كعربي مسلم أشعر بالخجل والذنب من الوعي السياسي المشوه الذي كنت أحمله، ونظرتي الخاطئة للنضال البطولي الباسل لمسيحيي لبنان الذين دافعوا بشجاعة عن سيادة لبنان وإستقلاله. فقد كنت أردد أباطيل الإعلام العربي المفلس الذي كان يصف مسيحيي لبنان (( بالإنعزاليين، والمولالين للغرب واسرائيل )) الى آخر الإسطوانة العربية المعروفة. وكأن حق الدفاع عن النفس ممنوع على المسيحي ويجب عليه تسليم رقبته للذبح والإبادة الجماعية!

الآن عندما أعيد قراءة الأحداث.. أكتشف ان المسيحيين كانوا يمارسون حق الدفاع المشروع عن النفس وحماية وجودهم من الإلغاء والإبادة، وكانت جميع علاقاتهم مشروعة سياسيا بما فيها علاقتهم مع إسرائيل. فقد إجتمع ضدهم التحالف الفلسطيني السوري الإيراني، زائدا الفصائل اللبنانية، وامام هذا الخطر كل شيء يصبح مشروعا حتى لو كان التحالف مع إسرائيل.

لقد حافظوا المسيحيون اللبنانيون على ماتبقى من لبنان. وصمدوا بشجاعة وكانوا ومازالوا الصوت الوطني الأعلى الذي يدافع عن بلده، بإستثناء مجموعة منبوذة من المرتزقة لدى سوريا وايران إرتضت لنفسها خيانة الدم المسيحي!

ومن يعيد قراءة تاريخ الحرب الأهلية بعين منصفة وعادلة.. سيجد ان المناطق المسيحية كلها تعرضت لمخطط إبادة جماعية وتهجير ومحو من الخارطة. وسيرى كيف قاوم المسيحي ببسالة ودافع عن مصيره وشرفه وبلده، وسطر أروع قصص الكفاح والنضال.

ويخبرنا التاريخ ان المقاومة الحقيقية البطولية الشريفة.. هي المقاومة التي سطرها الشجاع المسيحيون ضد محاولات إبتلاع لبنان من قبل سوريا وإيران والفلسطينيين.

كان المسيحيون ومايزالون العنصر الابرز الذي أضاء مشعل الحضارة في المنطقة العربية، والجسر الذهبي للتلاقح الحضاري بين الشرق والغرب، وساهموا في إنتشار الفكر العلماني الليبرالي، والفن والأدب. فالمسيحيي اللبناني شمعة مضيئة في سماء الشرق المظلمة.

تنويه: أدين بشدة جريمة صبرا وشاتيلا ضد المدنيين أيا كان مرتكبها.

[email protected]