من جديد حكومة المالكي لا تتأخر أو تتكاسل أبدا في تقديم كل فروض الطاعة والولاء لملالي إيران، فقد بات علي علم تام أنهم وحدهم الأقدر علي حمايته سواء في وجود الأمريكان أو بعد رحيلهم. فأمركا التي زعمت يوما أنها القوة التي لا تباري، والإرادة التي لا تواجه، قد خارت علي ما بدا أمام ضربات وأفخاخ الملاليين، وسلّمت بأنها دفعت الثمن الباهظ الذي لم تكن تتوقع دفعه لولا إيران.
والقربان الجديد الذي يهم المالكي وحكومته بتقديمه للنظام الفاشي في إيران هو السكان الآمنين اللاجئين الهاربين بدمائهم خوفا عليها قبل أكثر من ثلاثة عقود في مخيم أشرف. يريد أن ينقل قسريا 3400 نفس بريئة من مساكنهم التي وهبها لهم العراق منذ ما زاد عن ثلاثين عاما، وأمّن حياتهم بما تفرضه كل القيم الإنسانية والأعراف الدولية، ومهما كلّفه ذلك من ثمن سيفعل أو هكذا يريد اللهم إلا إذا استيقظ ضمير العالم الذي يثبت أنه انتقائي في مواقفه وأن نبضه الحي يختفي إذا ما ظهرت المصلحة أو برزت الخسارة المادية..!
إنه لشئ مخزي أن تكون هذه القضية الآن مسار أخذ ورد، وهي القضية التي لا تحتمل، وخاصة وأننا أمام حكومة عراقية لا تحمل هم العراق ولا تأخذ بقيم الإسلام ومبادئه التي لا تسمح أن يتم السطو علي أنفس بريئة والتعدي عليها وتعذيبها نفسيا ومحاربتها وتهديدها والسعي لطردها من أرض لجأت إليها وأمنت فيها..!، أمام حكومة لا انسانية بالمرّة، وقد أمهلت بسطاء أشرف فترة لا تكفي ليتركوا الأرض التي عمّروها وعاشوا فيها وارتضوها. لا تكفي لأن يشعروا أنه ليس في نقلهم شرا مستطرا لهم خاصة مع حكومة كحكومة المالكي.
فهل تتخيلوا معي يا سادة أن ترسل السفارة العراقية الموقرة إلى قسم بروتكولات البرلمان الأروبي بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني لتقول laquo; أن الحکومة العراقية قررت إغلاق مخيم أشرف بحلول نهاية عام 2011raquo; وlaquo;ان الحكومة العراقية لا خيار لها سواء اخلاء المخيم بموجب مبدأ السيادة ونقل السكان إلى مخيمات أخرى في العراقraquo;.
أي سيادة تلك التي تتحدث عنها السفارة المحترمة في أوروبا..؟! أليست الأرض العراقية بأكملها مباحة للملاليين والأمريكان والصهاينة اليوم؟! هل يؤذي سكان مخيم أشرف الذين يتواجدوا علي أطراف حدود العراق سيادته؟! فماذا عن إيران وما تفعله في البصرة والنجف وشمال العراق.. ألا يؤذي سيادة العراق؟!
إن الأشرفيين كما أنا ليس لدينا ذرّة شك في أن هذا مخططا ملاليا الهدف منه إعادة إخراج وإنتاج الجريمة القديمة عام 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي، والتخلص من روح المقاومة والأمل الذي يزرعوه في قلوب وعقول الإيرانيين بغد يحمل لهم الحرية والإباء والرخاء والعدالة.
أما الدليل علي أن ما يراد بأشرف هو خطة مدبرة وممنهجة ومرتب لها من قبل هو ما جاء في صحيفة الزمان الدولية في 5 يناير/ كانون الثاني 2009 وفي لقاء جمع المالكي بخامنئي بطهران laquo;تعهد المالكي غلق ملف مجاهدي خلق عبر جدول زمني قريبraquo; كما وأن laquo; رئيس الوزراء العراقي طمأن خامنئي على أن العراق سيتولى غلق ملف منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة بشكل نهائي في خلال جدول زمني عبر اتصالات دولية لتدبير انتقالهم الى دولة ثالثة في أقرب فرصةraquo;. وفي 28 فبراير/ شباط 2009 وفي لقاء جمع الرئيس العراقي بخامنئي في طهران أذاع التلفزيون الحكومي للنظام الإيراني خبرا مفاده أن خامنئي طالب الرئيس العراقي ورئيس الوزراء العراقي بتفعيل التوافق الثنائي لطرد المجاهدين من العراق.
وهناك حزمة من الدلائل أيضا نذكر منها :
أنه في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 laquo;أكد رئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان الإيراني ضرورة طرد المجاهدين من العراق وشدد الطرف العراقي على تخلص بلده من وجودهمraquo; (وكالة laquo;مهرraquo; للأنباء التابعة للنظام الإيراني )، وفي لقاء بيوم 23مارس/ آذار 2009 جمع المالكي بمسؤولين أمريكيين في بغداد عرض المالكي خطة نقل سكان أشرف داخل العراق (صحيفة الغاردين 15 كانون الأول/ديسمبر2010). كما أن رسالة السفارة العراقية للبرلمان الأوروبي التي سبق وأشرنا إليها نبرز بوضوح أنها مملاة من النظام الإيراني ؛ حيث تقول هذه الرسالة :
- quot;إن وجود هذه المنظمة باية حال يثير المشاكل مع ايرانquot;.
- quot;إن وجود هذه المنظمة في العراق يعتبر تهديدا لأمن الدول المجاورةquot;
-ان quot;العراق، يريد بناء علاقات سلمية مع الدول المجاورة له (ايران)quot;.
-quot;ثمة شكاوى ضد أعضاء هذه المنظمة... وهناك عدد كبير منهم تم اصدار قرارات القبض عليهم عراقيا ودولياquot;
إن حكومة المالكي تدبر لسحق هذه الأنفس المقاومة وليس نقلها، ومن ثم لا يجب أن يقبل المجتمع الدولي بهذه المهزلة التي قد تودي بحياة المئات لأجل الإبقاء علي الملاليين الشيفونيين في السلطة، وإني لأرجو أن ينتبه الضمير العالمي قبل أن يستيقظ بفعل صدمة أو كارثة انسانية جديدة يصاب العالم الحرّ بها.
إن الأشرفيين لا ولن يأمنوا علي حياتهم داخل العراق إذا ما تقرر فعلا نقلهم قسرا من مخيمهم نهاية هذا العام، ولذا فإني أري ضرورة أن يفي ساسة الأمن والشؤون الخارجية والقادة ووزراء الخارجية الأوربيين بإنفاذ تعهداتهم القانونية بموجب المادة الأولى من الفقرة الثالثة لميثاق الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفقرات 138و 139 من الوثيقة النهائية لمسؤولية الحماية quot;RTOPquot; والتي تبنتها الأمم المتّحدة عام 2005 ووفقا للقرارات 1438 و 1500 و 2001 الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والتي قرّرت واجبات واطار عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).
وبناء على تأكيدات الخبراء القانونيين الدوليين البارزين، فان الولايات المتّحدة والأمم المتّحدة تتحملان المسؤولية عن حماية سكّان أشرف وهذا إلزام قانوني. فإن الصمت والتقاعس حيال النقل القسري لسكان أشرف يمهد الطريق لجريمة كبرى أخرى ضد الإنسانية يمكن التنبؤ بها في الوقت الحاضر وأن أي تماشي مع هذا النقل القسري يعتبر مساهمة في الجريمة.
ودعوتي في الختام.. احموهم أو اسحقوهم الخيار لضمائركم.