إستقلبت خبر إمتناع العراق عن التصويت لصالح قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا إنتصارا لثورة الشعب السوري المندلع منذ ثمانية أشهر، والتي ضحى خلالها الشعب السوري بدماء غزيرة في سبيل نيل حريته من طغمة دكتاتورية مستبدة تسلطت على رقاب هذا الشعب بإستغراب وإستهجان. وكدت أنفجرا غضبا على القيادة العراقية التي تمثلني بإعتباري فردا من هذا البلد الذي خرج من تحت نير العبودية والإستبداد الصدامي، لتخضعه اليوم شرذمة من السياسيين القريبين من يران، التي يبدو أنها هي التي تحكم اليوم العراق فعليا، وليس قادته من الحاكمين في المنطقة الخضراء التي زرتها مؤخرا وكأني بها ثكنة عسكرية في حالة حرب، فلا تمر مائة متر حتى يجردك حراس المالكي من ملابسك الداخلية تفتيشا وتدقيقا، مع أن المالكي عندما تشبث بالحكم وعض عليه بالنواجذ كان يبرر تشبثه بالحكم كونه منتخبا من الشعب، وها هو يقبع في المنطقة quot; الحمراء quot; وليس الخضراء في بغداد خائفا مذعورا من الخروج الى المدينة، رغم أن قوة إقليمية عظمى هي إيران تحميه كما تحمي عيونها، لأنه ليس كمثل المالكي وزبانيته من ينفذون سياساتها البغيضة في المنطقة، وإلا بأي معيار وطني أو قومي أو إنساني يعارض المالكي وحكومته ذلك القرار الصادر عن الجامعة العربية لصالح شعب يقتل منه يوميا العشرات في وضح النهار.
بأي منطق وتفكير سليم تجاهر الحكومة العراقية جهارا نهارا بدعمها للنظام الدكتاتوري الأسدي البعثي المستبد في سوريا، والمالكي وأعوانه كانوا من ضحايا هذا الحزب ونظامه الدكتاتوري وثاروا عليه في العراق، بل ويتحدون اليوم كل مفاهيم الإنسانية والقوانين الدولية المعارضة لمعاقبة جماعية للبعثيين ويحاولون إجتثاثهم ليس من وظائفهم في الحكومة التي يمنع القانون أية عقوبات سياسية بتهمة الإنتماء الحزبي، بل ويرغب المالكي وأعوانه حتى بإجتثاثهم عن أرض وطنهم، وقد تداعبهم الخيالات بقتل البعثيين وإبادتهم لولا خوفهم من ملاحقة محكمة العدل الدولية بجرائم ضد الانسانية.
بأي منطق وعقل سليم يساند المالكي وزبانيته من الوزراء والحلفاء والأعوان نظاما أوغل في دماء شعبه، وهو النظام الذي لم يتوان يوما ولا لحظة من تصدير الإرهابيين الى العراق طوال السنوات التي أعقبت سقوط النظام البعثي، حتى أصبح المالكي خائفا ومرعوبا من الخروج الى شوارع بغداد أو زيارة مدينة عراقية واحدة خوفا من العصابات المسلحة التي شكلها ودعمها النظام السوري، بل إستورد عناصرها من دول المغرب العربي ليرسلهم لقتل العراقيين رجالهم ونسائهم وحتى أطفالهم وهم يلعبون في الساحات بأيام العيد؟.أهذه هي غيرة المالكي وأعوانه على الشعب الذي طالما أدعى أنهم إنتخبوه ليحكم العراق؟.
بأي منطق وعقل سليم يخالف المالكي جميع المواثيق والأعراف والقوانين الدولية بدعم ومساندة نظام دكتاتوري ورئيس ظالم يحكم شعبه بالحديد والنار، لا لشيء سوى لتنفيذ أجندات إيرانية مشبوهة في المنطقة،فهل أن المالكي ما زال قيد الإقامة في إيران يشحذ من حكامها طعام يومه، ونسي أنه يقود العراق؟.
موقف الحكومة العراقية برئاسة المالكي من هذا الموضوع هو أقل ما يقال عنه هو موقف مخزي سيبقى لطخة عار في جبينه أولا، ثم في جبين حكومته، قبل أن تكون وصمة عار للدولة العراقية التي يقودها، والتي لم تعد تختلف كثيرا عن مواقف دول دكتاتورية التي ما زالت تدعم الدكتاتوريات في بعض دول العالم.فعن أية ديمقراطية في العراق يحق للمالكي وأعوانه أن يتفاخروا بها ويخدعون الشعب العراقي بشعاراتها.فهل أن رفضهم لقرار تعليق عضوية النظام السوري الدكتاتوري يعبر عن رغبة الشعوب العراقية التي ثارت ضد النظام الدكتاتوري البعثي المستبد في العراق، والتي مازال العراقيون يعانون من آثار خمس وثلاثين سنة من الطغيان البعثي، ومن جرائم القتل والإبادة الجماعية وتشريد الملايين حتى أصبحت بنات العراق يتاجرن بأجسادهن في بلدان الجوار والتي تشردن اليها بسبب جرائم الجماعات الإرهابية التي صدرها الى العراق النظام البعثي السوري، ونفس المعاناة تتكرر مع الشعب السوري منذ أربعين سنة بسبب النظام الدكتاتوري البعثي المستبد في سورية.
بهذا الموقف الجبان سيخسر الشعب العراقي أحد أقرب الشعوب الشقيقة له، كما سبق أن خسر الشعب الكويتي جراء مغامرة صدام حسين وحماقته وغروره وطيشه ضد الشعب الكويتي الشقيق.
إن رياح التغيير التي جاءت مع الحراك الشعبي والنهضة الجماهيرية التقدة بروح الإقدام والتضحية الجماعية لشعوب المنطقة للتخلص من الأنظمة الدكتاتورية المستبدة، قد هبت على شعوب المنطقة ولا تراجع عنها مهما غلت التضحيات وطالت المواجهات بين الشعوب المتعطشة للحرية وبين الأنظمة المتمسكة بكراسيها المهزوزة جراء سياساتها الإٍستبدادية الحمقاء، ولا بد أن تهب هذه الرياح وتنتقل الى إيران طال الزمن أو قصر، عندها إما أن يذهب المالكي وأعوانه للدفاع عن الطغمة الحاكمة هناك والقتال من أجلها، وإما أن يذهب هو وأعوانه الى مزبلة التاريخ نتيجة مواقفهم المخزية والمعيبة جدا تجاه حرية الشعوب ورغبتها بالخلاص من الدكتاتوريات، وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون.
والله من ورائهم محيط.
- آخر تحديث :
التعليقات