هذا المقال ليس دفاعا عن ايران ولكن يجب التنويه انني أعارض اي عمل عسكري ضد ايران وكتبت مقالات قبل سنوات تتعلق بالنفاق النووي اي السماح لاسرائيل والهند والباكستان بتطوير اسلحة نووية ومنع ايران من ممارسة هذا الحق. أقول ذلك رغم رفضي لبعض السياسات الايرانية الاقليمية ولتجنب تعليقات المزايدين.

على ايران ان لا تعول على الحليف السوري اذا ما تعرضت لضربة عسكرية. الحليف الذي يشن حربا على شعبه ويرتكب المجازر علنا ثم ينفيها لا يمكن الوثوق به والائتمان له وعلى ايران ان تعتمد على نفسها فقط.

ضربة عسكرية ضد منشأت ايران النووية قد تدمر الاقتصاد العالمي الهش وتصاعد اسعار النفاط لارقام قياسية غير مسبوقة قد تصل الى 200 ndash; 250 دولار للبرميل.
في تقريرها بتاريخ 9 نوفمبر 2011 اشارت وكالة الطاقة الذرية الدولية لما اطلقت عليه ادلة على نشاطات ايرانية نووية غير حميدة وان ايران تسعى لتطوير سلاح نووي بمساعدة خبراء من الاتحاد السوفياتي السابق.

وكشف التقرير النقاب عن المواقع التي يتم فيها تجارب الرؤوس النووية. ونتج عن هذا التقرير حالة من التوتر والتهديدات المتبادلة بين اسرائيل والولايات المتحدة من جهة وايران من جهة أخرى وأثار التقرير قلق بعض الدول العربية في المنطقة.

وصف علي اكبر صالحي وزير الخارجة الايراني التقرير بالمفبرك لتبرير ضربة عسكرية ضد ايران. الصين وروسيا تعارضان اي عمل عسكري ضد ايران ولكن العقوبات الاقتصادية تستمر بموافقة روسيا والصين او عدمه.

وليس سرا ان هناك عملية تقييم ودراسة للخيارات العسكرية ضد طهران بتنسيق بريطاني اسرائيلي وأميركي. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة اضطرابات وثورات في اطار الربيع العربي.

واالهدف من العمل العسكري المخطط حسب المصادر الغربية هو احباط النشاط النووي الايراني او اعاقته أو تأخيره على الأقل لعامين او ثلاثة أعوام.
الهجوم الأخير من قبل الغوغاء على السفارة البريطانية في طهران وانسحاب البعثة الديبلوماسية البريطانية من العاصمة الايرانية وطرد الفريق الديبلوماسي الايراني من لندن زاد من حدة التوتر واحتمال العمل العسكري ضد ايران.

في عام 2006 اعلنت القيادة الايرانية عن نجاح عملية تخصيب اليورانيوم ومنذ ذلك الوقت اصدر مجلس الأمن عدة قرارات تحث ايران على توقيف عملية التخصيب. وتم فرض عقوبات اقتصادية وديبلوماسية على ايران ولكنها لم تثن ايران عن الاستمرار في برنامجها النووي. ولا تزال طهران تصر ان البرنامج النووي الايراني هو لاغراض سلمية ونفت ان يكون هناك مخططا لتطوير اسلحة نووية.

وردا على التهديدات الاسرائيلية اصدرت طهران عددا من البيانات الحامية الوطيس مما فسره المراقبون عن قلق ايراني من ضربة عسكرية محتملة من اسرائيل بمساعدة وتواطؤ اوروبي اميركي..

هناك اعتقاد سائد في ايران أن عداء الولايات المتحدة لايران يعود لعام 1979 عندما قطعت العلاقات الديبلوماسية بين البلدين واحتجاز ديبلوماسيين اميركيين لفترة 444 يوم.
وهناك مخاوف حقيقية في الغرب ان ايران بقيادة محمود احمدي نجاد الذي هدد بازالة اسرائيل من الخارطة قد تزود حزب الله او القاعدة باسلحة نووية.

ولكن ماذا تستطيع ايران ان تفعل اذا ما تم توجيه ضربة عسكرية؟
ايران قادرة على خلق مشاكل على عدة جبهات خارج ايران ذاتها وعلى سبيل المثال تجنيد العراق لخدمة الاجندة الايرانية لا سيما بعد تقلص النفوذ الأميركي وانسحاب القوات الاميركية من العراق. ورأينا ذلك في الدعم العراقي القوي لنظام بشار ألأسد الذي يخوض حربا ضروس ضد شعبه الذي يطالب بالحرية والديمقراطية والتغيير ورغم ان دمشق مسؤولة عن قتل الاف العراقيين حيث سمحت لمئات الارهابيين بدخول العراق عبر الحدود السورية لقتل العراقيين في الفترة 2003 - 2009.
تستطيع ايران اشعال فتنة وعنف في البحرين والكويت والامارات والسعودية حيث يتواجد متعاطفون وموالون لايران في تلك البلدان.

وماذا عن الحلفاء؟ الرد السوري المناسب في الوقت المناسب
وكذلك ومن خلال حلفاءها حزب الله في لبنان وحماس في غزة تستطيع ايران التحرش باسرائيل بطريقة غير مباشرة واشعال حرب محدودة في جنوب لبنان وفي غزة. وقد عبر بعض المراقبون الغربيون عن مخاوفهم من ان يشن حزب الله حملة اغتيالات في لبنان تستهدف من تعتبرهم اصدقاء للغرب. وهناك من يعتقد ان ايران سوف لا تتهور وتطلق صواريخ ضد اسرائيل مباشرة لأن الرد الاسرائيلي سيكون قاسيا ومدمرا. ورغم ان سوريا حليفة قوية لايران الا ان الجيش السوري غير قادر على حرب ضد اسرائيل لسببين الأول لانشغاله بالحرب ضد المتظاهرين وثانيا انه غير مهيء لخوض حروب ضد اسرائيل حيث التزم الهدؤ على جبهة الجولان لاربعة عقود من الزمن. وتدرك القيادة السورية ان اي عمل عسكري جاد ضد اسرائيل سيؤدي الى هزيمة منكرة تضاف الى سجل الهزائم التي مني بها الجيش السوري منذ 1967 الذي يبدي شجاعة باسلة ضد اللبنانيين ومخيمات الفلسطينيين والمحتجين في حمص ودرعا ولكنه يبقى حملا وديعا امام اسرائيل. وأي مغامرة سورية حمقاء ضد اسرائيل قد تؤدي الى الاسراع في سقوط النظام البعثي الفاشل في دمشق. ومن المستبعد ان تقوم سوريا بأي عمل عسكري وأقصى ما تستطيع عمله هو اصدار تصريحات تقول quot;سنقوم بالرد المناسب في الوقت المناسبquot; بعبارة اخرى نحن عاجزين وخائفين ولا تقلقواquot;.

اما حماس فهي محاصرة وعاجزة عن تنفيذ اي عمل عسكري له أدنى تأثير استراتيجي بل سيمنح اسرائل الفرصة لتدمير غازة مرة اخرى.
وماذا عن سلاح النفط؟

وتستطيع ايران استهداف منشآت نفطية في دول الخليج وتستطيع اغلاق مضيق هرمز الذي من خلاله يتم تصدير 17 مليون برميل يوميا او 30% من النفط المنقول بحريا في العالم هذه الخطوة لوحدها كفيلة بشل الاقتصاد العالمي وتعطيل تصدير النفط الايراني والعربي للعالم. فأميركا تعتمد على 25% من احتياجاتها النفطية من الشرق الأوسط وقد يرتفع سعر النفط من 110-115 دولار للبرميل الى 200 أو 250 دولار للبرميل على الأقل في الأمد القصير. وهذا السيناريو ليس سهل التطبيق لأن مجلس الأمن قد يصدر قرار الزاميا للحفاظ على بقاء ممرات الشحن البحري للنفط مفتوحة وهذا يستدعي بالضرورة تدخل القوى العالمية الكبرى لرصد هذه الممرات والتأكد من بقائها مفتوحة.

ايران هي ثاني اكبر منتج للنفط في الشرق الأوسط وتستحوذ على 10% من الاحتياط العالمي للنفط. ومن الجدير بالذكر ان بعض المراقبون للمشهد النفطي العالمي يعتقدون انه لا يوجد فائض في الامدادات بسبب الطلب المتزايد من جنوب شرق آسيا وان الدول المنتجة مثل السعودية والكويت تنتج اقصى ما تستطيع ونيجيريا تعاني من مشاكل العنف في منطقة الدلتا والنفط الروسي يعاني من بنية تحتية ضعيفة بحاجة الى ترميم وتأهيل والعراق لم تستطع حتى الآن من استعادة انتاج مستويات ما قبل غزو الكويت أوائل التسعينات من القرن الماضي وليبيا لا تزال غير قادرة على انتاج كميات ما قبل اندلاع الثورة الليبية التي اطاحت بحكم القذافي.

باختصار ونظريا استهداف منشأت ايران النووية عسكريا يبدو امرا سهلا ولكن عمليا سيكون امرا صعبا محفوفا بالمخاطر ولكنه ليس مستحيلا. اوذا تم ضرب ايران بالفعل على العالم ان يتحمل مسؤولية العواقب الوخيمة.


اعلامي عربي - لندن