مطار المثنى مطار عسكري منذ زمن بعيد، عندما كانت بغداد محدودة المساحة لا يؤثر على سكانها ازيز الطائرات، وعندما توسعت بغداد واحيط المطار بالاحياء السكنية تحول الى مطار للنقل الداخلي، وجناح خاص لنقل مسئولي الدولة. وفي اواخر عقد تسعينات القرن الماضي تقرر بناء مدينة دينية على ارض المطار تحوي اكبر جامع في العالم الاسلامي يتسع لاكثر من 25 الف مصلي، مع مستلزماته الخدمية، وبناء جامعة اسلامية واحياء سكنية للاساتذة والعاملين في هذا المرفق الكبير، وتقام المدينة فوق بحيرة يغذيها نهر دجلة. واثناء حفر الركائز تفجر النفط، واوقف العمل في المشروع ريثما تتم معالجة الواقع الجديد، وبعد الاحتلال تحول المطار والمدينة الدينية تحت الانشاء الى سجن رهيب يفوق في سمعته السيئة سجن ابو غريب، حيث التعذيب بالعصي الكهربائية الكيبلات والاغتصاب. وهذه احدى سمات العهد الجديد في عراق الاحتلال الامريكي وحكومة المالكي.
مقدمة أجدها ضرورية لكي ادخل في موضوع نقل الاشرفيين الى هذا السجن الكبير في مطار المثنى سابقا، وفوق دعامات المدينة الدينية، التي كان من المؤمل ان تكون منارة لاشعاع الاسلام في كل العالم. اقول ان اصرار حكومة المالكي على هذا النقل القسري والى هذا المكان المحدد يعني ان يكون الاشرفيون تحت سوط جلادي قاسم سليماني قائد قوات القدس ومساعديه الذين ولغوا في دماء ابناء العراق من العلماء والاطباء والفنيين العسكريين والمدنيين وكبار ضباط الجيش العراقي الذي حله ( بريمر ) بقرار يرضي ملالي طهران.
قاسم سلمياني بات من الوجوه المعروفة على المستوى العالمي، وصار مطلوبا من المحكمة الامريكية لتورطه ضد الاشرفيين و محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن. هذا الرجل مهمته تصفية الاشرفيين بعيدا عن اعين وسائل الاعلام العالمية، بحيث تضيع دماءهم، كما يعتقد ان دماء العراقيين ستضيع وتسجل ضد مجهول.
سليماني ومعه السفير الايراني في بغداد يعملان على تحشيد بعض العراقيين ممن تغريهم الاموال والرشاوى المادية او الروحية، اي الانتماء الطائفي الاعمى. وهذا هو حال من وظفهم مكتب المالكي والسفير الايراني للرد على مقالات من يناصرون الاشرفيين، اي يناصرون حقوق الانسان في كل مكان بغض النظر عن الجنس او الدين او الطائفة او العرق.
اقول للاخوة الذين يتصدون للتعليق على مقالاتنا تعالوا نتحاور بعقل ومنطق، بعيدا عن التعصب الاعمى، بداية معظمنا وانا منهم لسنا ضد قومية في العالم اذا لم تعتد علينا او تضر بمصالحنا، وكذلك الحال بالنسبة للدين والطائفة والملة والعرق، لسنا ضد الفرس كقومية، انا ضد سياسة الملالي ( ولاية الفقية ) كسياسة وليس كمعتقد، فهذه السياسة اخذت تنال من البناء الهيكلي للبلدان العربية وبالذات الخليجية، لانه بناء يهم ابناء الامة وليس الحكام، فاية فتنة تشعل هنا او هناك تنال من المواطنيين اولا. اما مسألة التدخل في الشأن الداخلي للعراق، فكلنا مع وحدة العراق ومع سيادته واستقلاله، ولنسأل من الذي يهدد هذه السيادة والاستقلال؟ هل الذي يحذر من المخاطر المحدقة بالعراق، ام الذي يثلم السيادة ويدوس على استقلاله؟. يقول بعض كتبة رئيس الوزراء وفيلق القدس في كل تعليقاتهم: quot;انتم ايها الكتاب خذوا الاشرفيين الى بلادكم quot;، كلام وجيه، من الناحية الشخصية، ومخالف للاعراف والقوانيين الدولية، فالحكومات تلتزم بكل الاتفاقيات التي توقعها الحكومات التي سبقتها.او تجد حلولا مناسبة لا تتعارض مع الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تحمي المدنيين.
حكومتكم تريد تسليم الاشرفيين الى حكومة الملالي في طهران، والكل يعرف ان مصيرهم الاعدام، لانهم يعارضون سياسة ولاية الفقيه فقط، والكل يعرف ان خميني ومن ثم خامنئي قد صفيا كل من يعارضهم في الراي، وهذا كان مصير منتظري، وغيرة من الايات الذين هم اعلى درجة من خامنئي. اما الحل الثاني: فهو نقلهم قسرا الى مكان واحد بدون حماية دولية او تفريقهم في اماكن عدة ليسهل تصفيتهم بالسر، ومن المقرر ان ينقلوا قسرا الى سجن مطار المثنى سابقا، ويكونوا تحت امرة مكتب المالكي مباشرة، وتحت رحمة قاسم سلماني واعوانه.
السؤال هو، لماذا لا يقبل المالكي نقلهم الى بلدان اخرى تحت رعاية الامم المتحدة او القوات الامريكية، ويسلم ويّسلم العراق من هبات النقد التي ستلفح وجوه من لا يحترم القانون الدولي؟ لماذا يصر على تنفيذ رغبات الملالي في طهران المتعطشين للدم، اذ لايمر يوم الا ويتم اعدام اعداد من الوطنيين الايرانيين. يقول وزير خارجية العراق هوشيار زيباري quot; اننا لا نريد ازعاج جارنا ايران quot;. هذا قول يبدو دبلوماسيا، ولكنه رضوخ لارادة هذا الجار، ولتسألوا حكومة المالكي: ماذا قدمت لكم الجارة ايران تحت حكم الملالي؟ أليست هي التي تقصف الاراضي العراقية في الشمال؟ اليست هذه الارض عراقية وكردية معا؟ ام ان سكوت الحكومة المركزية وحكومة كردستان لان من تقصفهم المدفعية والطائرات هم من المعارضة الكردية؟
ألم تتجاوز قوات الملالي العسكرية على الاراضي العراقية في الفكه، وسيطرت على ابار النفط فيها؟. الم تحجز حكومة الملالي الانهر النابعة من ايران وتحول دون صبها في شط العرب حتى لا يصبح صالحا للملاحة، والمتضرر الوحيد هو العراق؟. الم تفتح حكومة الملالي المياه الاسنة على الاراضي العراقية في الجنوب، بحيث لوثت مياه الهور؟
ألم تقتل قوات القدس والمليشيات المدعومة من الملالي الوف العراقيين؟ قد تقولون هؤلاء هم من البعثيين او الصداميين، اليسوا هؤلاء من ابناء عمومتكم واقاربكم؟.انتم تقولون ما تقوله الحكومة، وتنادون باخراج الاشرفيين باية طريقة يريدها الملالي، الا تعيرون بالا او احتراما للاصوات العراقية التي تنادي بايجاد مخرج مشرف للازمة؟. الانباء تتحدث ان ( الامانة العامة لمجلس العشائر العراقية ) اصدرت بيانا حمل توقيع اكثر من مليون ونصف عراقي تاييدا للاشرفيين، وادانة للنقل القسري، وتفنيد الاكاذيب التي تصدرها جهات مسئولة في الحكومة، ومطالبة باشراف دولي على المخيم ريثما يتم نقل سكانه؟.
البيان وقعه 2317 شيخ عشيره. و7056 محامي وحقوقي. و5063 طبيب. و10297 مهندس. و1125 استاذ جامعي. و 2091 كاتب وصحفي. و516 رجل دين. و45 جمعية مدافعة عن حقوق الانسان ومنظمة مجتمع مدني. و 119 من المسئولين المحليين.و من ضمن الموقعين 375195 امراة. هل هؤلاء كلهم عملاء لمنظمة مجاهدي خلق؟ ام انهم عراقيون يدركون مصالح العراق الوطنية؟.
واذا كنتم تريدون بناء علاقات مع دول العالم تحقق مصالح العراق، اليس من المصلحة احترام الاصوات العالمية: مثل الاتحاد الاوروبي، والكونغرس الامريكي، والشخصيات العامة في العالم. كل هؤلاء لا يطلبون معجزة من حكومة المالكي، بل يطلبون تأجيل المهلة المقررة في نهاية العام الجاري، والسماح للامم المتحدة لتأخذ دورها في معالجة هذه القضية الانسانية. ام المهم عندكم ارضاء الملالي في طهران؟. انه منطق غير قويم بالنسبة لمصالح العراق في السيادة والاستقلال.
وبالختام فاني وبصفتي رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن اشرف، نحمل الحكومة الامريكية التي تنصلت عن دورها وواجبها الذي تعهدت به عندما تسلمت اسلحة الاشرفيين مقابل حمايتهم، كما نحمل الاتحاد الاوروبي المسئولية لانها لم تفعل شيئا جادا للتدخل بحزم لدى حكومة المالكي، انطلاقا من الاتفاقيات الدولية التي تدعي انها حاميتها.كما نحمل جامعة الدول العربية التي لم تتخذ موقفا في هذه القضية، في حين تتصدى للازمة السورية. انها مسئولية كل الشرفاء في العراق والوطن العربي والعالم الاسلامي والعام الحر، فهل تنتصر هذه الاطراف للانسان ولانسانيته؟
رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن اشرف
التعليقات