بعد أحداث ماسبيرو الدامية نجح المجلس العسكري في خداع العالم، فرددت وكالات الأنباء العالمية في اليوم الأول خبر اعتداء الجيش علي المتظاهرين العزل على أنهquot; مصادمات بين الأقباط والجيشquot;، ولكن تحركات أقباط المهجر وتحركات نشطاء حقوق الإنسان في العالم أسفرت عن توصيل الصورة الحقيقية للإعلام العالمي ومن ثم للرأي العام العالمي، حتي أن محطة السي إن إن الإخبارية الأكبر والأشهر في العالم خصصت برنامج مطولاً ومفصلاً عن الأحداث، وأذاعت أفلام توضح دهس المدرعات للمتظاهرين وربطت بينها وبين دهس العربات المصفحة إبان ثورة يناير للمتظاهرين بل وتساءل مقدم البرنامج ما هو الفرق بين نظام مبارك والمجلس العسكري؟؟؟ وعندما كشف العالم حقيقة ما حدث كان رد الفعل العالمي قوياً جداً، فلأول مرة يصوت البرلمان الكندي علي قرار تصعيد الأمر للأمم المتحدة، تبعه البرلمان الأسترالي، وكان رد الإتحاد الأوربي أقل من حيث القوة ولكنه أكثر أهمية نظرا للثقل السياسي العالمي الذي يمثله الإتحاد الأوربي.

وعندما شعر المجلس العسكري بالخطر وأن العالم قد كشف حيله وأكاذيبه وبعد مرور أكثر من أسبوعين علي المذبحة قام المشير باستدعاء قداسة البابا للاجتماع به، بالرغم مرور خمسة عشرة يوما علي المذبحة!!! وفي ثاني يوم الاجتماع خرج علينا السيد أحمد كمال أبو المجد بتصريح غريب لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال فقد صرح الرجل أن قداسة البابا quot; يُرَجح مصلحة الوطن عن مصلحة الأقباطquot; يا إلهي يا لفظاعة هذا التصريح، ولكن قبل الخوض في التصريح دعونا نلقي الضوء علي السيد أبو المجد فهو الكاتب والمفكر الإسلامي وهو نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي استخدمه النظام لتضليل العالم في التغطية علي انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.

وبالعودة للتصريح الذي أذهل كل من أستمع إليه، وجاء بصيغة توحي للبعض علي غير الحقيقة أنه رأي قداسة البابا والبابا برئ من مثل هذا الكلام، دعونا نسأل السيد أبو المجد، ماهي مصلحة الوطن في قتل الأقباط العزل؟؟؟ وما هي مصلحة الوطن في دهس شباب الأقباط بمدرعات الجيش المصري في سابقة هي الأولي في تاريخ العسكرية المصرية؟؟؟ ما هي مصلحة الوطن في الاضطهاد المنظم الذي يمارس علي الأقباط في مصر يوميا وفي ظلم أبناء الوطن والاعتداء علي ممتلكاتهم وأرواحهم و في هدم كنائسهم واختطاف بناتهم وعدم تعيينهم في الوظائف المهمة والمناصب العليا؟؟؟

ما هي مصلحة الوطن يا سيد أبو المجد في عدم تقديم مرتكبي مذبحة ماسبيرو للمحاكمة؟؟؟ وما هي مصلحة الوطن في تقديم أبرياء أقباط للمحاكمة العسكرية وتلفيق التهم لهم؟؟ لدرجة أن احدهم تم تحريز سلاح ميري له عبارة عن رشاش متعدد يستحيل وجوده مع المدنيين، وما هي مصلحة الوطن في ترديد أكاذيب عبر التلفزيون الرسمي للدولة ومطالبة الجماهير بالنزول للدفاع عن الجيش وهي دعوة رسمية لحرب أهليه قد تأكل الأخضر واليابس ثم تمر هذه الرسالة التخريبية مرور الكرام فلا يعاقب ولا يحاسب من قاموا بها بل يستمروا في مناصبهم، وما هي مصلحة الوطن في القبض علي علاء عبد الفتاح وزملاءه النشطاء ومحاكمتهم أمام محاكم عسكرية لأنهم قالوا كلمة حق وكتبوا كلمة حق عن مذبحة ماسبيرو؟؟

لا أعتقد أبدا أن هناك مصالح للوطن في كل ما أشرت إليه، فمصلحة الوطن هي الحفاظ علي أبنائه وعلي أرواحهم وفي المساواة بين جميع أبنائه، مصلحة الوطن في تقديم الجناة وكل من أخطأ لمحاكمة عادلة، مصلحة الوطن هي عقاب المجرمين الذين قتلوا شباب مصر العزل والإفراج الفوري عن الأبرياء، ولأننا ندرك أن هذه هي المصلحة الحقيقية للوطن فلن نكل ولن نمل ولن نهدأ حتي تتم معاقبة المجرمين الذين تسببوا في مذبحة ماسبيرو، وإذا كانت العدالة في مصر مفقودة فمن حقنا البحث عن العدالة من خلال المجتمع الدولي وقريباً جداً سيقدم المجرمون الذين ارتكبوا مذبحة ماسبيرو للقضاء العادل وسيحاكمون بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.