة الانكليزية، كتبوا فيها: quot;تفجيرات بوسطن مشهد حزين لما تحياه سوريا يوميًا، فتقبلوا تعازيناquot;، مذكرين الشعب الأميركي بالمعاناة التي يعيشونها للعام الثاني.
فإلى جانب رايات الثورة السورية، حمل نحو عشرين شابًا هذه اللافتة الكبيرة امام مبنى شبه مدمر تمامًا،ورفع آخرون شارات النصر.

في خندق واحد

وتحمل هذه اللافتة أكثر من الرسالة الانسانية التي تتقنع بها. فالمتظاهرون في كفرنبل عينة من الشعب السوري كله، الذي يترقب بقلق شديد الوجهة التي ستتخذها السياسة الأميركية بعد محطة بوسطن. وكان لسان حال السوريين يقول: quot;إننا والأميركيين في خندق واحد، مستهدفون بالقمع والارهاب، ونطلب من الأميركيين الا يشيحوا بنظرهم عناquot;.

إنها رسالة سياسية بامتياز، كما يقول مراقبون على صلة بالحراك السوري السلمي، الموازي للثورة المسلحة. فالسوريون الذين يعانون تداعيات تردد الادارة الأميركية في مساعدتهم ومدهم بالسلاح، بحجة تغلغل القاعدة في الثورة واتخاذها النصرة قميص عثمان، يخشون اليوم أن تدير أميركا ظهرها نهائيًا للجيش الحر، أو حتى أن يغيّر الرئيس باراك أوباما رأيه فيدعم قاتلهم بشار الأسد، خصوصًا إذا تبين أن الاسلاميين يقفون وراء تفجيرات بوسطن، أي أنصار القاعدة التي أعلنت جماعات سورية مقاتلة ولاءها لها.

رسالة خفية

إلى هذا الخوف، يشير المراقبون إلى أن السوريين يريدون من وراء هذه اللافتة طمأنة الأميركيين، والادارة الأميركية تحديدًا، إلى أن سوريا الجديدة لن تكون إسلامية ولا جهادية، بل ديمقراطية، وذلك من خلال تبليغ تعزية تنطوي على أن المقتول في سوريا والمقتول في بوسطن صنوان، وأن الشعبين السوري والأميركي يعانيان تداعيات التطرف الاسلامي، على حد سواء.

في هذه الطمأنة رسالة للأميركيين خفية لكن واضحة وضوح الشمس، وهي أن الخيار التعددي الديمقراطي هو خيار السوريين، quot;إن ساعدتمونا على إسقاط بشارquot;.