لم يكن قيام اتحاد دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر 1971 بالمشروع السهل، فقد واجه المشروع عقبات كثيرة، وحاولت بريطانيا إجهاض هذا المشروع الوحدوي بشتى السبل خاصة وان إمارات الخليج كانت خاضعة لسيطرتها في ذلك الحين، لكن الله أراد لهذا المشروع أن يكتمل، وهيأ له زعيمين قلما يجود الزمان بمثلهما هما الشيخ زايد بن سلطان أل نهيان والشيخ راشد بن سعيد أل مكتوم طيب الله ثراهما، فقد بادر الشيخ زايد بالتوجه إلى دبي في الثامن من فبراير عام 1968 لبحث إمكانية قيام اتحاد ثنائي بين ابوظبي ودبي يكون نواة لاتحاد اشمل يضم كل إمارات الخليج العربي، ووجها الدعوة لحكام ما عرف quot;بالإمارات المتصالحةquot; وحاكمي قطر والبحرين للانضمام لهذا المشروع إيمانا منهم بأن مصيرهم واحد.

وبخطى متسارعة وفي الخامس والعشرين من فبراير، وقع حكام الإمارات التسع اتفاقا لإقامة اتحاد يضم أبو ظبي والبحرين ودبي وقطر وأم القيوين والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة وعجمان يحمل اسم quot;اتحاد الإمارات العربية المتحدة quot;، ثم بدأ بحث الجوانب القانونية التي تحكم هذا الكيان الجديد، ووضع الدستور المؤقت، والاتفاق على المقر الدائم وتم اختيار quot;الشيخ زايدquot; كأول رئيس للمجلس الأعلى في اجتماع عقد في أبو ظبي في السادس من يوليو من العام نفسه.

ومن بين العقبات التي واجهت المشروع الوحدوي، إعلان قطر والبحرين رغبتهما في الاستقلال الذاتي بعد جلاء البريطانيين عن منطقة الخليج عام 1971، غير أن ذلك لم يضعف من عزيمة quot;الشيخ زايدquot; وquot;الشيخ راشدquot;، فوجه الأول الدعوة لحكام الشارقة ورأس الخيمة في 28 يونيو 1971 وعقد مجلس quot;الإمارات المتصالحةquot; اجتماعا في دبي برئاسة الشيخ quot;صقر بن محمد القاسميquot; أسفر عن اتفاق لتكوين اتحاد جديد من الإمارات الست باستثناء رأس الخيمة، وأعلنوا ذلك في يوليو 1971، وفي الثاني من ديسمبر أعلنوا قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

واصل الشيخ زايد مساعيه لضم رأس الخيمة التي ربطت انضمامها بشروط من بينها إعلان الاتحاد مقاطعة إيران بسبب احتلالها الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وتمثيلها في الحكومة الاتحادية، وبعد ديسمبر 1971 تقدمت رأس الخيمة بطلب الانضمام وفي 10 فبراير 1972 تم قبولها ليكتمل كيان اتحاد الإمارات العربية المتحدة.

هذه اللمحة التاريخية قدمها بشكل ممتع جذاب نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي quot;الشيخ محمد بن راشدquot; في محاضرة من أروع ما سمعت في حياتي، كان حديثا من القلب لرجل عاش مع quot;زايد وراشدquot; هذه الأحداث، شعرت بمدى حب هذا القائد الفذ لأبناء شعبه، وهو يقص عليهم تاريخ نشأة الاتحاد والروابط الأسرية بين أل نهيان وال مكتوم خاصة وان كثيرين من هؤلاء الشباب ولدوا بعد ذلك في كنف الاتحاد.

الإمارات وهي تحتفل باليوم الوطني الأربعين، تسترجع عبقرية القائد زايد وراشد وهي تواصل بثقة واقتدار ما يسمى بمرحلة quot;التمكينquot; في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، تلك المرحلة التي أطلقها الشيخ quot;خليفة بن زايد آل نهيانquot; رئيس دولة الإمارات استكمالا لمرحلة اquot;لتأسيسquot; التي أنجزها الشيخ quot;زايد بن سلطان آل نهيانquot; طيب الله ثراه، لقد وصلت التنمية إلى مراحل متقدمة وها هو الاقتصاد الإماراتي يصل إلى مستويات عالمية ويمتلك كل مقومات المنافسة، وبلغ دخل الفرد في الإمارات نحو سبعة وثمانيين ألف دولار سنويا.

لقد جاءت عبقرية الإمارات من فكر رجال حولوا المستحيل إلى واقع، ها هي دبي الشامخة تضاهي بل تفوق نيويورك وطوكيو وسنغافورة وها هي أبو ظبي العاصمة عروس تتلألأ على شاطئ الخليج، فتحية إلى روح الشيخ quot;زايدquot; والشيخ quot;راشدquot;، إن من يعيش على ارض هذه البلاد يدرك أنه يعيش في الجنة، لقد قال لي الشيخ quot;محمود الطبلاويquot;، وكان احد ضيوف الشيخ quot;زايدquot; رحمه الله في شهر رمضان قبل نحو سبع سنوات حين سألته عن انطباعه عن دولة الإمارات quot; إنها جنة الله في أرضهquot;، تهنئة قلبية لرئيس دولة الإمارات الشيخ quot;خليفة بن زايدquot; ونائبه الشيخ quot;محمد بن راشدquot; اللذين يواصلان مسيرة البناء والعطاء بحب وإخلاص، والى حكام هذا البلد النموذج، والى شعب الإمارات الطيب، نهنئكم على أعظم تجربة وحدوية في عالمنا العربي.

إعلامي مصري