ضحايا شاحنة الموت:&
احتضنت مقبرة (تل سيوان ـ كَردي سيوان) بمدينة السليمانية جثامين الشباب الاربعة الذين لقوا حتفهم اختناقا في شاحنة نمساوية أثناء نقلهم على الطريق السريع بين هنغاريا والنمسا لدى محاولتهم الهجرة إلى أوروبا، هربا من إستمرار الأوضاع المأساوية في اقليم كردستان , وقد وصلت جثامين الشباب المغدورين مساء يوم السبت 21 / 9 إلى مدينة السليمانية، وتم تسليمها الى ذويهم.&
ان هذه الحادثة الصادمة والأليمة لم تكن الوحيدة، وليست الأولى ولا الأخيرة , بل هي بداية مأساة جديدة مرتبطة بازمة الهجرة غير الشرعية في العراق , حيث شهدت محافظات اقليم كردستان في الاونة الاخيرة كباقي محافظات العراق الاخرى ,هجرة آلاف الشباب من فئات وشرائح اجتماعية مختلفة وخاصة ( من اصحابِ الشهادات العلمية والجامعية ) يحملون أرواحهم على (راحة) أيديهم و يسيرون نحو مستقبل مجهول للبحث عن فرص عمل والاستقرار والحياة الكريمة.&
&لقد أسهم ارتفاع معدلات البطالة وإتساع رقعة الفقر وانعدام فرص العمل خاصة بين( الخريجين والشباب) , وانتشار افة المحسوبية والمنسوبية والتزكية الحزبية التي تنخر في بنيان المجتمع الكردستاني , و تغلغل أذرع ( الاخطبوط الحزبي ) إلى جميع مفاصل الحياة وتفاقم الفساد المالي والاداري والقضائي في اقليم كردستان, اسهم في تحفيز رغبة الهجرة للكثيرين ممن ضاقت بهم سبل العيش بكرامة والرخاء والعدل , إضافة الى اسباب عديدة اخرى مرتبطة اساسا بتفاقم الصراع والنزاع الحزبي على السلطة بين الاحزاب والقوى الكردية.&
ومع تطورات الاحداث على الساحة المحلية والاقليمية والدولية , يحذر المراقبون والخبراء ,من مخاطر زيادة الهجرة غير الشرعية وخاصة بين فئة الشباب وحملة الشهادات الجامعية، لكونها تؤثر على مستقبل البلاد، وعليه يطالبون الجهات المعنية بضرورة وضع الخطط الكفيلة باستقطاب الطاقات الشبابية, والتحرك الجدي و العاجل باتخاذ قرارات رصينة تكفل للمواطنين وبأﻻخص فئة الشباب العيش الكريم وتوفير الظروف الملائمة التي يبحثون عنها في المجهول عبر رحلات العذاب والموت والضياع والاختناق داخل الشاحنات والغرق في البحر خلال رحلتهم للوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
ومن سخرية القدر اعلنت حكومة الإقليم (استعدادها ) لإعادة (الدفعة الثانية ) من جثامين ضحايا ( شاحنة الموت ) , إلى جانب( تكفّلها) بكل مصاريف نقل الجثامين الى ذويهم خلال الايام القادمة بعد ان تعرفت الجهات المختصة لحد الان على( 16 ) من ضحايا الحادث، وهم من سكان إقليم كردستان.&
كل ماورد اعلاه يقودنا مباشرة إلى طرح بعض التساؤلات الملحة منها:
&ما جدوى العمل من اجل اعادة جثامين ضحايا (شاحنة الموت) ,في حين لا تزال رحلات العذاب والموت والضياع والاختناق داخل الشاحنات والغرق في البحر مستمرة و تزداد يوما بعد يوم؟&
متى تنتبه حكومة الاقليم وتعمل جاهدا من اجل تحسين ظروف الشباب المعيشية والحياتية والاقتصادية , و محاربة الفساد وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية صارمة بعد تضاؤل فرص العمل امام الشباب الكردستاني, بالاضافة الى ضرورة إفساح المجال أمام الشباب للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية ورسم السياسات المستقبلية للاقليم؟ متى تعي حكومة الإقليم خطورة تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتعمل مع الجهات ذات الصلة للوقوف على الاسباب التي تدفع الشباب للهجرة بحثأ عن وطن بديل؟&
متى تعي حكومة اقليم كردستان خطورة المرحلة ومسؤوليتها الوطنية تجاه المجتمع وتلبي مطالب الشعب الانية والواضحة والمشروعة والتي لايجوز ان يكون ثمة ابطاء في تنفيذها؟ من يستفيد في افراغ كردستان من طاقاتها المستقبلية؟&
اختم مقالتي بمقولة الكاتب الصحفي المصري الخالد ( جلال عامر ) في هذا الجانب قد تختصر كل المعاني وهي : إذا أردت أن تضيع شعباً اشغله بغياب الأنبوبة وغياب البنزين، ثم غيِّب عقله واخلط السياسة بالاقتصاد بالدين بالرياضة.&
التعليقات