أدري، تمام الدراية، مدى الصعوبة الفاحشة التي تكتنف نظرية مثل النظرية النسبية التي أرهقت العلماء قبل المفكرين، والتي أجادت فيها جهلاً شخصيات لم تدرك منها إلا العناوين الخاطئة وعلى أمتداد العالم وسيما المنطقة العربية، فكانت، بحق، من أقوى النظريات التي، وعلى غرار فلسفة هيجل، مهدت السبيل لتلقفها بصورة مغلوطة كلياُ، خاصة وإن صاحبها، آلبرت آينشتاين، ما كان فيلسوفاُ، إنما هو فيزيائي بارع، فلم يتماد في التفسير والأسهاب، وأعتقد إن المعادلات الرياضية مستكفية بنفسها، وهي في الحقيقة كذلك، شريطة أدراكها في فيزيائتها الفعلية.
إن النظرية النسبية ndash; العامة، والخاصة ndash; تحتسب من النظريات الفيزيائية التي من المستحسن أن ندقق في التعابير المستخدمة، وأن ندرك جوهر كل معطية فيها حسبما هي وألا نحاول أن نقدم أمثلة قد تتنافى مع حقيقة وفعل تلك النظرية، كما فعل العلامة مصطفى محمود الذي هدر كافة قيم النظرية النسبية من خلال أمثلة لايقرها المنطق ولا العقل ولا آينشتاين، نذكر منها ونقتبس من مؤلفه ndash; آينشتاين والنظرية النسبية ndash; ص 8 وما بعدها:
( فالعسل في فمنا حلو ونحن نتلذذ به ونلحسه لحساُ ونمصمصه بلساننا، ولكن هنالك دودة معينة لها رأي مختلف تماما في العسل بدليل أنها لاتقربه ولا تذوقه. الحلاوة إذن لايمكن أن تكون صفة مطلقة موضوعية في العسل، إنما هي صفة نسبية إلى أعضاء التذوق في لساننا ).
ويستطرد ( وأحيانا نرى اشياء لاوجود لها، فبعض النجوم التي نراها بالتلسكوب في أعماق السماء تبعد عنا بمقدار 500 مليون سنة ضوئية، أي أن الضوء المنبعث منها يحتاج إلى 500 مليون سنة ضوئية ليصل إلى عيوننا، وبالتالي فالضوء الذي نلمحه هو ضوء خرج منها منذ هذا العدد الهائل من السنين، فنحن لانراها في الحقيقة، إنما نرى ماضيها السحيق الموغل في القدم).
إن هذه الأمثلة، رغم صحتها كمفاهيم خاصة بها، لاتمت إلى النظرية النسبية لا من قريب ولا من بعيد، فتلك النظرية تعتمد على محورين أثنين، المحور الأول: هو ثبات سرعة الضوء في الفضاء الخارجي ndash; دون الزجاج، أو الماء.. ألخ ndash; والتي تقدر ب 300 ألف كم في الثانية، وهو الثابت الوحيد في الكون حسب آينشتاين. المحور الثاني: هو نسبية الحركة في الكون ضمن فاعلية السرعة في تحديد مفهومي الزمان والمكان اللذان، هما في الحقيقة بعدان مندمجان وليسا منفصلين، فالكون، حسب آينشتاين، هو ذا أبعاد أربعة، الأبعاد المكانية الثلاثة والبعد الزمني. ويحدد آينشتاين فحوى نسبية الحركة ndash; ومن هنا مسمى النظرية النسبية ndash; بالمقارنة مع نقطة مرجعية، أو مرصد معين، أو جهة ثابتة، تكشف لنا أبعاد هذه الحركة قيد البحث والدرس، فلا توجد حركة هكذا عامة مجردة مطلقة دون أن نعين بالضبط راصدها وكاشفها ومراقبها..
وقبل أن نسجل ملاحظاتنا على مفاد السرعة والضوء وعلاقة هذا الأخير بما سمي بالأثير، أحبذ أن أسجل الحيثيات التالية التي بدونها أخشى أن نتحدث في فراغ لاطائل منه ولا جدوى معرفي:
الحيثية الأولى : المسألة، هنا، فيزيائية بحتة، لاتعتمد على تساوقات المنطق أو العقل إلا بحدود ما تسمح به تلك الفيزيائية، فحينما نتحدث عن مسألة أنكسار الضوء أو نقطة التجمد 273 الفرنهاتية والتي تمثل الحد الأعظم لمفهوم التجمد، فلأن الفيزياء هي التي حددت هذه القضية بهذا الشكل الخاص، فلا علاقة لأحد به، لا من قريب ولا من بعيد، وهي تفرض نفسها على ndash; منطقنا وعقلنا ndash; بهذه الصورة، ولا نستطيع التحرر أو التمرد عليها، وليس أمامنا سوى قبولها وإيجاد أو الحصول على التفسير ndash; المنطقي العقلي ndash; لها، لنتجاوز خصوصياتها بقصد أدراك الظاهر الفيزيائية المتعلقة بها أو المركبة عنها وبها.
الحيثية الثانية : لايجوز بالمطلق مقارنة مفهوم الفيزيائية بفحوى التجربة التي ليست إلا وضعاُ خاصاُ، أو رؤية معينة، أو حتى حال أفتراضية، أو البحث عن حالة، لكن فيزيائية الكون هي التي تبت نهائياُ وقطعياُ لماذا الكون هو على هذه الشاكلة وليس على شاكلة أخرى..
الحيثية الثالثة : إن فيزيائية الكون تقود كيميائيته ورياضياتيته، فما تسمح به في مجال خاص ndash; الأرض مثلاُ ndash; قد لاتسمح به أطلاقاُ في مجال آخر ndash; الكون مثلاٌ -. لذلك فإن المعادلات الرياضية الصحيحة نسبياُ في المجال الأول قد لاتكون كذلك بالمرة في المجال الثاني، وكذلك أطروحات الكيمياء..
الحيثية الرابعة : حينما يؤكد آينشتاين أن الفضاء له أبعاد أربعة، فهو بالتأكيد يعني ويقصد تماماُ إنه يحتضن تلك الأبعاد بنيوياُ، أي من الداخل وليس من الخارج، ليتم الكشف عنها من خلال الحركة وعنصرها الأساسي وهو السرعة. فالحركة لايخلقها خلقاُ، إنما يبرزها ويحدد خصوصياتها تطابقاُ مع مفهوم السرعة، أي نستطيع التأكيد أن لكل حركة وسرعة أبعادها الخاصة بها في الزمن والطول ( ثم الكتلة )، فكلما أقتربت سرعة الجسم المتحرك من سرعة الضوء، كلما تباطأ زمنه، وأنكمش طوله، وأزدادت كتلته..
الحيثية الخامسة : أعتماداُ على الحيثية الرابعة، ومن جانب مغاير، كما لايجوز فصل العرض عن الطول أو عن الأرتفاع فلا يمكن فصلها عن الزمن أو العكس، وهذا ما يفضي بنا إلى نتائج في غاية الأهمية، نذكر فقط، إن المعادلة الرياضية : المسافة هي حاصل ضرب السرعة في الزمن ليست إلا أضحوكة فيزيائية يمكن تطبيقها فقط في حدود المجال الأنساني الخاص وفي العمليات الحسابية، أما في المجال الكوني فلا قيمة لهذه المعادلة على الأطلاق، لأن السرعة تنشىء المسافة الزمنية المناسبة بها والمواكبة لها..
وإذا ما أتضحت هذه الحيثيات، فلنحدد عدة مسائل أساسية في النظرية النسبية. المسألة الأولى : حقيقة أشكالية مفهوم الأثير التي أزعجت الكل على حد سواء، والتي على أثرها أستنبط آينشتاين أن سرعة الضوء ثابتة في الفضاء الخارجي. المسألة الثانية : هل نحن، أم أنتم، أم آينشتاين هو الذي يحدد نقطة المرجعية بالنسبة لأي حركة، أم إن الحركة، أي حركة كانت، محددة بنقطة مرجعية لاعلاقة للإرادة أو الرغبة أو الأفتراض بها من الشيء، لأنها ينبغي أن تفسر، هنا، كظاهرة فيزيائية وليس كمفهوم تجربة أفتراضية. المسألة الثالثة : من يحدد منطوق التحولات في الجسم الذي يتحرك بسرعة خيالية أم عادية، هل يحددها النقطة المرجعية المسؤولة عنها، أم أي نقطة نعينها نحن، يعينها آينشتاين، وهذا ما سيفضي بنا إلى إقامة الفرق ما بين الظاهرة الفيزيائية الأصلية، والظاهرة الفيزيائية المرتبطة ndash; إن وجدت -..
لنوضح ذلك على ضوء مجريات الوقائع : أعتقد العلماء في القرن التاسع عشر، أن الضوء، لكي ينتشر، بحاجة إلى مجال خاص به، يغلف الكرة الأرضية على الأقل، وسموه بالأثير، وقام كل من ميكلسون، ومورلي بصورة أنفرادية بتجربة تؤكد هذا الخصوص أو تنفيه، وكانت النتيجة صاعقة بالنسبة لهما، إذ تأكدا إن الضوء ينتشر كما لو أن الأثير غير موجود. لذا قام العالمان في عام 1887 بنشر هذه النتيجة التي حسبها : إن الضوء لاتتغير سرعته، سواء أنطلق بأتجاه دوران حركة الكرة الأرضية أم بعكس هذا الدوران، لأنهما توقعا أن تتغير هذه السرعة، زيادة أو نقصاناُ، بمقدار سرعة 30 كم / ثا، سرعة الكرة الأرضية.
هذا، وفي عام 1905، أعلن ألبرت آينشتاين نظريته النسبية الخاصة، زاعماُ إن سرعة الضوء ثابتة بالمطلق وهي لاتتأثر بسرعة المصدر الذي يطلقه أو يستقبله. وهنا نعتقد إن التجربة صحيحة بدون جدل، وإن النتائج قد تكون كذلك، نحن لاندري بها لأن المسألة فيزيائية بحتة، لكن كان تفكير العلماء في التحليل الأولي على جانب كبير من الخطأ، ومن الأستغراب.
ضمن المختبر الواحد، ثمت قاعدة فيزيائية لاتخترق ndash; بضم التاء ndash; وهي لاتقل شرفاُ وأهمية عن قاعدة ثبات سرعة الضوء، وهي إن السرعات الداخلية مستقلة تماماُ عن سرعة ذلك المختبر الذي وكأنه، من نفس تلك الزاوية، ثابت لايتحرك. فكل جسم يتحرك على الكرة الأرضية مثلاُ، سرعته، وفي أي أتجاه تحرك، مستقلة عن سرعة الكرة الأرضية. وهذه القاعدة الفيزيائية ينبغي أن تكون جلية واضحة في الآتي:
أولاُ : ينبغي أن ندرك أنتماء الجسم المتحرك لمرجعيته الأكيدة، وليس لمرجعية أفتراضية أو نقطة رصد أو مراقبة ( كما توهم آينشتاين وغيره )، فالقطار الذي يمخر عباب السماء ما بين الرياض ودمشق مختبره هو الكرة الأرضية فقط، وما يتحرك داخل هذا القطار مختبره هو القطار نفسه، وليس له أي علاقة فيزيائية، من زاوية حركته، مع الكرة الأرضية. وإذا كانت هنالك سيارة تسير، في أي أتجاه كان، داخل ذلك القطار، فإن مرجعيتها كسيارة هي ذلك القطار، أما ما يتحرك ضمن السيارة فمرجعيته تلك السيارة، وتنتفي مع القطار أو الكرة الأرضية، ولايجوز بالمرة أن نفترض نقطة رصد أم مراقبة على الأرض لتفسير تلك الظاهرة الفيزيائية. لكن أن نود حساب أمر ما، فتلك مسألة أخرى كما سنرى مباشرة.
ثانياُ : إن العلاقة ما بين الجسم المتحرك ومرجعيته هي فيزيائية بحته، أما العلاقة ما بين جسمين متحركين في نفس المختبر، هي من حيث الأصالة حسابية فقط، بمفاد إن خاصية الكون أو الطبيعة لاتحدد نوعية الإيجابة على السؤال المفترض الذي يجاب عليه بأرقام وآلية حسابية أو هندسية لاعلاقة للمختبر أي دور في تفسيرها...
لننتقل إلى الحيثية السادسة : لتبيين المسألة الحسابية عن المسألة الفيزيائية، نضرب هذا المثل، فحينما نود أن نعرف متى يلتقي قطاران، أحدهما قادم من القاهرة بأتجاه بيروت وبسرعة 120 كم / سا، والثاني ينطلق في نفس الوقت من بيروت بأتجاه القاهرة بسرعة 100 كم / سا. فهذه مسألة حسابية صرفة ولا علاقة للفيزيائية بها ولا بأي شكل من الأشكال، إلا اللهم في لحظة اللقاء نجمت ظاهرة فيزيائية جديدة، فسنكون عندها إزاء فيزيائية عناصرها مختلفة تماماٌ عن فيزيائية الأصلية، أي بمحتوى ( ولنتابع )..
وإذا ما بزغت فيزيائية ما بينهما ( والأحتمال ضعيف ) عندئذ ستكون على صعيد مغاير للأصل وتبعي في شروط محددة واضحة، لذلك قلنا ينبغي أن نمايز ما بين الظاهرة الفيزيائية الأصلية، والظاهرة الفيزيائية المرتبطة التي قد تحدث أو لاتحدث لكنها، وفي المطلق، غير ناجمة عن العلاقة ما بين الجسم المتحرك ومرجعيته، وهذا هو المبتغى والمرام..
ثالثاُ : في العلاقة ما بين راصد على الأرض، وسيارة تتحرك ضمن ذلك القطار، لايمكن أن تكون فيزيائية بالمرة، إنما هي فقط حسابية تعتمد على مفاهيم المنطق الشكلي الصوري..
رابعاُ : في الطبيعة يتحرك الجسم ضمن مختبره الذي يتحرك بدوره ضمن مختبره الخاص به الذي يتحرك بدوره داخل المختبر الرابع، وهكذا دواليك إلى ما لانعرف، دون أن تنهد تلك القاعدة الفيزيائية بالمرة. ( أشخاص داخل تلك السيارة، ضمن القطار، على الكرة الأرضية، ضمن المجموعة الشمسية، داخل مجرتها ( درب التبانة وهكذا دواليك إلى ما لا نعرف.. )..
لنر تداعيات ذلك من خلال بعض الأمثلة بقصد التوضيح والشرح المواكب، كتب الدكتور عبد المحسن صالح، في مؤلفه ndash; الأنسان والنسبية والكون ndash; ص 29 ما يلي ( لو تحرك قطار بالنسبة للأرض أو للواقف على الأرض بسرعة 50 ميلاُ / سا، ورصاصة تنطلق في داخل العربة وفي عكس أتجاه سير القطار بسرعة 200 ميل / سا، عندئذ ستبدو وكأنها فقدت شيئاً من سرعتها ولو أستطاع أن يسجل سرعتها بالنسبة له أو للأرض لوجدها 150 ميلاُ / سا، في حين لو أنطلقت الرصاصة في داخل العربة وإلى الأمام فإن الراصد الأرضي يسجل لها 250 ميلاٌ / سا )..
الآن أتضحت لنا مهزلة المنطق في هذه الحالة الأفتراضية التي هي مسألة حسابية بأمتياز ولا دخل للفيزياء ولا للنظرية النسيبة بها على الأطلاق. فالنظرية النسبية محدودة بالعلاقة ما بين السرعة و- الطول والزمن والكتلة ndash; ونتائجها. علاوة على ذلك، ثمت أمر في غاية الخطورة، فحينما نقول إن السرعة في الحال الأولى 150 كم / سا، وفي الحال الثانية 250 كم / سا، فأننا في الحقيقة نفترض ndash; أطلاقية المكان والزمان ndash; وهذا من أبشع ما يمكن أن نتصوره، سيما ونحن نتحدث عن النظرية النسبية..
لننتقل إلى الحيثية السابعة : في هذا المثال بالذات، لايسمح لنا أن نرتكب الخطأ القاتل في المصادرة على المقدمة الأصلية، فلكل علاقة فيزيائية ما بين الجسم المتحرك ومرجعيته، زمنها وطولها وكتلتها، وآنما ندمج ما بين مختبرين، أو جسمين متحركين في مختبر واحد، فأننا ندمج ما بين زمنين مختلفين، طولين مختلفين، كتلتين مخنلفتين..
لنتابع، يستطرد الدكتور في ص 32 ( لنفرض أن زيداُ يركب قطاراُ ينطلق بسرعة 80 ميلاُ / سا، بالنسبة للأرض، ومن الأتجاه المضاد يأتي عبيد في قطار ينطلق بسرعة 120 ميل / سا بالنسبة للأرض، والسؤال الآن، ما هي سرعة زيد بالنسبة لعبيد؟ كلاهما سيسجل للآخر سرعة 200 ميل / سا.. )..
طبعاُ، هذه مهزلة من نوع آخر وتحتوي على تناقضين، إضافة إلى ما ذكرناه سابقاُ من مآخذ، التناقض الأول : عندما نحول السرعة فيما بينهما إلى سرعة واحدة فأننا ندمج ما بين جسمين خطأ، لأننا في الفعل نلغي منطوق المختبر ndash; المرجع، وهذا من أبشع ما نرتكبه، وكأن السرعة بحد ذاتها تغدو مطلقة خارج مفهوم الفيزيائية، وهذا ما لايسمح به آينشتاين ولا النظرية النسبية. التناقض الثاني : في مفهوم النسبية، هل أنكماش الطول وتباطؤ الزمن هما في العلاقة ما بين الجسم المتحرك ومختبره، أم في العلاقة ما بين جسمين متحركين ضمن مختبر واحد !!. أي هل الجسم المتحرك يخضع لمحتوى النظرية النسبية لأنه يتحرك بسرعة هائلة بالنسبة لمرجعيته الأصلية، أم أنه يخضع لمحتواها لأن الفرق ما بين ndash; السرعتين الوهميتين ndash; ( خارج المرجعية ) هائل جداُ !!!.. فلو صحت الحال الثانية، لدلت على أن النظرية النسبية ليست بنيوية وبالتالي هي خادعة في الجانب الفيزيائي، ولدلت على أن ndash; الزمان والطول والكتلة ndash; لاتشترك فعلياُ في تداعيات حيثياتها الخاصة.. وبما أن العكس هو الصحيح، والنظرية النسبية بنيوية، فأن الطول ينكمش والزمن يتباطأ لأن الجسم يتحرك بالنسبة لمختبره ndash; مرجعيته.
لنتابع، ويردف الدكتور في ص 33 ( لدينا مركبتين، أحداهما تنطلق بسرعة 80 ألف ميل / ثا، والثانية تقبل عليها بسرعة 120 ألف ميل / ثا، حينئذ ستكون سرعة كل سفينة بالنسبة للأخرى 200 ألف ميل / ثا، وفي هذه الحالة ستكون السرعة النسبية أكبر من سرعة الضوء بحوالي 14 ألف ميل / ثا. لكن في الواقع هذه السرعة هي 155 ألف ميل / ثا وهذا مرده إلى تباطؤ الزمن ).
في الحقيقة، هذه مهزلة المهازل، فإضافة إلى كل ما ذكرناه سابقاُ، ثمت تناقضين جديدين، الأول : هل تباطؤ الزمن يحدث في الحركتين بصورة أنفرادية متناسب مع سرعة كل منهما على حدة أم عند الجمع ما بين السرعتين !! ففي الحال الأولى ليس هناك أي داع لطرح المسألة من الأساس. وفي الحال الثانية : متى يحدث التباطؤ، هل من لحظة الأنطلاق، أم في لحظات اللقاء، أم في لحظات ما بعد اللقاء، وهل يدرك كل جسم أنه سوف، وهما على مسافة زمنية هائلة، يلتقي بالجسم الآخر. وبالمناسبة إذا كنا نجمع السرعتين والجسمين مقبلين على بعضهما، فماذا نفعل فيما بعد اللقاء !! ثم، وهذا هو الأغرب، التناقض الثاني : هل تباطؤ الزمن يقلل من محتوى السرعة! أليس هذا قتلاُ وتحطيماُ لمحتوى النظرية النسبية !! فعن أي زمن نتحدث، أليس الزمن بهكذا تصور هو ضائع مفقود وبالتالي يفرغ السرعة حتى من محتواها الفيزيائي الطبيعي!
في الحقيقة، وخارج إطار ما ذكرناه، ثمت أشكالية كبرى تتعلق بمبدأ ثبات الضوء نفسه، ووددت أن أسأل آينشتاين حول مسألة فعلية وليست أفتراضية كالأمثلة السابقة، لأنها تتحقق في كل لحظة : آينشتاين يؤكد إن الضوء ثابت كوني وسرعته 300 ألف كم / ثا، والآن، وفي هذا الكون، ماذا لو أنطلقت حزمة ضوئية بأتجاه ما، ثم أنطلقت حزمة ضوئية أخرى من مكان آخر بنفس أتجاه الحزمة الضوئية الأخرى، فما الذي سيحدث لو ألتقيتا بعد مسافة زمنية، في حيز فضائي ما!
- آخر تحديث :
التعليقات