لا تظن أن أحزاب التحالف الديمقراطي بقيادة حزب quot;الحرية والعدالةquot; الجناح السياسي للإخوان المسلمين ستقر وثيقة quot;المبادئ الدستوريةquot; المليئة بالألغام المدسوسة في المادة التاسعة والعاشرة الخاصة بوضع الجيش في الدستور، المادة التاسعة المطروحة في الوثيقة تشير في الفقرة الأولى إلى أن الدولة هي التي تنشئ القوات المسلحة ومهمتها حماية البلاد والدفاع عن أمنها، وسلامة أراضيها، والحفاظ على وحدتها، وحماية الشرعية الدستورية، ولا يجوز لأي هيئة أو حزب أو جماعة إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية، ويختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالنظر فيما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة، ومناقشة بنود الميزانية، على أن تكون رقم واحد في بنود الدولة، كما يختص المجلس بالموافقة على أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل إصداره، ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب.
الأخوان يرفضون وثيقة quot;المبادئ الدستوريةquot; لأسباب مقنعة من الناحية القانونية، لكنها قد تخفي ورائها أجندتهم الخاصة، وربما تتقاطع هذه الأجندة مع مصالح مصر، وجماعات أخرى قد يكون لديها نوايا طيبة في النهوض بمصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، حزب الحرية والعدالة يبرر رفضه للوثيقة بأن الإعلان الدستوري الذي أجرى عليه الاستفتاء في مارس الماضي، واقره الشعب بنسبة 78% يحدد طريقة وضع الدستور الجديد، وهذه الطريقة المنصوص عليها في الإعلان الدستوري تنص على انه بعد إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى، يقوم الأعضاء المنتخبون باختيار لجنة من مئة شخصية تكلف بكتابة الدستور في مدة لا تتجاوز الستة أشهر من تاريخ تشكيل اللجنة.
مع ذلك لم يحدد الإعلان الدستوري طريقة اختيار أعضاء هذه اللجنة، وشكلها وتخصصات أصحابها، والجهات والقوى التي تمثلها، وما إذا كانت ستضم شخصيات برلمانية أو حزبية، وكيفية اختيار الخبراء والمفكرين وانتماءاتهم، الأمر الذي دفع كثيرين إلى المطالبة بفتح بحوار بين كافة القوى السياسية، وصولا إلى توافق مجتمعي حول معايير تشكيل هذه اللجنة، والاعتبارات المهنية الواجب مراعاتها عند كتابة الدستور، وهو ما دفع المجلس العسكري إلى تكليف الحكومة بدراسة ووضع ما عرف بوثيقة quot;المبادئ الدستوريةquot; لكن جماعة الإخوان رأت في ذلك الأمر مصادرة لحق الأعضاء المنتخبين في البرلمان، الذين كفل لهم الإعلان الدستوري حرية مطلقة في اختيار أعضاء هذه اللجنة، ويشعر الإخوان المسلمون أن إجراء حوار بشأن معايير تشكيل اللجنة، يفتح الباب للعلمانيين من اجل الانفراد بكتابة دستور علماني، فلم يفتحون الباب للعلمانيين ماداموا على يقين من أنهم سيفوزون بالأغلبية في البرلمان المقبل بما يمكنهم من الانفراد بتشكيل لجنة صياغة الدستور؟.
وإذا كان quot;المجلس العسكريquot; يريد أن يحكم مصر من وراء ستار، كما هو واضح من المادة التاسعة في وثيقة المبادئ الدستورية، ويضع نفسه فوق القانون بعدم جواز إخضاع المؤسسة العسكرية لأي نوع من المساءلة وعدم إخضاع ميزانيتها لأي رقابة وهي التي توافق على إعلان الحرب، والسماح لها بالتدخل في أي وقت لحماية الشرعية الدستورية، وكأنها هي القوة الوطنية الوحيدة المنزهة عن كل نقص، وإذا كان quot;الإخوان المسلمونquot; يريدون الاستئثار بالكعكة كلها، وكأنهم وكلاء الله على الأرض، فكيف السبيل للنهوض ببلد لا يزال في طور النقاهة، بعد استئصال ورم خبيث عاني منه لأكثر من خمسة عقود.
لا اعتقد أنكم في حاجة للإجابة على هذا السؤال، وحين يضع الجميع مصلحة مصر فوق كل اعتبار، وفوق كل الأجندات الخاصة، هنا فقط يمكن أن تتضح الرؤية، وتنقشع الغيوم.
إعلامي مصري
- آخر تحديث :
التعليقات