عندما أعلن الکورد في العراق بخيارهم الفيدرالي، هبت دول المنطقة قبل الشعب العراقي لإعلان رفضها المبرم لهذا الخيار و حتى وصل الامر بدول و أوساط سياسية الى حد إتهام الکورد بالاعداد لمؤامرة(امبريالية صهيونية)، وان الکورد صاروا بمثابة حصان طروادة لتجزئة و تفتيت العراق.
الفيدرالية التي طرحها الکورد، شککت مختلف الاوساط العراقية بها و إعتبرتها مشروعا مقلقا و باعثا على التوجس و الريبة، والحق لم يکن من السهل على الکورد المضي قدما في مشروعهم السياسي من دون کسب تإييد و دعم أطراف عراقية من الشيعة و السنة العرب بصورة خاصة، لکن، وکما توضحت الصورة خلال الاعوام الماضية، فإنه(مع تإييد شيعي خجول)، لم يجرؤ طرف عراقي على دعم و تإييد الفيدرالية کمشروع لحل و معالجة القضية العراقية.
ولانعلن سرا إذا قلنا بأن الاطراف العربية السنية العراقية کانت من أشد الاطراف معارضة و مخالفة لمسألة الفيدرالية، بل وان هذه الاطراف کانت السباقة لإتهام الکورد بأنهم و من خلال تمسکهم و دعوتهم للفيدرالية فإنهم يمهدون لتقسيم و تفتيت العراق، ومع ان قادة الکورد قد أکدوا مرارا و تکرارا من أنهم لايريدون الانفصال عن العراق، بل وان الامر قد وصل الى حد أن الرئيس جلال الطالباني قد صرح بأن الدولة الکوردية (حلم للمثقفين) و لاجود له على أرض الواقع، لکن تصريح الطالباني هذا لم يشفع للکورد أمام المد الشوفيني العروبي، ولأجل ذلك فقد أصرت الاطراف السنية العربية على تمسکها بموقفها و جارتها و ماشتها أطراف شيعية عربية، بل وان أطراف و شخصيات شيعية عراقيةquot;محددةquot; قد بالغت و تطرفت في رفضها للفيدرالية و سعت لإتهام الکورد ضمنا بالعمالة لإسرائيل و امريکا، لکن الکورد.
وفي خضم تلك العواصف الهوجاء، لم يستکينوا او يستسلموا للأمر الواقع وانما ظلوا متمسکين بخيارهم في الفيدرالية، و يقينا أن النجاح الکبير الذي حققه الکورد في مجالي الامن و الاقتصاد قد دفعت مختلف الاطراف السياسية العراقية(والسنية منها على وجه الخصوص) لإعادة النظر في مواقفها ولاسيما وان صيحات الاحتجاج و الرفض قد تعالت بين الاوساط الشعبية (السنية و الشيعية)، التي رأت في مسألة معارضة الفيدرالية بأنها تضد و تعارض مصالحها الحيوية، ومن هنا، فقد کان من الطبيعي و البديهي أن تبادر محافظة صلاح الدين و من بعدها محافظة الأنبار الى دعوتها للأقلمة (أي الفيدرالية)، بل وان موقفي هاتين المحافظتين قد فاجئتا العالم برمته، ومع أن أطرافا معينة حاولت تفسير مسعى المحافظتين وفق نظرية المؤامرة، لکن ذلك لم يلق ترحابا و قبولا من جانب معظم اوساط المراقبين و المحللين السياسيين، والحقيقة أن الجميع(سنة و شيعة)، قد أدرکوا في النهاية أن الکورد قد حصلوا على إمتيازات و مکاسب کبيرة من وراء تسمکهم بالفيدرالية، ولأجل ذلك فقد إنتهى المطاف بالقوى السياسية العراقية السنية و الشيعية الى الى الاقرار بأن أقلمة العراق هو الحل الوحيد للمشکلة العراقية.
التعليقات