التاريخ حافل بالمأثر والعبر والدروس، سواء كان التاريخ العربي او التاريخ العالمي، ومن يقرأ التاريخ يستنبط منه الكثير من الدروس، منها درس الصبر، ومنها درس الصمود، وعدم الاستكانة لرغبات الظالمين والمتجبرين.
عندما تظافرت الاحزاب وعزمت أمرها على مهاجمة المدينة المنورة، بهدف القضاء على الدعوة التي بشر بها الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم )،شاور الرسول اصحابة في كيفية مقاومة هذا الغزو الكافر، فاشار الصحابي الجليل سلمان الفارسي على الرسول بان يحفروا خندقا حول المدينة وبالذات في المناطق السهلة التي لايوجد فيها حواجز طبيعية تحول دون وصول قوات الاحزاب الى المدينة.
طال الحصار على الرسول واصحابه، وضرب الجوع والعطش مضربه فيهم، حتى ان الرسول كان يضع حجارة على بطنة ليحول دون قرقعة مصارينه التي تتضور جوعا، ودب اليأس في نفوس البعض ممن خارت قواهم من التعب والجوع والعطش،ولكن الرسول منحهم العزيمة عندما بشرهم بفتح قصور الروم وفارس والحبشة، وهكذا فان القائد الناجح هو الذي يصبر اولا ويستنهض العزيمة في نفوس ممن معه.
لا اريد ان استطرد في سوق الامثلة وهي كثيرة في التاريخ الانساني. ولكن معاناة الاشرفيين في مخيمهم الكائن في محافظة ديالى شمال شرق بغداد، صارت معاناة يضرب بها المثل، فمنذ سقوط بغداد عام 2003، تولت القوات الامريكية محاصرة المخيم بدعوى حمايته مقابل تسليم الاشرفيين سلاحهم الذي كان بحوزتهم.
وظل الحصار تحت مسمى الحماية حتى عام 2009، حيث اوكلت المهمة الى القوات العراقية، من الجيش الجديد، بعد حل الجيش العراقي بقرار من الامريكي بريمر، ومنذ ذاك العام بدأ الحصار الفعلي على الاشرفيين داخل مخيمهم المحاط باسلاك شائكة وتلال ترابية عالية، بحيث لا يمكن لاي فرد ان يخرج من المخيم الا من بوابات معلومة ومحددة، وتحت مراقبة قوات خاصة تتبع مكتب رئيس الوزراء المالكي، حصار يتبعه هجمات وقتل، فقد هاجمت هذه القوات بأوامر عليا من مكتب المالكي ومن نظام الملالي في طهران، سكان المخيم تحت حجج واهية لاتصمد امام الحقائق الدامغة، وقتل خلالها عشرات وجرح المئات من الاشرفيين العزل، الذين لا يطلبون غير العيش الامن فقط، بعيدا عن اذرع رجال مخابرات نظام الملالي (اطلاعات ).
تركزت مهمة رجال المخابرات الايرانية بشن حرب نفسية ضد سكان المخيم، بهدف كسر عزيمتهم، واجبارهم على الاستسلام والتخلي عن الانتماء الى منظمة مجاهدي خلق المعارضة لنظام الملالي، وبالمناسبة فان نظام الملالي يصفون مجاهدي خلق ب ( منظمة منافقي خلق )،والمنافق هو الذي ورد ذكره في القرأن الكريم في سورة البقرة، وهذا الوصف لا ينطبق على مجاهدي خلق، فهذه المنظمة واضحة في كلامها واضحة في اهدافها، لا تراوغ ولا تداهن، ولو كانت منافقة لهادنت نظام الملالي ونالت من المناصب والمواقع في الدولة الكثير. اما نظام الملالي فينطبق عليه سمة النفاق، يدعون صداقة العرب ويخدعونهم ويغدرونهم في الظهر، يدعون معاداة الغرب ويصفونهم بالاستكبار، وفي الوقت نفسة يتفاوضون معه.والامثلة عديدة على نفاق نظام الملالي.
سكان اشرف هم من تنظيمات مجاهدي خلق المعارضة لنظام الملالي، وهم لا يخفون هذا الانتماء، ولم يتنازلوا قيد شعرة عن المبادئ التي أمنوا بها. وكم حاول رجال المخابرات الايرانية كسر صمودهم ولكنهم باؤا بالفشل. وهم مستعدون للموت، وتكتب لهم الشهادة، على ان يستسلموا لنظام القهر والظلم والاستبداد.
كان الله في عون العبد، ما كان العبد في عون اخيه ونفسه، ولن يخذل الله عباده المؤمنين.
* رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن أشرف
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات