مصادقة اللجنة الفرعية التابعة للأمم المتحدة على القرار الثامن و الخمسين بخصوص إدانة إنتهاکات حقوق الانسان في إيران، وان جاء متأخرا، لکنه خطوة مهمة على الاتجاه الصحيح بالمضي قدما في سياسة دولية صارمة بسياق کشف کافة الممارسات و الاساليب اللاإنسانية و غير القانونية للنظام الديني الحاکم في طهران.

النظام الايراني الذي شيد على أنقاض نظرية استبدادية مشتقة من تفسير فردي خاطئ للنصوص الدينية، منح لنفسه تفويضا إلهيا مطلقا بممارسة کافة أنواع القمع و الکبت و الحرمان ليس بحق الشعب الايراني فقط وانما بحق شعوب المنطقة أيضا من خلال الزعم الکاذب و المزيف بخصوص أن مرشد النظام هو ولي أمر المسلمين، وان نظرة سريعة على الواقع الايراني و الانتهاکات الصارخة الجارية فيها لحقوق الانسان و الظلم الفاحش و المبين بحق المرأة، ولاسيما بخصوص مايجري في سجون النظام و أقبية أجهزته الامنية و دهاليزه السرية البعيدة عن أعين العالم کله من إنتهاکات فاضحة و غير محدودة لحقوق الانسان و کرامته، و ماتجري في اروقة محاکمه من محاکمات صورية تصدر على أساسها أحکام الاعدام و السجن على أناس جلهم من اولئك الذين يرفضون النظام او يسعون الى التمتع بحقوقهم و إمتيازاتهم الانسانية، کما ان تردي مستوى المعيشة في ظل هذا النظام القمعي قد تجاوز کل الحدود المألوفة و باتت غالبية شرائح الشعب الايراني تعاني من الفقر و الحرمان و تکتوي بنار إرتفاع الاسعار و التضخم الاقتصادي الناجم عن سياسة إقتصادية خاطئة من الاساس، في بلد غني يتمتع بثروات معدنية و طبيعية هائلة، کل هذا يمنح تصورا عن ان آخر الامر الوحيد الذي لايهم هذا النظام و لايأبه له هو حقوق الانسان و کرامته الانسانية و حقه في الحياة.

ان ارتفاع نسبة الادمان على المواد المخدرة و تزايد نسبة الجرائم الواقعة في مختلف أرجاء إيران، و کون 85% من الشعب الايراني(بحسب تخمينات سابقة، و ليس الوضع الوخيم الحالي)، يعيشون تحت خط الفقر، و ان بروز ظاهرة البغاء(الاضطراري)، من جراء شيوع الفقر و الحرمان في البلاد، قد بات هو الاخر يسدل بظلاله الداکنة على الواقع الاجتماعي المزري في إيران خصوصا وان ان أکثر من 250 ألف امرأة و بسبب من وخامة الاوضاع الاقتصادية و حالات الانفکاك الاسري يقمن ببيع أجسادهن في شوارع طهران فقط من دون المدن الاخرى، ان نظاما سياسيا يحدث کل هذه الامور في ظله و لايقدم على خطوة واحدة بإتجاه معالجة و حل هذه الازمات الخطيرة وانما يقوم بممارسة المزيد و المزيد من القمع و الاضطهاد بحق أبناء الشعب في سبيل ديمومة سلطته، فإنه يقدم الدليل و السبب الاوضح على أنه هو الذي يقف خلف کل هذه الظواهر السلبية و يشجع عليها لکي يضمن بقائه على دست الحکم.

الجنوح المفرط للتسلح و امتلاك اسلحة الدمار الشامل، و تغذية الشبکات الارهابية في مختلف أنحاء العالم، و تشجيع العنف الطائفي و تغذيته و الدعوة الى التفرقة الدينية، تميط اللثام بسهولة عن السبل و الاماکن التي يبذر فيها النظام الايراني بغير حق أموال الشعب الايراني المغلوب على أمره، وان الامم المتحدة عندما تتصدى لحقوق الانسان في إيران و تصدر قرارا بإدانة النظام الايراني، فإنها يجب أن لاتکتفي بذلك وانما تستمر بنفس السياق و تدين هذا النظام لعدوانيته و تغذيته و تشجيعه و تبنيه للإرهاب و کونه يشکل خطرا على الامن و الاستقرار في المنطقة و العالم، وان الادانة يجب ان تتطور الى حالة فرض العزلة المناسبة على هذا النظام و سحب الشرعية الدولية الممنوحة له ظلما، وان ذلك ماسيساعد الشعب الايراني و قواه السياسية الرافضة للنظام بالعمل الجدي من أجل تغيير النظام.

النظام الايراني الذي يتميز بسجلهquot;الفريدquot;من نوعه في الممارسات الاجرامية و اللاإنسانية بحق الشعب الايراني، هو من أقدم على مجزرة القرن من خلال تنفيذ حملة إعدامات بحق 120 ألف سجين سياسي في الثمانينيات من القرن الماضي و على مرأى و مسمع من المجتمع الدولي و بدم بارد، لهو نظام خارج التأريخ و القيم و الاعراف و المبادئ الانسانية وانه غير جدير بالبقاء ضمن الاسرة الدولية، بل واننا نوضح هنا، أن جرائم تلك الانظمة العربية الدکتاتورية المتهاوية قد لاتشکل شيئا فيما لو قورنت بالجرائم و الممارسات الفظيعة لهذا النظام، ويحق لنا أن نقول أن کل تلك الانظمة الدکتاتورية لاتشکل سوى فروعا من أصل إستبدادي قائم يتجلى في نظام ولاية الفقيه، ومن هنا، فلو منحت الاسرة الدولية إهتمامها بالاصل(نظام ولاية الفقيه)، من دون أن تترك الفروع، فإنها ستضمن أمنا و استقرار و سلاما حقيقيا في المنطقة و العالم، وهذه حقيقة ستنجلي بسقوط هذا النظام!