وقعت اشتباكات بالأيدي وتراشق بالبيض أمس الأربعاء بين متظاهرين من الجالية السورية في مصر ووفد هيئة التنسيق الوطنية القادم من دمشق، لمقابلة الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي.
وتقول الانباءquot; أن الجالية السورية منعت الوفد من دخول مقر الجامعة ما عدا حسن عبدالعظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطني لقوى لتغيير الديمقراطي الوطني، الذي طالب الجامعة العربية بإرسال مراقبين عرب ودوليين لحماية الشباب الثائر من القمع، مؤكدا أن الثورة السورية ثورة سلمية. ورفض عبدالعظيم اتهامات المعارضة السورية لوفده بأنه يمثل معارضة مهادنة للنظام تقوم بدور laquo;المحللraquo;، واصفا اتهامات المعارضة بالهراء، وأن سبب هجوم معارضة الخارج عليه أنهم يرفضون التدخل الأجنبي.
وحول موقفهم من الدعوة إلى تجميد عضوية سوريا الجامعة العربية، قال حسن عبدالعظيم: laquo;قبل التجميد نريد من الجامعة العربية أن تمارس دورها وقبل مجيئي للأمين العام التقيت بعشر سفراء، وحتى الصين وروسيا يطالبون بالتمسك بمبادرة الجامعة العربية، لكن هذه المبادرة إن لم تقترن بوسائل حماية للثورة والشباب سوف تكون خطرا على الثورةraquo;.
ولكون المحتجين هم كما قيل أيضا من انصار المجلس الوطني، فقد قام الدكتور برهان غليون محقا باصدار بيان عبر فيه عن أسفه لهذا الحادث، واعتبره أنه لايليق بالمجلس ولا بالثورة التي تدعو إلى احترام الرأي الآخر. وأكد على هذا الاعتداء لايمثل روحية الثورة، وان هنالك مناضلين تعرضوا لهذا الهجوم، قضوا حياتهم في السجون والملاحقات ومنهم الدكتور عبد العزيز الخير وميشيل كيلو..وإني إذ أؤيد موقف الدكتور برهان، وبوصفي مواطن سوري وعضو بالمجلس الوطني، اتمنى من الجميع التخلي عن هذه الاتهامات المتبادلة، والابتعاد عن أي سلوك أو خطاب تشبيحي، سواء كان سلوك المحتجين بالقاهرة أو بيان هيئة التنسيق بالمهجر، والاتهامات المتكررة للمجلس، الذي لم يدخل بأي معركة مع أي طرف من المعارضة السورية.
انطلاقا من هذا العرض السريع لموقف ناطقين لأكبر تجمعين للمعارضة السورية، وموقفهما مما حدث، فإننا نقارن موقف الدكتور برهان غليون بموقف السيد حسن عبد العظيم، الذي كال الاتهامات لكل معارضة الخارج، لكونها تقف وراء الموضوع لأنها مع التدخل الخارجي والهيئة ضد التدخل الخارجي. وهذا بالطبع غير صحيح، لأن نقطة الخلاف الأساس بين المجلس الوطني وبين هيئة التنسيق، له علاقة برؤية كل طرف لقضية الثورة ومطالبها، وبالتالي الخلاف حول الموقف من النظام الأسدي وقضية الحوار معه، وليس من قضية التدخل الخارجي،حيث بالوقت الذي حدثت الحادثة كانت برزة الدمشقية تودع تسع شهداء قضوا باطلاق النار عليهم من قبل شبيحة النظام، واعتقال العشرات.
وبالوقت الذي يطالب فيه الشارع الثائر على لسان المجلس برفع الغطاء السياسي عن العصابة الحاكمة نجد أن هيئة التنسيق تطالب الجامعة العربية بإبقاء هذا الغطاء السياسي، والذي هو شاء من شاء وأبى من أبى، يشكل استمرارا للغطاء على قتل شعبنا. واستغل هذه المناسبة غير السارة، لاتحدث قليلا عما يدور في ساحة المعارضة، واتحدث كما عودت القراء بكل وضوح وصراحة، فإذا كانت قوى الثورة في الشارع موحدة بمطالبها وأهدافها فإن المعارضة السورية ليست كذلك، المعارضة السورية بات فيها تشكيلين اساسيين، وكما قلت من قبل، هما المجلس الوطني السوري، والذي هو اقرب للشارع من جهة والاوسع تمثيلا في الداخل والخارج من جهة أخرى، وهيئة التنسيق الوطنية التي تعرض وفدها للهجوم بالقاهرة، وهذا الانقسام العمودي في صفوف المعارضة، هو خلاف سياسي بامتياز، خلاف كما قلت يتعلق بطريقة إدارة الازمة في سورية كما يقال بلغة تقارير مجموعة الازمات الدولية، والموقف من أطرافها ومن مطالبهم. هيئة التنسيق لاتزال حتى اللحظة تراهن على اتجاه عقلاني داخل النظام والعصابة الحاكمة، وتتعلق بأذيال الحوار، وتقوم برفض أي إجراء من شأنه رفع الشرعية عن هذا النظام. لهذا جماهير الشارع وأولياء الدم فيه، يرفضون موقف هيئة التنسيق جملة وتفصيلا، وإني إذ أؤمن بحق الاختلاف، واحترم أي موقف سياسي معلن ويتمتع بشفافية واضحة، إلا أنه بالمقابل على اصحاب هذا الموقف ألا يستمروا في نعت المختلفين بنعوت شتى!! وصلت إلى حد أن الطرف الآخر قد قبض نقودا جراء وقوفه مع مطالب الشارع، ورفضه الحوار مع النظام ومطالبته بحماية دولية للمدنيين، ورغم هذه الاتهامات للمجلس من بعض رموز هيئة التنسيق والتي لم يرد المجلس عليها، ولن يرد حرصا على وحدة المعارضة من جهة، وعدم الابتعاد عن معركة المجلس الاساسية مع النظام. إذا أؤكد باختصار أن الخلاف مع المجلس من قبل هيئة التنسيق هو خلاف سياسي.
فإنني أيضا بالمقابل انتقل للحديث عن المجلس، لجهة تأخره في إنتاج مؤسساته، والاعلان عن هيكيلته كاملة، لإنه خارج هيئة التنسيق أجد أن معظم من اختلف ويختلف مع المجلس ويهاجمه، هم من ذوي الياقات البيضاء، الذين لايقبلوا أن يكونوا إلا في المقاعد الأولى التي تظهر صورتهم بغض النظر عما تتطلبه هذه المقاعد من خبرات وكفاءات، لهذا إن الهجوم على المجلس من هذه الاطراف ليس له أي بعد سياسي، وإن حاول أن يغلف نفسه بذلك، خاصة لجهة مهاجمة الدكتور غليون والاخوان المسلمين والمكتب التنفيذي للمجلس، من أنهم إما يريدون الحوار مع النظام أو أنهم إقصائيون. الخلاف هذا مع المجلس خلاف شخصاني بالدرجة الأولى، وهذا لايعفي هذه الاطراف في المجلس من مسؤولية التقصير، ومن تأخرهم في طلب الحماية الدولية وفق البند السابع والعمل عليها حثيثا، وتأخرهم كما قلت في الاعلان عن المؤسسة وتركيبتها بشكل نهائي، وأعرف أيضا أن هنالك عوامل موضوعية في التأخير لا اتحدث عنها، ولكن أيضا هنالك عوامل ذاتية محدودة أيضا تتعلق بالشخصنة والحزبوية الضيقة، نريد التخلص منها، وبأسرع ما يمكن. وهذه مهمة الامانة العامة للمجلس والمكتب التنفيذي، من أجل التفرغ نهائيا للمهام الملقاة على عاتق هذا المجلس.
هذا هو وضع المعارضة، لايسر لكنه ليس سيئا للدرجة التي يتشدق بها أعداء شعبنا الذي يدفع الغالي والرخيص من أجل حريته ومن أجل سورية ديمقراطية. هيئة التنسيق أماكنها موجودة في المجلس، والمجلس لن يهاجمها كمؤسسة، كما يفعلون هم..لكن المجلس لم يخرج من عنق الزجاجة بعد. وعليه ذلك بأقصى سرعة ممكنة.
وعلى هيئة التنسيق أن تجيب عن سؤال طرحته عليها مرارا وتكرارا ما الذي عند النظام في قضية الحوار؟
في نهاية هذه العجالة أقول بصدق للدكتور عبد العزيز الخير عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية: عذرا رفيق أبو المجد...
غسان المفلح
التعليقات