قال طارق عزيز مرة، عقب شروع القيادة الکوردية في اقامة ادارتها الذاتية في کوردستان بمأى عن الحکومة المرکزية في اعقاب حرب الکويت و تداعياتها اللاحقة، بان الزعامات الکوردية هي زعامات عشائرية و قروية غير مۆهلة لادارة مۆسسات دولة. لکن السنوات اللاحقة اثبتت عکس ذلك لما شهده الاقليم من نجاحات باهرة على کل الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والامنية. لکن ما يشهده الاقليم هذه الايام بسبب ازمة رئاسة اقليم کوردستان وتداعياتها الحالية والمرتقبة وما تحمل معها من نذر شوٶم حول مستقبل تجربة الاقليم، تعيد ولو لوهلة الى الاذهان ما قاله طارق عزيز فيما اذا کان هناك شيء من الصحة فيما قاله عن الزعامات الکوردية، فيما اذا مضوا قدما في تعنتهم في عدم تفضيل مصلحة الشعب والوطن على مصالحهم الخاصة!

في مقال سابق لي على صفحة ايلاف تحت عنوان "مشکلة رئاسة اقليم کوردستان والحکمة المطلوبة" تطلعت الى ان افضل الحلول للازمة يمکن ان يتجلى في اتفاق بين الاطراف الکوردية على بقاء الرئيس بارزاني رئيسا شرفيا وان تعطى صلاحياته للبرلمان الکوردستاني. لکن المحادثات الماراتونية بين الاطراف الکوردية اظهرت للاسف عدم امکانية تحقيق ذلك لاسباب باتت معروفة. اذن ما العمل الان؟ هل يعقل ان تبقى الاطراف عند مواقفها وان يبقى الحبل على الجرار في انتظار غرق المرکب بمن فيه ؟ لا اعتقد بان هناك وطنيا کورديا يقبل بذلك.&

لست هنا لادعي الحکمة والدراية أکثر من الاطراف المباشرة حول حل او حلول ممکنة للخروج من هذه الازمة، لکن خوفي على مستقبل تجربة شعبنا من استفحالها الى ما لايحمد عقباه يجعلي کمواطن من هذا الوطن ان اعطي تصورا او مقترحا للحل.

انا ارى انه لم يعد بمقدورالسيد مسعود البارزاني ان يکون رئيسا لاقليم کوردستان على الاقل في ضوء ما الت اليها تطورات ما بعد انتهاء ولايته کرئيس. وليس القصد هنا اهليته کرئيس بل انه من الصعب عليه من الان وصاعدا ان يکون رئيسا لشعب منقسم على نفسه بين مۆيد ومعارض له. لکن الحل يمکن ان يکون في الذهاب الى انتخابات حول رئاسة الاقليم حيث ستکون هناك فرصة سانحة له للفوز برئاسة الاقليم.&

اجراء انتخابات رئاسية في اقليم کوردستان ليس بالامر المستحيل، وان الصعوبات الاجرائية والعملياتية لا يجب ان تکون عائقا امام هکذا شأن مصيري. لکن الاهم من هذا وذاك هو ان يتفق الفرقاء الکورد مبدئيا على الذهاب الى الانتخابات، وعلى ان يتفقوا على اختيار شخصية وطنينة محايدة کرئيس للمرحلة الانتقالية لغاية انتخاب الرئيس الجديد من قبل الشعب مباشرة.

انا ارى في الدکتور محمود عثمان الشخصية الکوردية الاصلح ليکون رئيسا للمرحلة الانتقالية کون الرجل هو الاکثرخبرة ودراية بالوضع السياسي الکوردي والاقدم في العمل فيه، حيث عمل لعقود في الصف الاول في قيادة الحرکة التحررية الکوردية، وکان المستشارالاقرب لقائده مصطفي البارزاني لسنين عديدة. ولم يتورط الدکتور محمود عثمان يوما في الخلافات الداخلية الکوردية ولم يعرف له ملف فساد لغاية الان. ولا شك بان هناك رجالات کورد آخرون کثرقادرون على القيام بالمهمة. لکن ما هو حاسم اليوم، لا بل و ملحا اکثر من اي وقت مضى هو ان تقتنع الاطراف الکوردية على ما هو الافضل للشعب والوطن، لا للزعامات والاحزاب، وبعکس ذلك سنکون مجبرون في النهاية بالقبول بما قاله طارق عزيز.

&

[email protected]